اعتداء غاشم على مقهى ليوان الثقافي ..!

تابعنا على:   02:11 2017-10-19

شاكر فريد حسن

الاعتداء الذي جرى قبل أيام على مقهى ليوان الثقافي ، الواقع في السوق البلدي والمدينة القديمة في الناصرة ، أثناء تقديم الأديبة نسب أديب حسين مداخلتها حول تجربتها الأدبية ، وعن مدينة القدس الجريحة ، التي تئن تحت عذاب وطوق الاحتلال ، هذا الاعتداء بلا شك هو اعتداء غاشم وهمجي بكل المعاني والمقاييس ، وتجاوز لكل الخطوط الحمراء .

وان دل هذا الاعتداء على شيء فيدل على عقلية ظلامية داعشية منغلقة متوحشة مريضة ، وهو جزء من نهج عنيف وعقيم ، ومن أشد الظواهر والأوبئة خطورة على مجتمعنا ، الذي ينافح رغم ظروفه القهرية الاستثنائية من اجل صيانة هويته الفكرية والثقافية .

ويأتي هذا الاعتداء بهدف زعزعة أركان وأسس المجتمع النصراوي ، وبث الفتنة وزرع الوسواس الخناس ، في وقت تجري فيه محاولات حثيثة من اجل انعاش الحركة التجارية وبعث الحياة الثقافية في سوق الناصرة القديم العريق .

مجتمعنا العربي الفلسطيني هو كباقي المجتمعات المدنية الحضارية والعصرية يحتاج للتنوع الفكري ،  والتعددية السياسية والثقافية ،  والرؤى المختلفة والأراء المتباينة ، وللنهج الديمقراطي الذي يضمن حرية التفكير ، وحرية التعبير ، وحرية الرأي ، وحرية النشاط الثقافي والسياسي .

ولذلك هنالك ضوء أحمر من خطورة هذا الفكر الظلامي التكفيري ، الذي تغلغل الى جسد مجتمعنا ، ومن نهج الوصاية  والعنف والارهاب الفكري والترهيب الاجتماعي ، لفئة ضالة ومضللة ، متخلفة ومنحرفة ، تريد فرض أفكارها ووصايتها  بقوة السلاح والرصاص ، وقمع حرية الآخرين بالحديد والنار ، وفرض سيطرتها ورؤاها وتوجهاتها ومعتقداتها وفكرها على أناس يمارسون حقهم الديمقراطي بحرية التعبير ، وحرية النشاط والعمل الثقافي ، وحرية التصرف والسلوك .

يجب النظر بخطورة الى هذه الممارسات والسلوكيات الارهابية والقمعية ، وكل المحاولات لمنع الانشطة الثقافية المختلطة ، والامسيات الثقافية والفنية ، مثلما جرى من منع لامسية فنية في كفر قرع للفنانة الملتزمة أمل مرقس ، ومنع معرض فني للرسامة التشكيلية ماريا  قعدان ، والاعتداءات المتكررة على المقاهي والعروض الثقافية والمسرحية ، وهذا الاعتداء هو الاعتداء الثاني على مقهى ليوان ، الذي يسعى الى الاسهام في تنشيط الحراك الثقافي ، بتنظيم واقامة لقاءات حوارية وأماسي ثقافية وأدبية دورية ، وكل ذلك في سبيل تقدم وازدهار وتطوير مجتمعنا وشعبنا ، اجتماعياً وثقافياً ووطنياً وحضارياً .

ان الرد على هذا الاعتداء هو بتعزيز الحالة الثقافية في مجتمعنا ، التي تؤثر في الوعي الجمعي ، وتشكل مساهمة في النهضة العلمية والثقافية والحفاظ على هوية شعبنا الوطنية والقومية والانسانية والحضارية .

انني أضم صوتي الى كل الأصوات المستنكرة والمنددة والرافضة لهذا الاعتداء العنيف ، البعيد عن أخلاق وقيم مجتمعنا الفلسطيني ، ويهدد حياتنا الاجتماعية والسلم الاهلي ، ومن شأنه أن يشعل فتيل الفتنة ، ويحرق الأخضر واليابس .

هنالك حاجة وضرورة للوقوف والتضامن مع مقهى ليوان الثقافي واستنكار الاعتداء عليه ، والدفاع عنه في ممارسة حقه باقامة الندوات الثقافية والأمسيات الفية والتراثية ، ومعاً على درب وحدتنا الثقافية لاجل ارساء مجتمع تعددي متنوع الآراء والمعتقدات والمذاهب الفكرية والايديولوجية ، بعيداً عن العنف اياً كان نوعه ، فالمستقبل دائماً وأبداً لفكر التقدم والحرية والتنوير والتعددية .

اخر الأخبار