هروب (قصة قصيرة) توفيق جميعان

تابعنا على:   01:07 2017-10-05

تغازل أنفاسه رائحة التراب المبلول من تلك التربة الحنونة التي لم يتوقع أن تدار رحى الأقدار هناك لتلتهم سني عمره بعجلة وتكون موطأ لمعركته الخاسره. حرب ضروس حَمي وطيسها بأفكاره بين أن ينتفض لما تبقى من حياته ويعلن الرحيل أو يموت ويتعفن بين أكداس مذكراته وكتاباته المركونه في زوايا النسيان ولم تنكشف مكنوناتها يوما إلا أمام عينيه فقط.

أعلن قلمه الهزيمه كيف حدث هذا لايعلم لربما بلحظات وهن أُربكت ذاكرته، حمل همومه على أكتافه وطاف بلاد الله الواسعه ليستقر بأحدى المدن مجهولا كسائح غريب قضى عمره يصارع هاجس الفشل الذي امتزج بأفكاره.

شموخه يثير اعجابي ولم يثير شفقتي بإنكساره ووحدته فكان مكابراً لايلين، لايطأطأ هامته العاليه لمذلةٍ أو عطف.

لمفاصل حياته فراغات فاغره أفواهها يحشوها بالمزيد من الكتابات ومن قصاصات خواطره حيث كان يسكب عليها من روحه لتصبح سوية كالآخرين ومشرقه كشعاع منبثق من تحت خفاياها.

كان وجهه يتوارى بخجل عن نظراتي المحرجة الثاقبه له ربما لخشيته أن أعيده لماضٍ تخدشه ذكريات مؤلمة إلى ماضٍ هرب منه ليُنقذ باقي سنواته المعدوده.

وهو على صراع من أمره هذا اكتسحه عشق فتاة جميلة في ربيع عمرها كانت تتابعه بصمت، ظهرت بقوة في حياته فأعادت إليه أحلام زاهية وتوردت في ربوعه الخضراء ورود جميلة، بدأ بترميم ما أتلفه الدهر بكيانه من دمار استباح كل أجزاء بدنه، أُغرم بحبها حيث أحبها حب خمسيني بشهية رجل محروم ذاق العذاب والوحدة حينا من الدهر ولم يصدق أن السعادة فاجأته بحزمه واحده فانتعشت ذاكرته وعاد قلمه كبلبل طليق يغرد من جديد ويمجد لهذا الحب الذي انتشله من العدم.

اخر الأخبار