أمد/ القاهرة: قال الأمين العام لحزب الشعب الفلسطينى، بسام الصالحى، إن مصر لها دور محورى في رعاية وإنجاح المصالحة الفلسطينية، مؤكدًا ارتياح الجانب الفلسطينى للعب مصر هذا الدور وبقوة، موضحًا إن التنسيق والعمل المشترك مع القيادة المصرية سيساعد على تذليل العقبات.

وأكد الصالحى فى حوار لـ"اليوم السابع"، قبيل انطلاق اجتماعات الفصائل الفلسطينية بالقاهرة بساعات، إن الطرف الأساسى الذى يعمل على إفشال المصالحة الفلسطينية استراتيجيا هو إسرائيل، داعيا للمضى قدما فى إنهاء الانقسام.

وفيما يلى نص الحوار

بداية أنتم من الفصائل المدعوة لحضور اجتماع القاهرة المقبل.. ما هى أبرز القضايا المطروحة بالاجتماع ؟

القضية المركزية المطروحة فى حوار القاهرة تتلخص فى تعزيز ما تم الاتفاق عليه من خطوات أخيرة لإنهاء الانقسام، وسرعة تنفيذ الالتزامات المرتبطة بها من جهة؛ وبحث ألية تطبيق اتفاق 2011 الموقع من القوى الفلسطينية من جهة أخرى، حيث أن أبرز ما تضمنه هذا الاتفاق هو معالجة قضية الانتخابات ومنظمة التحرير والأمن والمصالحة المجتمعية والحريات، بالإضافة طبعا إلى إمكانية الذهاب لتشكيل حكومة وحدة وطنية.

ولكنى أعتقد مما أعرفه وألمسه حتى الآن أن اجتماع القاهرة لن يتسنى له بحث هذه الموضوعات والخروج بخلاصات محددة حولها فى هذه الجلسة من الحوار، ولذلك تصبح القضية الرئيسية هى منع الارتداد عما تم التوصل له حتى الآن، وتطوير جهد جماعى لمعالجة حقيقية وجادة للملفات الآخرى المذكورة بإرادة سياسية حقيقية لإنهاء الانقسام والتقدم إلى الأمام.

نحن من جهتنا نرى أن هناك مقاربة أخرى يجب أن تأخذ مكانها فى الحوار الوطنى، هذه المقاربة تتلخص فى أهمية إعادة بلورة إجماع على الاستراتيجية السياسية والانطلاق منها لتناول القضايا الأخرى التى تخص النظام السياسي بمجمله، سواء فى إطار منظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة وواقعها ومستقبلها، وفى هذا الإطار نحن ننطلق من ضرورة متابعة والبناء على قرار الأمم المتحدة الخاص بالاعتراف بدولة فلسطين 19-67، والصادر في عام 2012، وحيث أن القيمة السياسية لهذا القرار تجعل القضية المركزية هى استقلال وإنهاء الاحتلال عن هذه الدولة، بالإضافة إلى تحقيق حقوق اللاجئين الفلسطينيين وفقا للقرار 194، وبمعنى آخر تجاوز اتفاق أوسلو وعدم البقاء فى إطاره بالانتقال نحو المضمون السياسى والعملى لحقيقة الاعتراف بدولة فلسطين، وبمقاربة سياسية واستراتيجية واضحة فى هذا الاتجاه، ويمكن للحوار أن يتناول المسائل الأخرى بما فى ذلك مقترحنا بتشكيل مجلس تأسيسى لدولة فلسطين، يتشكل من أعضاء المجلسين التشريعي والمركزي لمنظمة التحرير، إلى حين إجراء الانتخابات ولكن نحن لا نرى آفقا حقيقيا للخروج من دائرة التعقيدات السابقة لقضايا الحوار، ما لم نتجه لطرح مقاربة آخرى تنطلق من هذا المضمون رغم رغبتنا ودعمنا لأى تقدم ممكن فى قضايا الحوار.

