عائلات غزية تحصل على تعويضات بقيمة 50 ألف دولار لتسوية قضايا الدم دعما لجهود المصالحة

تابعنا على:   03:24 2017-10-23

أمد/ غزة - ا ب (ترجمة نتاليا نتيل):  في ضوء تحرك أكبر فصيلين متخاصمين على الساحة الفلسطينية نحو انجاز المصالحة ، شرعت عائلات ضحايا الانقسام الذي دام 10 سنوات هي الأخرى بالتقارب في سبيل تحقيق مصالحة مجتمعية.

جاءت موافقة عائلات ذوي ضحايا الانقسام على الصفح وإسقاط المطالبة بالثأر لمقتل أبناءها في أعقاب الدعوة إلى التعويض ودفع الدية لمن تضرر من الانقسام , فيما تكفل بجلب الدعم المادي لها والذي بلغ 50 ألف دولار (حوالي 180 مليون شيكل) مسئول أمني فلسطيني مقيم في المنفى بالخارج محمد دحلان. 

وتكمن الحقيقة وراء تعويض أهالي ضحايا الانقسام البغيض في الرغبة بمساعدة غزة على تجاوز تبعات واحدة من أشد فصول تاريخها ظلاما تمثلت في جولات اقتتال دموي بين عناصر من حركتي فتح وحماس كانت أشبه بمعركة ضارية في شوارع القطاع تخللها مشاهد قتل مواطنين عبر إلقاءهم من أسطح بناية عالية من قبل عناصر تابعة لحماس واستمرت لأسابيع انتهت بسيطرة "حماس" على قطاع غزة صيف عام 2007 وأدت إلى مقتل أكثر من 700 فلسطيني أنذاك.

وتعتبر خطوة دحلان الرجل الذي تولى جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني سابقا في تعويض ضحايا الانقسام من أبرز مظاهر تدخله في الشأن الداخلي الفلسطيني منذ أن قام الرئيس محمود عباس بفصله وطرده من حركة "فتح" عام 2010.

وفي مجتمع محافظ كالمجتمع الفلسطيني ، تعتبر الخلافات العائلية التهديد الأكبر لتماسك النسيج الاجتماعي , لذا يأمل القائمون على المصالحة المجتمعية بأن تساهم هذه الخطوة على انجاز المصالحة على المستوى السياسي.

وقال ماجد أبو شمالة، النائب عن حركة "فتح" والموالي لدحلان: "نسعى بهذه الخطوة إلى تجاوز الحقد والضغينة بين العائلات الفلسطينية" مضيفا " إننا نضع بهذه الخطوة نهاية لحقبة من الدم والانتقام كمدخل إلى تحقيق مصالحة سياسية حقيقية , لأنه دون تجاوز تلك الحقبة ، لا يمكن تحقيق المصالحة السياسية بين الفصائل الفلسطينية المتخاصمة".

وفي عام 2007 , عندما قتل خليل الأنقح وهو أحد عناصر كتائب القسام الجناح العسكري لحركة "حماس" في الاشتباكات الضارية مع عناصر من حركة "فتح" بقنبلة زرعت على جانب الطريق , اتهمت عائلته حركة فتح بالوقوف وراء مقتل ابنها كما تعهدت بالثأر لمقتله.

وفي الآونة الأخيرة، تراجعت عائلة القتيل الانقح عن الرغبة في الانتقام لمقتل ابنها حيث كانت العائلة من بين مئات العائلات الذين حضرت مراسم المصالحة المجتمعية التي اقيمت في قاعة للمناسبات الاجتماعية في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة.

وبعد تلاوة آيات من القرآن الكريم وإلقاء عدد من المسؤولين المحليين كلمتهم في المصالحة المجتمعية ، حضر أحد وجهاء عائلة الانقح إلى مسرح القاعة حيث صافحه المسؤولون، وقدموا له شيكا بمبلغ التعويض عن مقتل ابنهم خليل.

وقال اسماعيل الأنقح شقيق خليل " الموافقة على خطوة كهذه أنذاك (أي فترة الاشتباكات الدموية) كان في غاية الصعوبة فالدماء لم تكن قد جفت بعد" , مضيفا "أما الأن بعد مرور زمن على الحدث يمكننا القول أن الزمن يداوي الجراح ويخفف الآلام , واصفا التعويض المالي الذي حصلت عليه أسرته بـ "الحلو المر". 

 

وعندما قتل خليل كان حينها متزوجا وأب لطفلين.

وقال اسماعيل "سننفق المبلغ المالي الذي حصلنا عليه كتعويض عن ابننا القتيل على رعاية أطفاله" , مضيفا  "آمل ان لا تتكرر هذه الأحداث كي لا تمر عائلات أخرى بنفس المعاناة التي مررنا بها".

