ذكرى الشهيد اللواء بشير محمود نافع حماد
لواء ركن/ عرابي كلوب
ولد الشهيد اللواء/ بشير محمود نافع حماد في مخيم قلنديا بتاريخ 29/02/1960م حيث ينحدر أصوله وجذوره الضاربة في أعماق التاريخ المقدس إلى بلدة ساريس التي تقع جنوب غرب القدس والتي أحتلت عام 1948م، ترعرع وعاش في كنف أسرته كباقي الأسر الفلسطينية التي أنكوت بنار الكبة.
درس المرحلة الابتدائية في مدرسة مخيم قلنديا والتابعة لوكالة الغوث.
اعتقل للمرة الأولي عندما كان عمره أربعة عشر عاماً من قبل قوات الاحتلال الصهيوني وذلك على خلفية القاءه زجاجة حارقه على حافلة كانت تقل جنود صهاينة على بوابة مخيم قلنديا – والتي تقع على الشارع العام الذي يربط بين مدينتي القدس ورام الله، أمضي في التحقيق آنذاك قرابة الخمسون يوماً دون أن يعترف رغم قسوة الجلاد، حيث لم تثني من عزيمته وإرادته في ذلك السن، مما دفع السلطات الإسرائيلية إلى اعتقاله ما يقارب العامين اعتقالاً إدارياً.
بعد الافراج عنه التحق لإكمال دراسته، لكن السلطات الإسرائيلية كانت دائماً تلاحقه وزجت به في أقبية الزنازين مرة ثانية إلى أن أتم دراسته الثانوية في احدى مدارس مدينة البيرة.
أمضي بشير نافع فترة طويلة في المعتقلات الإسرائيلية تجاوزت العشرة أعوام.
في عام 1988م وبعد انطلاق الانتفاضة الأولي المباركة كان بشير نافع مسؤول الجناح العسكري لمنطقة الوسط في حركة فتح (القدس، رام الله وبيت لحم) وعلى أثر ذلك تم اعتقاله وقررت السلطات الإسرائيلية أبعاده عن تراب الوطن إلى لبنان مع مجموعة من المناضلين وذلك على متن طائرة هليكوبتر إسرائيلية.
لم يثنى قرار الأبعاد الجاحف بحقه من عزيمته، ولم يطفئ من شعلته الثورية، وبقى راسخاً على المبدأ والنهج الثوري الذي كان يكبر فيه يوماً بعد يوم، حتى في محطات النفي القصري وأوقاتها العصيبة، كان دوماً لفلسطين، فمن لبنان إلى العراق إلى تونس، إلى الأردن، كانت أنظاره إلى فلسطين، وكانت إرادته وحبه لفلسطين أكبر من الحدود التي تفرضها الظروف السياسية عليه، عرفته مكاتب الثورة الفلسطينية على الصعيد الخارجي، والتحق بالعديد من الدورات العسكرية والأمنية في الخارج.
بعد توقيع اتفاق أوسلو وعودة قيادة المنظمة وقواتها إلى أرض الوطن، رفضت السلطات الإسرائيلية السماح له بالعودة، إلاَّ بعد أن تدخل الشهيد الرئيس/ ياسر عرفات شخصياً، عاد بشير نافع إلى أرض الوطن، حيث كانت عودته عرساً في مخيم قلنديا الذي ترعرع وتربي ونشأ فيه، بعد عودته من أبعاده القصري تم اعتقاله لما يقارب العام إدارياً في سجن النقب.
بعد أن تم الأفراج عنه شغل بشير نافع مسؤول ملف التعبئة والتنظيم في أقليم رام الله، إلى أن صدر قرار من الشهيد الرئيس/ ياسر عرفات بتشكيل جهاز الوحدات الخاصة الفلسطينية والذي عينه مسؤولاً عنه، حيث كانت مهمة ذلك الجهاز مهام عسكرية وكذلك مهام أمنية للتصدي والحد من حجم العملاء ونشاطهم، مما دفع السلطات الإسرائيلية لمطاردة بشير نافع لأكثر من عام، حيث أبدت السلطات الإسرائيلية تذمرها من ذلك القرار، وبدأ الضغط على الشهيد الرمز داخلياً وخارجياً لحل جهاز الوحدات الخاصة، وبالفعل تم تجميد عمل ذلك الجهاز.
مع بداية انتفاضة الأقصى المباركة أصدر الشهيد الرئيس/ ياسر عرفات قراراً بإعادة مباشرة جهاز الوحدات الخاصة بمهامها وتحت قيادة/ بشير نافع من جديد، حيث كان بشير نافع من المقربين للرئيس وكان وفياً في عمله وانتمائه لفلسطين.
بعد استشهاد الرئيس/ ياسر عرفات صدر قرار بحل جهاز الوحدات الخاصة والتي كانت تتبع قوات الأمن الوطني في حينه، وصدر قرار بتعيين/ بشير نافع مديراً للاستخبارات العسكرية في المحافظات الشمالية من الوطن.
كان الشهيد/ بشير نافع من طليعة المدافعين والداعمين للمطاردين في الانتفاضة لأنه كان يؤمن بعدالة القضية.
بتاريخ 04/11/2005م سافر الشهيد/ بشير نافع إلى الأردن لتنسيق برنامج تدريب عسكري لضباط وعناصر جهاز الاستخبارات العسكرية.
وبتاريخ 09/11/2005م كان موعد بشير نافع مع القدر في الانفجارات الاجرامية خلال تواجده في (فندق جراند حياة) بالعاصمة الأردنية/ عمان، حيث أستشهد في تلك التفجيرات الإرهابية والتي أودت بحياة عدد كبير من الأردنيين والفلسطينيين وبينهم المخرج العالمي (مصطفي العقاد) كذلك أستشهد في تلك العملية الاجرامية كل من الأخوة/ جهاد فتوح الملحق التجاري بسفارتنا بالقاهرة، وعبد علوان مدير عام وزارة الداخلية الفلسطينية، والمواطن المقدسي/ بشار القدومي، ومصعب خرما، مدير عام الاتصالات الفلسطينية السابق وخبير اقتصادي فلسطيني.
هذا وقد تم نقل جثمان الشهيد اللواء/ بشير نافع من عمان إلى رام الله حيث كان في استقبال الموكب الجنائزي في أريحا عدد كبير من القيادات الفلسطينية وقادة الأجهزة الأمنية ومحافظ أريحا ورئيس بلدية أريحا وقائد قوات الأمن الوطني في أريحا وعدد كبير من المسؤولين المدنيين والعسكريين وأهالي الشهداء.
هذا وقد نعي السيد الرئيس/ محمود عباس ومنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية إلى الشعب الفلسطيني الشهيد اللواء/ بشير نافع وجهاد فتوح وعبد علوان وبشار القدومي وعبرت القيادة الفلسطينية في بيان لها عن تعازيها الحارة لأسر الشهداء ضحايا التفجيرات الإرهابية الاجرامية والتي وقعت في العاصمة الأردنية عمان.
وأعربت القيادة عن تضامنها والشعب الفلسطيني مع أسر الضحايا في هذا المصاب الجلل، مجدده ادانتها لهذه الاعتداءات الإرهابية التي وصفتها بأنها جريمة ضد الإنسانية، وأنها تمس الأمن القومي العربي، ولفتت القيادة في بيانها إلى خسارة الشعب الفلسطيني بفقدان هؤلاء الشهداء في هذه العمليات الإرهابية.
رحم الله الشهيد اللواء/ بشير محمود نافع حماد
ورفاقه الشهداء وأسكنهم فسيح جناته