وكيف ترى مشاركة الفصائل الفلسطينية الموقعة على اتفاق القاهرة بالاجتماع ؟

مشاركتنا فى هذا الاجتماع وفى النشاط السياسى عموما تتلخص فى رفضنا كما رفضنا طوال الوقت منح أى شرعية للمبررات التى طرحت أو لا تزال تطرح للانقسام والتمسك الفعلى بالجهد والضغط من أجل إنهائه، وذلك عبر مساهمة صريحة وواضحة في هذا الاتجاه، ونعتقد أن هذا ما يجب أن يكون عليه موقف كافة القوى، ولكننا ندرك بطبيعة الحال أن هناك تباينات لدى القوى السياسية بما فيها للدور الذي يمكن أن يلعبه أى منها فى هذا الإطار، وعموما فى رأينا أن القوى السياسية يجب أن تبقى فى أطروحاتها ودورها أفقا أرحب لمعالجة الأزمات والتعقيدات القائمة من الزوايا الضيقة، التى يحشر فيها الحوار أحيانا سواء من قبل حركة حماس أو من قبل حركة فتح أو من قبل قوى أخرى أيضًا، ونحن بالقطع نرفض أن يصبح دورنا أو دور أى قوة أخرى هو مجرد مباركة ما تتفق عليه فتح وحماس، أو دعوتهما للاتفاق ولكن فى ضرورة المثابرة على تحقيق إنهاء الانقسام فى إطار حماية مضمون ديمقراطى تعددى للنظام السياسى ولاحترام القانون الأساسى، بما تضمنه من طابع ديمقراطى للنظام السياسى الفلسطينى.

ماذا سيكون موقفكم حال عرقلة أحد الفصيلين للاتفاق سواء فتح أو حماس ؟ هل سيكون لكم موقف جاد وحاسم وتكشفون الطرف المعرقل للاتفاق ؟

نحن موقفنا واضح منذ البداية وسنواصل طرحه والتعبير عنه، فقد رفضنا منذ البداية محاولات شرعنة الانقسام وتقديم مبررات له، كما إننا نرى فى خطوات إنهاء الانقسام مجرد تكفير عن خطيئة ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني، وليس مصدرا للتفاخر بإنجازات على أهمية التقدم باتجاه إنهاء الانقسام.

هناك الآن قضايا تعرقل المصالحة وليس حالة مطلقة مبسطة أن حماس مثلا أو فتح تعرقل الاتفاق، ومن المفارقات أحيانا أنه توجد توافقات بينهما حول قضايا  معينة أكثر مما يوجد مع الأطراف الآخرى.

وفي العديد من المرات أعرب الحضور عن اندهاشهم من حجم الاستعداد والحرص على المصالحة من متحدثي فتح وحماس، لدرجة أنه أنتشر لدى  نشطاء الحراك الشبابى قبل عدة سنوات بعد  مهرجان ضخم  فى رام الله وغزة تعليق ساخر يقول: واضح أن المشكلة هى عندنا وعند الشعب وليس لدى فتح وحماس.

جانب من الاحتفالات بنجاح المصالحة الفلسطينية

نحن لدينا موقف من هذه القضايا، خاصة وأن المظهر المباشر للانقسام وهو الحكومة قد تبدد رسميا على الأقل، وهناك الآن عملية جارية لإنهاء الانقسام برعاية الأشقاء المصريين، أما موقفنا من هذه القضايا هو الذى سيحكم شكل تعاطينا مع مواقف القوى الأخرى، مثلا نحن لدينا رؤيتنا لما يسمى تمكين الحكومة وآلية الربط بينها وبين القضايا الأخرى ولدينا رؤيتنا لمعالجة قضية الموظفين، وهكذا الأمر تجاه القضايا الأخرى مثل منظمة التحرير أو الأمن أو غيرها.

