"إسطورة الكذب المعاصر"..إسمها بيبي!

تابعنا على:   09:31 2017-11-08

كتب حسن عصفور/ رغم كل شي لا تجد إلا أن تقف أمام هذا "النموذج" من القادة السياسيين على شاكلة بيبي نتنياهو، ليس بقدر ما يحمله من مخزون "الكذب الشخصي والسياسي"، بل بمدى قدرته على خلق معادلة جديدة في عالم التكوين الإنساني، التناسب الطردي بين السقوط الإخلاقي فسادا سياسيا وشخصيا، وبين الصراخ العالي في الشعارات الفارغة..معادلة قد تصبح نموذجا لمثل هذا البعض السياسي..

وليس الغريب أن يكون مثل نتنياهو "كاذبا" بوقاحة لا مثيل لها، لكن ان يكون أحد أكثر وزراء دولة الكيان بقاءا في منصب رئيس الوزراء، رغم أن اي من فترات حكمه لم تمر دون أن تشملها "فضيحة ما"، سياسية أو خاصة، مع ذلك يملك قدرة خارقة في التكيف مع الهروب، بل يمارس وكأنه "المنتصر"..

بعد قمة "واي ريفر" عام 1998 بحضور الخالد ياسر عرفات والرئيس الأمريكي الأسبق كلينتون، تم الاتفاق مع نتنياهو على "آلية جديدة" لتنفيذ بعض عناصر الاتفاق الإنتقالي في الضفة الغربية الموقع 1995، تشمل مناطق في جنين وبلدات القدس الشرقية، وكان المعلوم جدا، ان نتنياهو لن يوافق يوما على توقيع أي إتفاق مع الخالد أبو عمار، او أي اتفاق يتعلق بالانسحاب من الضفة الغربية، كونه يعتبر الرئيس الشهيد "عدو" وسيبقى"، كما أن الانسحاب من الضفة هو إنسحاب من "قلب اسرائيل"، وقاد حملة العداء المطلق لاتفاق أوسلو ضمن هذه الكذبة السياسية، لكن الضغط الأمريكي أجبره على الموافقة، وكشف كم هو "قزم" عندما تريد أمريكا ذلك..

وما أن وصل مطار اللد - تل أبيب، حيث استقبله الجمهور اليميني - الاستيطاني بشعارات رافضة لما فعل ومنددة به، وأنه رجل كاذب مخادع، حتى سارع وقبل الخروج من قاعة المطار الى الإعلان بعدم تنفيذ ما وقع عليه من "تفاهم في واي ريفر"..وعندها بدأت أمريكا علانية العمل لاسقاطه مبكرا، وكلفت سفيرها في تل أبيب "الصهويني" مارتن أنديك بقيادة حركة اسقاط بيبي..وقد كان!

ولسنوات غاب نتيناهو عن حلبة الحضور السياسي، لكن مجمل الظروف السياسية لعبت لصالحه ليعود بعد سقوط براك السياسي والأخلاقي وانتهاء حقبة شارون بالقدر الانساني بعد أن تمكن من اغتيال الخالد أبو عمار، وتمهيد الطريق لمحمود عباس رئيسا، وإدخال أولمرت السجن بتهم "الفساد" وهي تهمة لا تمثل شيئا فيما هو منسوب لبيبي، لكنه أرسل لقيامه بعرض "مشروع تسوية" من وراء ظهر الإدارة الأمريكية تناولت ما يقارب الـ94% من الضفة والقطاع والقدس، ولأول مرة يعلن رئيس حكومة اسرائيلية علانية وعبر أنه مستعد للتنازل عن غالبية القدس الشرقية، فقررت واشنطن التخلص منه، بعد أن أمرت محمود عباس ألا يوافق على صفقة أولمرت، باعترافه شخصيا، وأحضرت ليفني في مرحلة هزلية، ومهدت أمريكا بوش الطريق لفوز نتنياهو، كي تذيب المشهد السياسي وتعطل أي مشروع حل سياسي لقضية الفلسطينية..بالتوازي مع مشروعها "أسلمة المنطقة" التقسيمي!

نتيناهو، ومنذ اعتلائه سدة الحكم ثانية، بقرار أمريكي، مارس كل مبيقات السياسة، وعمل على تدمير كل منظومة الاتفاقات الموقعة بين منظمة التحرير ودولة الكيان، حتى تلك التي وافق عليها بذاته، سواء بالخليل أو واي ريفر، وفتح باب الاستيطان والتهويد على أوسع ابوابه، مستغلا حالة الانقسام الى الحد المطلق، ويمكن اعتبارها "الزمن الذهبي" للمشروع التهويدي الذي قام نتنياهو بترسيخه كواقع في الضفة والقدس، يمثل له "الجدار الواقي" من ارساله الى أقبية السجن بتهم لم تسجل في تاريخ اي من قادة الكيان..

نتنياهو، يحاول أن يستفيد من المشهد العربي "الضبابي"، وما أحدثته الأزمة السورية من إنقسام عربي رسمي وشعبي، ودخول إيران وحزب الله بقوة الى المنطقة عبر البوابة السورية، وبالتالي المواجهة مع دولة الكيان، ليعيد بناء "جدار أكاذيب" سياسية، بما يسميه العلاقات مع الدول العربية "المعتدلة"، وكأن هناك دولة عربية متطرفة، يتحدث بلا إنقطاع عن "سلام" بلا اي أساس سوى ضرورة "الاعتراف بدولة اسرائيلية كدولة يهويدية" يهاجم الفلسطيني لآنه لم يعترف بدولته، رغم ان اعتراف منظمة التحرير لم يتم سحبه أو التخلي عنه، مع ضرورته السياسية منذ زمن، وخاصة بعد قرار الأمم المتحدة حول دولة فلسطين..

نتنياهو وعبر ادوات مختلفة يحاول أن يشيع جوا أن "السلام والتطبيع"، ثمن لتحالف ضد إيران وليس ثمنا لإنسحاب اسرائيل من الأراضي المحتلة، واقامة دولة فلسطين وفقا لقرار الشرعية الدولية..

نتنياهو يعمل على ترسيخ "هلوسات سياسية" دون أن يفكر في كمية الكذب التي يحملها قوله..من يقرأ او يسمع ما يقول يشعرك ان العرب وخاصة دول الخليج تقيم "قصورها" في تل ابيب، وأن ابواب مكة ستفتح له قريبا..يتحدث كأنه المنقذ..

"إسطورة الكذب المعاصر" إسمها بيبي نتنياهو..لكن اسطورة العجز والخنوع في الجهة المقابلة التي سمحت لمدع فاسد ان يبقى يتصرف كـ"طاووس الشرق"!

ملاحظة: الاعلام الأمريكي كشف كم هو مخترع لكذب والسقوط في الترويد بلا أدنى مسوؤلية..واشنطن بوست ونيويورك تامير "اسوشيتدبرس"، اعلام كاره لترامب فيلجأ لصناعة "أكاذيب" بلا حدود..كما اعلام "قطر" الشقيقة!

تنويه خاص: حسنا فعلا الناطق الرسمي باسم فتح ( أول مرة يقال عنه) ناصر القدوة أن يعتبر سحب سلاح الفصائل طلب "غير مقبول"..لكن القدوة بيقول يجب أن يخضع لـ"القيادة السياسية".. اللي هي مين!

اخر الأخبار