تقرير بالصور - رغم ضبابية الحياة .. غزة تعانق الموسيقى

تابعنا على:   17:17 2017-11-19

أمد/ غزة – خاص: في هذا الركن المليء بالآلات الموسيقية تعزف غزة لحن الحياة، ليتبدل من خلاله المشهد الغزي المثقل بالهموم لآخر جميل تطرب له الآذان وتسر  لرؤيته العيون ليصبح بذلك أول متجر لبيع الآلات الموسيقية في غزة.

قال صاحب فكرة إنشاء المتجر راجي الجرو (25 عاماً) لـ أمد: "تعلمت الموسيقى بعد تخرجي من كلية التجارة، فكوّنت فرقة موسيقيّة تحمل طابع فن "الروك" الذي  اتقنته عبر مواقع  اليوتيوب برفقة عدد من زملائي، لكنهم امتنعوا عنه ممارسته لفترة لعدم توافر المقتنيات الموسيقية اللازمة للتدريب الموسيقي".

 وتابع :ورغبة بالاستمرار اقترح أحد الشاب برفقة والده الذي يمتلك شركة للإلكترونيات والصوتيات، عقد مناقصة يستورد من خلالها الأدوات الموسيقيّة التي تلبي جوع الشغوفين بها من أبناء مدينته؛ وحتى يستكمل برامجه التدريبيّة التي تعلمها عبر الشبكة العنكبوتية.

 وأضاف: "الموسيقى تجعلنا نتمرد بأحاسيسنا على قسوة الحياة وصرامتها، فنحن في غزة بحاجة للتغلب على واقعنا المرير".

 وأكمل الجرو:" تربيت في أسرة تحب الموسيقى، وهذا أحدث نقلة نوعية، زادت من خبرتي في كيفية التعامل مع الفنيّات والإيقاعات الموسيقيّة".

" إن سكان القطاع يفتقرون لوجود ثقافة فنيّة، بسبب عدم وجود الآت موسيقية قد تدفعهم للتعلم، بالرغم من وجود جزء منهم متعلق بالموسيقى؛ فلربما عندما تتوافر الأجهزة الموسيقية يزيد الوعي الفني لديهم ويشجهم". 

 وأشار الجرو إلى أن المتجر يحتوى على قرابة 40 قطعة موسيقية متعددة الأوجه ما بين أعواد، قيثارات، أورغانات، إيقاعات، كمنجات، وربابة، ساكسفون، إضافة لأنواع الكمان،  ويصل ثمن  الآلة الواحدة لأكثر من 100دولار أمريكي.  

وأكد أن وجود محل لبيع آلات الموسيقى سيحدث نقلة نوعية  في حياة الغزيين، رغم الظروف المعيشيّة السيئة التي تحيط بهم،  مع عدم وجود جامعات وأساتذة متخصصين في الموسيقى، فهناك محدوديّة في المراكز التي تدرب الموهوبين الفنيّين إذ تغلب عليهم فئة الأطفال، كما يقصدها أصحاب الدخل المرتفع، بسبب ما تفرضه من رسوم عالية الثمن مقابل التعلم.

وأضاف الجرو لم يكن تعبئة المتجر بالأدوات الموسيقية سهلاً قط،  فبعد معاناة كبيرة استطاع صاحبه الحصول عليها عن طريق معبر "بيت حانون" شمال غزة، ولم تسلم من التخريب، حيث بقيت عالقة هناك لمدة تزيد عن العام بعد استيرادها من سوريا، مصر، والصين، ولكنها رأت النور أخيراً قبل شهرين وتم عرضها في المحل الخاص بها في غزة.

ونوه إلى أن من كان يرغب في شراء أحد الأدوات الموسيقية، يقوم بتوصية أحد زملائه القادمين من الخارج، ليتكبد  بذلك ارتفاع ثمنها بسبب الشحن، ومع ذلك في كثير من الأحيان كانت لا تصل إلى غزة.

وقال نور الحصري أحد زوار المتجر لـ أمد وقد بدت عليه علامات الاندهاش: "لم اعتاد على مشاهدة تلك الات من قبل في قطاع غزة، وكانت آخر مرة أقوم بملامسة أجزاء "البيانو" عندما كنت مسافراً إلى كندا، وبدأ بالعزف عليه مرددًا بصوته إحدى مقطوعات الفنانة اللبنانية الشهيرة فيروز: أعطني النايَ وغـَنّي، فالغِنا سِـرُّ الوجود.

"إن فكرة وجود محل بيع أدوات موسيقية يغذي القطاع بالموسيقى فهو عالم غني ومتعدد الأبعاد"، وبدى متفائلًا بأن ذلك سيغير الصورة النمطيّة عن القطاع، والتي تقتصر على الدمار والفقر والكآبة، فبات الآن مجال لرؤية الأنغام الموسيقية تعانق سماء غزة المتعطشة للفرح والسلام.

وأضاف الحصري: لم يعد أمر اقتناء الآلات الموسيقيّة صعباً أمام هواتها في قطاع غزة، فأصبح لمدينتهم نصيب وفير منها، من خلال المتجر الأول من نوعه المختص باستيرادها وبيعها، عله يسد حاجة الفاقدين لها والمتشوقين لصناعة فن يغير ايقاع حياتهم المحاصر.

فبدى مشهد الآلات الايقاعية الشرقيّة والغربيّة المصفوفة بترتيب بين جدران المتجر ذو التصميم المعتق والحديث، جديدًا على المرتادين اليه، فأصبح مستقر لهم يمزجوا فيه بين الغناء الموسيقي وآلاته.

يمكننا القول الآن أن صوت الموسيقى بدى يعانق أرجاء المدينة المكبلة بالحصار علّه يخفف  من آلامها وضغوطاتها اليوميّة، بعدما أظهرت تقارير لبرنامج الصحة النفسية عام 2016 أن للحروب الإسرائيلية الثلاثة الأخيرة آثار نفسية بالغة القسوة على السكان الفلسطينيين في قطاع غزة حيث أظهرت تجربة برنامج غزة للصحة النفسية والملاحظات المهنية ونتائج الأبحاث، أن 30% من مجمل السكان عانوا من أعراض كرب ما بعد الصدمة وأن 10% ما زالوا بحاجة إلى التدخل النفسي المتخصص.

وللحلم بقيَّة عند صاحب المتجر راجي الجرو فهو يسعى لإنشاء مركز تدريب فنيّ متخصص في استقطاب الموهوبين وتحسين أدائهم لإنشاء جيل سلاحه إيقاعه الفني يتحدى الحصار. 

 

اخر الأخبار