حجم التقارب حول الفهم لهذه القضايا أو الاستعداد لتطوير مفهوم مشترك بصورة بناءة تجاهها هو الذى سيحكم موقفنا، وهذا ما اعتدنا أن نعبر عنه علنا وفى حواراتنا مع الأطراف، وهذا ما سنواصله بغض النظر عن الجهة التي نختلف معها تجاه هذه القضايا، وللحقيقة هذه القضايا يمكن أن يكون الخلاف حول بعضها بين قوى اليسار أحيانا ليس بأقل مما هو مع الآخرين.

الجانب الآخر الذى يحكم موقفنا يتلخص فى حقيقة أننا فى الوقت الذي نحرص فيه على الوحدة الوطنية بمشاركة كافة القوى واندماجها فى النظام السياسى بشقيه فى منظمة التحرير والدولة أو السلطة، إلا أننا نعرف أن هناك تباينا أيديولجيا عميقا بين رؤيتنا المجتمعية والفكرية والديمقراطية وبين رؤية التيارات الإسلامية وفى مركزها حماس، وأن هذا التباين تشترك فيه غالبية قوى منظمة التحرير مع التيارات الاسلامية وهو يظهر أو يختفى وفقا لحجم القضايا أو لأولوياتها، وبالنسبة لحزبنا فنحن كنا على الدوام نربط بين الموقف من القضايا الاجتماعية والديمقراطية بالموقف من القضايا الوطنية وذلك من منطلق أن ضمان الحقوق الاجتماعية والديموقراطية ضمان للحقوق الوطنية.

ما هى أهمية تحقيق المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس فى الوقت الراهن ؟ وما هى انعكاسات ذلك ؟

هناك كما أشرت أهمية كبرى وطنيا وسياسيا، فإنهاء الانقسام يقطع الطريق على محاولات إجهاض مشروع الدولة الفلسطينية والتشكيك بمبررات ضرورتها، خاصة وأن هناك إدارة امريكية لم تشر إطلاقا إلى أى تأييد رسمى لما يسمى (حل الدولتين)، إن المشروع الاستراتيجي الإسرائيلى هو تكريس الانقسام بين الضفة وغزة، وإنشاء حل يقوم على كيانية فلسطينية معينة فى قطاع غزة يحكمها مفهوم الأمن مقابل الاعمار والاقتصاد وعلى صيغة لحكم ذاتى محدود فيما يسمى مناطق "أ" مع تسهيلات اقتصادية فى إطار استمرار الاحتلال والإدارة المدنية.

مراسم توقيع المصالحة الفلسطينية برعاية مصرية

إنهاء الانقسام يمنح قوة حقيقية للدفاع الجدى عن برنامج الدولة الفلسطينية، بوصفها تعبيرا عن حق تقرير المصير وعن وحدة الشعب الفلسطينى وعن وحدة تمثيله فى الدفاع عن حقوقه بما فيها حقوق لاجئيه فى العودة، فنحن نريد مصالحة تصلب الجبهة الوطنية الداخلية فى النضال لإنهاء الاحتلال وتحقيق حقوق شعبنا بما فى ذلك التصدى لمخاطر المشروعات السياسية الرامية لتصفية القضية الفلسطينية، أو تقزيم حلها فى إطار ما يسمى الدولة ذات الحدود المؤقتة أو الفدراليات أو الحلول الاقتصادية أو حتى مجرد إعادة إطلاق المفاوضات لتبرير حالة تطبيع مع الدول العربية، فى إطار ما يسمى الحل الإقليمى نحن باختصار نريد مصالحة تواجه ما تسعى الولايات المتحدة وغيرها لتمريره وليس مصالحة للتناغم معه أو تبرير أهدافه فى التطبيع.

أما الهدف الثانى، فهو إننا نريد مصالحة تعالج ظروف المواطنين الحياتية وتقلص معاناتهم وخاصة فى قطاع غزة، فجميعنا يعرف إن العبء الأكبر من الهموم اليومية تحمله أبناء شعبنا فى قطاع غزة الذى بات فى وضع كارثى من حيث مستوى الخدمات أو ظروف المعيشة أو المخاطر البيئية وتلوث المياه ومشكلة الكهرباء، وغيرها من واقع الفقر والبطالة ومن حقيقة استمرار الحصار الاسرائيلى وآثاره.

