احذروا انتقام نفايات البلاستيك

تابعنا على:   13:55 2017-10-19

توفيق أبوشومر

في غزة كارثة مؤجلة، وهي تدمير الحياة البيئية المحيطة بمليوني ساكن، لا أحد يسأل عن أشهر صناعة في غزة، وأكثرها رواجا، وهي صناعة أكياس البلاستيك، متعددة الأشكال والألوان، هذه الصناعة المزدهرة في زمن الركود الاقتصادي مؤشر على أن المراحل الأخيرة لخنق غزة وإعدامها قد اقتربت بالفعل.

مَن يتابع استهلاك البائعين، وسكان غزة، لأكياس القمامة البلاستيكية يتيقَّن بأن فاجعة التلوث استوطنتْ أجسادنا، وأصبحنا ندفع الثمن، في أشكالٍ عدة، في انتشار الأمراض، وازدهار صناعة الطب والدواء، واستيراد أجهزة فلترة المياه، وفلترة الهواء وتبريده!

أبلغني أحدُهم بأنه عثر على بقايا كيسٍ بلاستيكي في معدة خروفٍ جرى ذبحه،  ابتلعه مع الطعام، كانت البقايا تلتف حول أمعاء الخروف المذبوح.

أما عن عربات بيع المواد الغذائية المنتشرة في كل أزقة غزة، فهي تستهلك كميات كبيرة من أكياس البلاستيك السامة.

ليس الخطرُ فقط في أنَّ  جدائلَ البلاستيك تلوِّثُ تربتنا، بل إن الخطر الأسوأ

هو حرقُ مجمعات النفايات، المملوءة بالبلاستيك.

 أبلغني أحدُ المختصين في البيئة بأن هذا الحرق سُمٌّ ناقع، وسببٌ رئيس لكلِّ أشكال الأمراض! فالغار الناتج، الدايوكسن، سبب رئيس لكل الأمراض، واستنشاق هذا الغاز يؤدي إلى  تسمم الرئتين، ومرض الجهاز الهضمي، ونشر السرطان، والحساسية.

إن خطر الأكياس البلاستيكية يستمر إلى سنواتٍ طويلة، لأنها لا تتحلل في البيئة، بل تبقى مئات السنوات.

إن الخنق والموت لا يطارد سكان غزة فقط، بل إنه يضع رقبة بحرهم في المقصلة أيضا، فشاطئ البحر مملوءٌ بنفايات البلاستيك، وكذلك البحر نفسه!

أدركتْ دولُ العالم خطورة هذه القضية على مستقبل أبنائها، فأصدرتْ دولٌ كثيرة تشريعاتٍ قانونيةً لحماية الحياة من هجوم البلاستيك، وشرَّعت قوانينَ، تُلزم محلات بيع الغذاء والكساء بأن تستعمل أكياسا صديقة للبيئة، كالقماش، أو الورق، أو غيرها مما يتحلل في البيئة المحيطة، ولا يُخلف أضرارا.

إنَّ شُح الكهرباء في غزة أيضا جعل غزة تتصدر دول العالم أيضا في نفايات البطاريات المدفونة في باطن الأرض، حيث تتسرب بقايا البطاريات السامة إلى المياه الجوفية، فتُكمل صورة القتل والانتحار للأجيال القادمة!

تفتخر، دولة النرويج، بأنها  قلّلتْ نسبة استهلاك البلاستيك، بنسبة 70% في عام 2010 ، بسبب فرض قوانين صارمة على استهلاكها.

كذلك فعلت إسرائيل، في عام 2016 عندما فرضتْ على صناعة أكياس البلاستيك ضريبة، ومنعتْ توزيعها مجانا،

كذلك الحال استحدثت دولٌ عديدة صناعة  إعادة تدوير البلاستيك.

ومِن أبرز الجهود المثمرة التي ثبتتْ نجاعتُها، هي تدريس الطلابِ مساقاتٍ في التوعية البيئية، وجعل هذا المساق مُقررا رئيسا في المدارس والمعاهد والجامعات.

ويتفرع من الموضوع نفسه، تشجيع مراكز وجمعيات البيئة، لغرض التوعية الأسرية، وإعداد الأبحاث والدراسات عن أثر هذه الكارثة على مستقبل أبنائنا، وقياس مستوى التلوث في كل مكان!

أخيرا، لا حديث عن التقدم والرقي، في ظلِّ بيئة تُعاني من الاختناق، ولا مكان للدول التي تُنفق على الدواء أضعاف ما تنفقه على التعليم والتثقيف.

لا يجب أن ينحصرَ نضالُنا الفلسطيني، ضد الاحتلال، والفقر، والحصار، ولكنه نضالٌ حياتي، ينبغي أن يشمل كافة مجالات الحياة، وعلى رأسها البيئة.

تذكروا دائما:

"التاريخُ لم يُسجِّل يوما، أن المرضى نجحوا في هزيمة الأصحاء الأقوياء!!

اخر الأخبار