 

مئات العائلات لديها حكايات مماثلة لمعاناة عائلة الأنقح منها عائلة النجار.

ففي تشرين الثاني / نوفمبر 2007، كان طارق النجار، وهو أحد عناصر الأمن في فتح، من بين سبعة أشخاص قتلوا في اشتباكات اندلعت أثناء تنظيم حركة فتح لتجمع سياسي.

وعلى الرغم من مرور عقد من الزمان على مقتل النجار , إلا أن والدته ما زالت تذرف دموعها ألما لفراقه. أما العائلة فقد قبلت التعويض المالي عن مقتل ابنها لأجل انجاح تحقيق الوحدة الفلسطينية.

وقالت والدة طارق " رحمهم الله جميعا , كلهم أبناؤنا سواء كانوا ينتمون لفتح أو لحماس"

وفيما يتعلق بالمبلغ الذي حصلت عليه العائلة كتعويض تقول العائلة أنها ستقوم بشراء منزل لأرملة طارق وطفليه الاثنين.

 

أما محمد شقيق طارق فقال : " عفا الله عما سلف , قررنا أن نسامح لأجل انجاح المصالحة"

وفي سبتمبر / أيلول الماضي , أطلق محمد دحلان ما يسمى بلجنة "التكافل" أو لجنة "المصالحة الاجتماعية" ، الا أن عدد عائلات ضحايا الانقسام التي وافقت على تسلم تعويضات عن ضحاياها بلغ 37 عائلة فقط ؛ فمبادرة دحلان لم تلقى قبولا لدى العديد من عائلات الضحايا حيث تطالب هذه العائلات بتطبيق الشريعة الإسلامية بإعدام قتلة أبناءها. ما جانبهم قال أعضاء اللجنة التي توزع شيكات بمبالغ التعويضات أنهم سيكثفون الضغط على هذه الأسر لحثها على القبول بالتعويضات.

ومنحت خطوة اطلاق لجنة التكافل رجل الأمن السابق دحلان دورا بارزا في غزة. فالرجل ذو الشخصية مخيفة والمثيرة للجدل في آن واحد غادر غزة في أعقاب سيطرة حركة "حماس" عليها بالقوة وطرد حركة فتح وتوجه إلى الضفة الغربية التي تخضع لسلطة الرئيس محمود عباس والذي يرأس حركة "فتح". وبعد ثلاث سنوات من سيطرة "حماس" على غزة ، تدهورت علاقة دحلان بالرئيس عباس فتم نفيه إلى الخارج.

استقر دحلان في دولة الإمارات العربية المتحدة، وأقام علاقات جيدة مع مصر وحكومات دول الخليج العربي ، إلى أن صعد نجمه فشرع بالتخطيط للعودة إلى الأراضي الفلسطينية.

وقال أبو شمالة، الموالي دحلان، إن صندوقا بقيمة 50 مليون دولار خاصا بالتعويضات أنشأ وتموله تبرعات من مؤيدي دحلان الإماراتيين الأثرياء. ويكفي الصندوق لحوالي 725 أسرة فقدت فلذات أكبادها أو لديها أشخاص مصابون إصابات بالغة أو لديهم اعاقات جراء الاقتتال الداخلي بين حركتي "فتح" و "حماس" في العام 2007.

وعندما ذكر "دحلان" خلال مراسم المصالحة المجتمعية التي أقيمت شمال قطاع غزة ، شهدت القاعة تصفيق حار.

وعلى الرغم من تزامن جهود دحلان في انجاز مصالحة مجتمعية مع جهود المصالحة المبذولة للتقريب بين الخصمين السياسيين فتح وحماس وانجاز المصالحة السياسية , إلا أنها جهود دحلان منفصلة.

وأعلنت حركتي "فتح" و "حماس" عن اتفاق مصالحة أولي بموجب الوساطة المصرية ، إلا أن الفصيلين بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد للتوصل إلى اتفاق حول التفاصيل المحورية ؛ أبرزها ترسانة السلاح الكبيرة لدى الذراع العسكري لـ "حماس".

 أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، فلا زال يرى في دحلان خصما سياسيا ويرفض عودته إلى الدائرة السياسية وإلى حركة فتح.

ويعزز دحلان نفوذه في قطاع غزة أيضا من خلال دعم مشاريع تقوم بتوفير فرص تشغيل للعاطلين عن العمل إلى جانب دعم الطلاب الجامعيين والمرضى.

وقال ابو شمالة ان دحلان سينافس الرئيس محمود عباس بشكل مستقل فى أي انتخابات قادمة اذا ما حاول الأخير منعه من العودة إلى الدائرة السياسية.

وأضاف "سنعيد محاولاتنا لتوحيد حركة "فتح" ، لكن اذا لم نتمكن من ذلك ، سنذهب إلى صناديق الاقتراع".

اخر الأخبار