ومقاربتنا في هذا  الخصوص واضحة ومنحازة لمعالجة هذه الهموم بخطة طارئة جادة تضعها الحكومة وتسندها كافة القوى، ويجرى حشد الدعم العربى والدولى لها وفى إطار من تحييد معالجة قضايا الناس وهمومها عن حقيقة الخلاف والجدل السياسى، وبالطبع انه فى إطار ذلك يجب أن تنتهى أية إجراءات اتخذت فى قطاع غزة، كرد على تشكيل حكومة حماس أو لجنتها الإدارية التى جرى حلها.

أما الهدف الثالث فهو إننا نريد مصالحة تعمق الحقوق الديمقراطية وتعيد الاعتبار للتجربة الديمقراطية الفلسطينية التي تراجعت بسبب الانقسام، وذلك من خلال حماية الحريات والحقوق الديمقراطية ومن خلال ضمان حقيقى لمرتكزات نظام ديمقراطى قائم على فصل السلطات وتكامل وفعالية أدوارها، وبالطبع فأن هذا يعني ضمن ما يعنيه تغليب سلطة القانون وآلية إدارة الخلافات فى إطار المؤسسات والآليات الديمقراطية وليس استنادا إلى أية مركبات أخرى .

وبضمن ذلك لا شك أن تطوير بيئة تنويرية منفتحة فى مواجهة بيئة التعصب والتزمت والإنغلاق يصبح هدفا للجميع، لمنع ارتدادات مظاهر التطرف والتعصب على المجتمع الفلسطينى والشباب الفلسطينى بوجه خاص، وفى مقدمة ذلك أهمية تطوير نظام التعليم والتفكير العلمى والاهتمام الجدى بحل قضايا الشباب ومشاكلهم الأكثر إلحاحا وفى مقدمتها قضية البطالة فى صفوفهم.

هل تؤيدون الدخول فى عملية تفاوضية عقب توحيد الصف الفلسطينى ؟ وهل لدى الجانب الفلسطيني شروط للمضى قدما فى عملية سلمية ؟

لا شك أن إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة يحسن فرص الشعب الفلسطينى فى التعاطى مع كافة الخيارات بما فيها الخيار السياسى، وفى رأينا أن العودة لدائرة المفاوضات على الشاكلة السابقة غير مفيد بل سيعيد إنتاج نفس الفشل والأهم أنه فى ظله تستمر إسرائيل فى الاستيطان وتغيير الوقائع على الأرض وفى الاحتلال، ولذلك يجب بناء مقاربة مختلفة لأية عملية سياسية جادة، وبالانطلاق مما سبق وتم التوافق عليه فلسطينيا وأقره المجلس المركزى لمنظمة التحرير الفلسطينية وهو الوقف الشامل للاستيطان بما في ذلك في القدس، ووضع جدول زمنى لإنهاء الاحتلال وإطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى، ونحن نضيف لذلك بوضوح الحاجة لآلية دولية لرعاية هذه المفاوضات، إما من خلال مجلس الأمن أو بصيغة تشبه الصيغة التى اعتمدت فى الملف النووى الإيرانى ولكن بالقطع ليس فى ظل الرعاية الأمريكية المنفردة لعملية السلام أو حتى بصيغة اللجنة الرباعية الفاشلة.

بالطبع نحن فى حزب الشعب ندعو ونعمل على أن يكون مركز أى عملية سياسية هو الانطلاق من أعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين لإنهاء الاحتلال عن أراضيها ولتطبيق قرار الأمم المتحدة رقم 194.

