قراءة في كتاب شهرزاد ما زالت تروي "هدى عثمان أبو غوش"

تابعنا على:   02:27 2017-10-22

لأنه ليس شهريار الظلم والاستعباد، لأنه صاحب الحرف اليقظ المنير المتعطش للحريّة والمساواة، فإنه يرى أن يحتفل بالثامن من آذار على طريقته، وفي محاولته للإحتفاء بتاء التأنيث ونون النسوة، التي منذ اخترعت اللغة صار للغة والفكر انحياز جمالي خاص كما يقول، فإنه يقدم كتابه المميّز المخصص لإبداعات الكاتبات في مجموعة مقالات يحمل عنوان "شهرزاد ما زالت تروي"إنه الكاتب الشاعر الفلسطيني فراس حج محمد .

يُقسم الكاتب الكتاب إلى ثلاثة فصول، فالفصل الأول يُفسر من هي شخصيّة شهرزاد وعلاقتها بشهريار، ويتساءل عن شهرزاد اليوم، هل أخذت حقها في الإنصاف؟ ويدحض فكرة أن المرأة في الجاهلية كانت مسلوبة الإرادة، ويعلّل ذلك بعدة أسباب بأنها كانت عنصرا إيجابيّا لها رأيها السيّاسي والإجتماعي، ويتطرق حول مفاهيم الأُسرة في ظل حضارة رأسماليّة، حيث أصبح المجتمع يسير خلف مفاهيم جديدة للأُسرة وأصبح الفرد يربي ذاته من خلال مشاهداته فقط، فأصبحت الأُمومة والأُبوة حراسة ليليّة .

ويُفسّر لماذا يتوجب على الرجل الإهتمام بالمرأة، ويُثني على أهميتها فيستحضر أمثلة من الدّين وكتب المبدعين.

أمّا في الفصل الثاني فإنه يُكرّس عدة مقالات للتطرق إلى أُسلوب وفكر الكاتبة من خلال عرض إحدى الكتب لها، وتحليله لمجموعة قصائد وكتاب ما .

واللافت للنظر أن الكاتب يعرض عدة كتب ذات ميّزة وأهمية أدبيّة، وقد اخترت للتحدث بايجاز بعرض بعض أرائه حول الكاتبة والكتاب.

من خلال طرحه للكتب المختلفة رأيت توحُد المواضيع التي تنصب حول فلسفة الذات والحريّة، وتسليطه الضوء على عناوين الكتب اللافتة للنظر ليس بمحض الصدفة، وإنما لعرض مدى دلالاتها على شهرزاد الأُنثى في مطالبتها للحريّة .

فقد اختار الكاتب كتاب" في قلب هذا الكتاب أعيش" للمؤلفتين بيسان شتيه وأسيل ريدي، حيث تقدمان نصوصا حرّة من التصنيف التجنيسي، وفسّر اختيارهما لهذا العنوان لإنحصار التعبير عن حريّتهما خارج نطاق الكتاب والكتابة الإلكترونيّة والفيسبوكيّة، ومن هنا فإنهّما يعيشان في قلب الكتاب .

الكتاب الثاني "حليب أسود" للكاتبة الإيرانيّة إليف شفاق، ويتساءل الكاتب متى صار الحليب أسود؟ فيتضح فلسفة الإسم في أنّ المكتئبين من الكتّاب وحدهم من يرى ذلك. ويبدي الكاتب دهشته وإعجابه بهذا الكتاب ويعترف بإفادته له فيعبّر عن مدى مضمون وعي الكتاب .

أما الكاتبة آمال عوّاد رضوان فإنّ الكاتب يرى أنّها أغنت المشهد الثقافي عامة، فحضورها لافت للنظر، وكتابها "أدموز وتتشترينّ" يستحق القراءة والتأمل، ويدفع القارئ للدهشة اللغويّة والشعر، فهي تكتب بتقنيّات مختلفة بحيث جعلت النّقاد يلتفتون إليها.

مثال آخر للشاعرات المبدعات ديوان "أمشي على حروف ميتة" للشاعرة الإيرانيّة ساناز داودزاده فر، فقد كان ديوانها بلا عناوين فرعيّة أو إشارات توحي بالإنتقال بين نص وآخر، ويعلّل الكاتب ذلك ربّما لطبيعة وشكل النصوص المنبثقة من رؤية خاصة ذات تجربة واحدة، وما يميّز الديوان هو كل شيء مختلف ونقيض، ولكنه متشابه مع ذاته فتجد همس اللغة تتمايل مابين الأُنثويّة والذكوريّة.

وفي ديوان" زهرة في حوض الرّب" للكاتبة المقدسيّة سعاد المحتسب، انتقد الكاتب العنوان وحلّل الكتاب، ورأى أن يكون هنالك مبرر ما لإختيار العنوان؛ ليكون صالحا لجميع النصوص، كما وانتقد تحديد الكاتبة لتصنيف الكتاب على أنّه نصوص ليس شعرا.

وفي المجموعة القصصيّة "جريمة نصف زرقاء" أشاد الكاتب بقدرة الكاتبة اللغويّة والبلاغيّة، ورأى أنّها ربحت الرهان مع النّقاد والقرّاء، وهي أيضا أنيقة أناقة واضحة في كشف المستور وتعريّة العيوب، وفي تنوع المضامين التي تناولتها النصوص، وأشاد إلى عنوان الكتاب المميّز، الذي يرى أنّ التشبت بهذا العالم الأزرق ينجح في تحويل حياتنا الثقافيّة إلى مجرد "جريمة نصف زرقاء" .

وقد أسهب الكاتب في التطرق إلى دواوين الشاعرة الفلسطينيّة فدوة طوقان من تحليل وأُسلوب قصائدها.

وأيضا هنا يتطرق إلى العناوين ففي عنوان قصيدة "المغرّد والسّجين" تكمن الإستعارة ويكون شكلا لها. فهو مغرّد وسجين وهنا يكمن التناقض .

وفي كتاب" لا شيء يستدعي الأناقة" للكاتبة الفلسطينيّة منى نعمة الله النابلسي ينتقد الكاتب النهايّة المغلقة والمفتوحة على الموت، ويحثّ الكاتبة على النهايّة التي توجب التزام التفكير بأمل يصنع في تلك النصوص، وعدم الإكتفاء فقط بالواقع.

وفي المجموعة القصصيّة" أُكسجين"للكاتبة المصريّة د.نهلة زيدان الحوراني يرى الكاتب العنوان موفقا، حيث وُجد الأُكسجين في كل القصص، فكل الشخصيّات تجمعها احتياجها للأُكسجين سواء كان ذلك في حبِّها للحياة أو الحريّة أو الحبّ.

كتاب قيّم وهو إضافة إلى المكتبة العربيّة ومرشد للطلاب والباحثين .

اخر الأخبار