عن المصالحة والمقاومة وحرب تحريكية للتسوية

تابعنا على:   17:00 2017-11-05

محمد جبر الريفي

كما هو في حال كثير من تجارب الثورات الوطنية في العالم الثالث التي انطلقت ضد الاستعمار الكولنيالي والتي أفرزت في احدى مراحلها تسويات مؤقتة على طريق التحرر والاستقلال الوطني الكامل فان التناقض الرئيسي يبقى قائما لا يتم حسمه إلا بزوال الاحتلال نهائياً بكل مظاهرة المنافية للسيادة الوطنية وهكذا في الحالة الفلسطينية السائدة الآن والتي أفرزت قبل عشرين عاماً سلطة حكم ذاتي بحسب اتفاقية اوسلو فإن التناقض الرئيسي القائم مع الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية ما زال قائما ايضا بممارساته العدوانية الصارخة من قمع وأسر وقتل واستيطان وتهويد وكل ذلك يتيح للسلطة الوطنية الفلسطينية أن تكون في موقع واحد مع الشعب وقواه الوطنية لأن حكومات الاحتلال لم تمكن السلطة رغم مرور هذه الاعوام الطويلة على توقيع الاتفاقية على ممارسة سيادتها الفعلية على الأرض وذلك لإعاقة قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 67 ..هذه السياسة الإسرائيلية التي تعمل دائما على تحويل السلطة إلى أداة للاحتلال تؤدي فقط وظيفة أمنية تأتي في الواقع على حساب السلطة الفلسطينية نفسها ومكانتها وهيبتها ومصداقيتها ودورها في اطار تحقيق المشروع الوطني مما يعمق الهوة بينها وبين الجماهير وقواها السياسية معا وهو الأمر الذي يفرض عليها اتخاذ مواقف سياسية حاسمة قد تصل إلى حد المشاركة الفعلية في كل فعاليات المقاومة خاصة في ظل ظهور واقع سياسي جديد يتمثل بإنهاء الانقسام السياسي البغيض وتحقيق المصالحة الوطنية والتي ستمهد الطريق إلى تفعيل مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني بإعادة تفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية وجعلها الإطار الجامع للكل الفلسطيني بما فيه حركتي حماس والجهاد الإسلامي وبذلك يتعزز النضال الوطني الفلسطيني في ظل اهتمام المجتمع الدولي بالقضية الفلسطينية .. بعد توقيع اتفاقية المصالحة الوطنية برعاية مصر وتنفيذ خطوات ملموسة على طريق إنهاء مظاهر الانقسام السياسي (تسليم المعابر لحكومة التوافق ) كثر الحديث عن سلاح المقاومة وكأن الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية شيئا جديدا طارئا على واقع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في حين لم يتم الحديث إطلاقا عن أسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها الترسانة العسكرية الاسرائيلية بما فيها السلاح النووي الذي باستطاعته تدمير العواصم العربية كلها ؛؛ والحقيقة أنه ليس هناك تعارض بين المصالحة الوطنية وإنتهاج أسلوب المقاومة بكل أشكالها بما فيها المقاومة المسلحة فكلاهما يعتبران استحقاق وطني للمشروع الوطني الفلسطيني في مواجهة المشروع الصهيوني العنصري الاجلائي فالمصالحة الوطنية هي تحقيق للوحدة الوطنية وإصلاح الوضع الداخلي الذي يعاني من ازمات معيشية خانقة خاصة في قطاع غزة بسبب سياسة الحصار والمقاومة هي السبيل الوحيد للحصول على الحقوق الوطنية المشروعة في ظل تعنت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة وتفضيلها للتوسع الاستيطاني ومشاريع التهويد على خيار السلام لذلك كله لابد من التمسك بالبندقية الفلسطينية في مواجهة النزعة العدوانية الإسرائيلية حيث يحاول نتنياهو وبدافع ايضا من التهرب من قضايا الفساد التي تلاحقه تخريب المصالحة الوطنية بخلط الأوراق من خلال تسخين الوضع على حدود القطاع بنية تهيئة الأجواء لشن حرب عدوانية رابعة جديدة وتاتي عملية قصف النفق شرق خانيونس في اطار إستدراج فصائل المقاومة لهذه الحرب التي تريد دولة الكيان من ورائها فرض معادلة جديدة في عملية الصراع ..إن حرب رابعة على قطاع غزة اضحت موضوعة الآن على جدول الأجندة الإسرائيلية لتحقيق هدفين اثنين أولهما :تخريب المصالحة الوطنية حيث كان الكيان الصهيوني يرى في الإنقسام السياسي بين الضفة والقطاع حالة سياسية مريحة توفر له مساحة زمنية كافية لتضليل الرأي العالمي الدولي من خلال التذرع بعدم وجود شريك فلسطيني موحد للتوصل للتسوية وبذلك يستمر في انتهاج سياسة التهويد و التوسع الاستيطاني ..وثانيهما التعاطي مع المساعي السياسية الأمريكية في الدخول بعملية مفاوضات جديدة تحقيقا لصفقة القرن الأمريكية التي تعد الآن من قبل وزارة الخارجية الأمريكية مع الطرف الفلسطيني بعد أن تكون الأوضاع قد تهيئت بعد الحرب بتدخل أطراف عربية ضاغطة للتوصل إلى هذه التسوية (مصر والسعودية والأردن ) ..هكذا فان المنطقة العربية مهيأة لتشهد حربا عدوانية رابعة على قطاع غزة أو ربما توقع اندلاع الحرب على الجبهة الشمالية في مواجهة حزب الله وحلفائه النظام السوري وإيران وهو الأمر الذي يستدعي التمسك بسلاح المقاومة الفلسطينية وعدم التفريط به حتى لا يفرض الكيان الصهيوني شروطه الإملائية بعد هذه الحرب في أي تسوية إقليمية قادمة 

اخر الأخبار