هل ترى أن رعاية وضمانة مصر للاتفاق ستدفع بالمصالحة نحو النجاح ؟

بالتأكيد أن لمصر دور محورى فى رعاية وإنجاح المصالحة الفلسطينية، ونحن مرتاحون فى عودة مصر للعب هذا الدور وبقوة، وبلا شك فإن التنسيق والعمل المشترك مع الأشقاء في مصر سيساعد فى تذليل العقبات، وبالطبع  المسؤولية الاولى تبقى على القوى الفلسطينية فمهما كان تأثير مصر لايمكن ان يحل مكان الاستعداد والارادة الفلسطينية لتحقيق المصالحة، ودعنا هنا لا ننسى ان دور مصر لا يقتصر على تسهيل الحوار والوصول إلى اتفاقات ولكن أيضا هناك دور متابع فى بعض الملفات تم الاتفاق عليه فى 2011 ودور ضامن أيضًا، بالإضافة طبعا إلى أن مصر لها دور كبير فى حشد الدعم العربى والدولى لاتفاق المصالحة.

ما رأيكم فيما يتردد عن وجود أطراف إقليمية ودولية تريد افشال المصالحة؟ هل أنتم مستعدون لمواجهة تلك الأطراف وتعريتها ؟

 فى رأينا أن الطرف الأساسى الذى يعمل على افشال المصالحة استراتيجيا هو إسرائيل، ولذلك يجب المضى قدما فى إنهاء الانقسام، أما أية أطراف أخرى تريد أن تلعب على بعض التناقضات فى ظل التوازنات الإقليمية، فأنها لن تكف عن السعى لاحتلال مساحة معينة فى الواقع الفلسطينى، وهذا أمر ليس جديدا بالنظر لأهمية القضية الفلسطينية ومكانتها العربية والإسلامية والدولية، ولكنى أعتقد أن قدرة التعطيل لم تعد بالحجم السابق خاصة بعد أن سوت حماس علاقتها بمصر.

 هل ترى أن دعوة الرئيس السيسى لتحقيق السلام بين الجانب الإسرائيلى والفلسطينى يمكن أن تتحقق؟

المشكلة ليست فى دعوة السيسي لتحقيق السلام، المشكلة كانت على الدوام فى إسرائيل التى أفشلت وتفشل أية محاولات جادة لتحقيق السلام على أساس إنهاء الاحتلال، حصل ذلك مع أكثر من إدارة أمريكية حتى رغم انحيازها كلها لإسرائيل، إسرائيل تريد عملية سلام ولكن ليس سلام، تريد تطبيعا دون ربط بإنهاء الاحتلال، وتريد مفاوضات دون أية نتائج أو التزامات، ولذلك ليس المطلوب إعادة المفاوضات أو عملية السلام بل ضمان إنهاء الاحتلال وهذا هو المحك الحقيقى لأية عملية .

بالتاكيد أن لمصر دور فى بناء إجماع عربى ودولى لشروط تحقيق عملية سلام جادة بالتعاون مع روسيا والصين والاتحاد الأوروبى، وبتنسيق عربى جماعى مع هذه الدول إضافة للولايات المتحدة، وفى حال كهذه يمكن توقع نتائج افضل من التجارب السابقة.

ما هو سبب تهميش القضية الفلسطينية منذ اندلاع الربيع العربى؟ وما هى الأطراف القادرة على إعادة القضية لسلم أولويات الاهتمام العربى والدولى؟

 مكانة القضية الفلسطينية تراجعت على صعيد المنطقة بسبب العديد من العوامل فى مقدمتها الانقسام الفلسطينى نفسه ولكن أيضا بفعل الانعكاسات الخطيرة لواقع البلدان العربية وما سمى بالربيع العربي، أن طموح الشعوب العربية للتغيير ولتطوير نظمها السياسية وللحريات الديمقراطية والتنمية هو طموح مشروع وحقيقى، ولكن ما جرى هو تأمر كبير على الدول وعلى الشعوب العربية ذاتها ولذلك فمن الطبيعي أن ثقل هذه القضايا ومأسيها الإنسانية والمادية المدمرة جعلتها فى مركز الاهتمام وهذا طبيعى سواء فى العراق أو سوريا أو اليمن أو ليبيا أو حتى لبنان، ومصر التى لا تزال تصارع لمنع انتقال هذه الآثار المدمرة إليها.

وبرغم كل ذلك فقد ظلت القضية الفلسطينية لدى شعوب هذه البلدان معيارا للانتماء القومى والانساني وجرى التعبير عن ذلك فى مظاهر عديدة، ولا شك أن تعافى هذه البلدان وافشالها للمؤامرات التى حيكت ضدها سيعيد الاعتبار لدعمها ومساندتها للنضال الفلسطينى.

فى ظل الانتهاكات الاسرائيلية المستمرة ..هل ترى أن أوسلو باقية أم أنها بحاجة لتجديد بمعنى توقيع ملحق اتفاق أو صياغة اتفاق جديد؟

من وجهة نظرنا يجب تجاوز اتفاق أوسلو خاصة وأن هذا الاتفاق وما تلاه من اتفاقات قد دمرتها إسرائيل، ولم تلتزم بها وخاصة بتحقيق الهدف النهائى منها وهو إنهاء الاحتلال، وما يجب أن يتواصل هو تجاوز أوسلو والتحرر من التزاماته والبناء على الاعتراف الدولى بدولة فلسطين، نحن نفهم هذا الاعتراف الذى جاء نتيجة المشروع الفلسطينى الذي قدم لمجلس الأمن ثم للجمعية العامة للأمم المتحدة، إنه محاولة منهجية فلسطينية لتجاوز أوسلو باتجاه الدولة وبالسعى لتحقيق ذلك عبر إرادة دولية بالإضافة إلى الإرادة الوطنية الفلسطينية.

وأما على الصعيد الداخلى، فمن خلال بناء جبهة موحدة للمقاومة الشعبية وكذلك من خلال إعادة النظر في التزامات السلطة وأولوياتها ودورها تنفيذا لقرارات المجلس المركزى لمنظمة التحرير عام 2015، بما في ذلك تفعيل وتطوير دور منظمة التحرير، إن المطلوب من وجهة نظرنا هو تجاوز أوسلو وليس إعادة التفاوض حوله أو إعادة انتاجه أو تمديده، وذلك يتحقق من خلال استراتيجية مثابرة تنطلق من قرار الأمم المتحدة حول الدولة وأن المهمة المباشرة هى إنهاء الاحتلال عن أراضى هذه الدولة وتحقيق استقلاها بالإضافة لضمان حقوق اللاجئين وفقالقرار 194.

ما هى القضايا الملحة التى يجب على حكومة الحمد الله التعاطى معها بشكل سريع ؟

القضايا الأكثر إلحاحا هى خلق وبناء الثقة بنجاح مسار المصالحة وبالعمل الجاد لمعالجة هموم الناس، بما فى ذلك معالجة القضايا والإجراءات التى ترتبت على تشكيل اللجنة الإدارية لحماس قبل حلها، وقد يكون فى هذا الإطار من الضرورى وضع خطة معالجة طارئة لأبرز أولويات القطاع بمشاركة فلسطينية متنوعة حكومية وأهلية ومن القطاع الخاص وتنسيق عقد مؤتمر دولى لاحقا لهذا الغرض، وقد يكون من المفيد أيضا أن تشكل القوى الوطنية لجنة مساندة تعمل بالتعاون مع الأشقاء فى مصر لتجاوز أية اشكالات تعترض عملية المصالحة.

 هل ترون أن توقيع اتفاق هدنة طويل الأمد مع الاحتلال يمكن أن يدفع بتحسين الأوضاع فى غزة ؟

 نعتقد أن اتفاق وقف النار الأخير كافى والمهم الحرص على عدم منح إسرائيل أية ذرائع لاستمرار عدوانها أو المبادرة لحرب جديدة على غزة وهذه مسؤولية مشتركة لكافة القوى وبالتعاون مع مصر وبقية الدول.