مناورات أمريكية بـ"الذخيرة الكلامية" لتمرير "الصفقة الكبرى"!

تابعنا على:   10:03 2017-12-02

كتب حسن عصفور/ حتى ساعته، هرب الرئيس محمود عباس وفريقه الخاص، من كشف "قيود" فرضتها أمريكا لعدم إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، ولم تكتف بعملية التعمية السياسية عن تلك القيود، بل أنها لم تتحدث عنها، ومارست هواية "الخداع والتضليل" للشعب وقواه السياسية، وتذهب لخلق "معارك جانبية" عبر أبواق كريهة، خاصة فيما يتعلق بمسار التصالح، وفتح جبهة عداء مع حركة الجهاد، ظهرت وكأنها "رشوة عباسية" للسعودية، باعتبار أن الجهاد لها علاقة خاصة مع ايران..

هروب عباس وفريقه المصغر "المجهول المسمى والعدد"، من كشف تلك القيود، ليس سوى رضوخ لما فرضته واشنطن لإستمرار فتح مكتب المنظمة، وكأن المكتب بذاته بات "المقدس" وليس "الكرامة الوطنية"..ما يشجع واشنطن على المزيد من المناورات لفرض تصور سياسي لم يعد مجهولا من حيث الأسس والجوهر، لحل يأتي في سياق ما بات معروفا بـ"الصفقة الإقليمية الكبرى"..

وبعد أن فرضت الشروط تلك، إنتقلت إدارة ترامب لفتح ملف نقل السفارة الأمركية من تل أبيب الى القدس والاعتراف بها عاصمة لاسرائيل، مخالفة للموقف الأمريكي منذ عام 1948، موقف قطعه الرئيس الأمريكي خلال فترة ترشحه للإنتخابات الرئاسية، ولم يبقه كوعد إنتخابي بل إنتقل الى مرحلة التنفيذ..

إدارة ترامب، تجرأت كما لم يحدث من أي إدارة أمريكية سابقة، في فتح ملف نقل السفارة، تأكيدا لتثبيت القدس عاصمة لدولة الكيان، وأصبحت جزءا من الحديث الدائم للسياسة الأمريكية، وارتفعت وتيرة عرضها مؤخرا، بعد أن بدأت رياح "الصفقة الإقليمية" الكبرى، التي دخلت حيز الصياغة النهائية مع أطراف عربية واسرائيلية، مع تغييب الفريق العباسي عن تلك المشاروات الصياغية، مكتفين بـ"إعلامه" عن بعض جوانب الصفقة وليس مجمل جوانبها، وقد أكد ذلك بعض قيادات فتح التي كشفت بذلك عن "التحقير الأمريكي" لهم، بالقول  أنهم يعلمون عن وجود صفقة من أطراف عربية..فالإدارة الأمريكية لم تعد تتعامل مع عباس وفريقه كطرف مقرر في مسار التسوية القادمة، بل  كـ "طرف ثانوي"، رغم كل ما يقدمه من "خدمات أمنية ورضوخ سياسي" لما تمليه..

الحديث الأمريكي عن نقل السفارة يحمل وجهين لخدمة "تمرير الصفقة الكبرى"، الأول للطرف الإسرائيلي، خاصة اليمين السياسي والديني، بأن الحل القادم سيحقق لاسرائيل ما لم يكن بالإمكان تحقيقه، مع عناصر أساسية تتقاطع كثيرا مع "الرؤية الاسرائيلية" للحل السياسي، خاصة في تثبيت تهويد جزء هام من قلب الضفة وأيضا الحصول على اعتراف عباس بأن "ساحة البراق والحائط" هما "أماكن يهودية مقدسة"، وأنها آخر بقايا "الهيكل"، مع تقييد الكيانية الفلسطينية القادمة أمنيا وسياديا..وأن الصفقة جزء من حل إقليمي عام يضع دولة الكيان كجزء هام في المنطقة العربية..أمريكا، وفريقها "اليهودي المفاوض"، يرون فيما يتم صياغته بـ"صفقة العمر" لدولة اسرائيل، والتي يصعب رفضها..

مقابل "الرشوة السياسية" المقدمة للكيان الاسرائيلي، فهي تمثل "العصا السياسية" في وجه الطرف الرسمي الفلسطيني بقيادة محمود عباس، بأن رفض "الصفقة الكبرى" سيفتح الباب أمام تغيير قواعد اللعبة، وأولها نقل السفارة الى القدس والاعتراف بها عاصمة لاسرائيل، دون أي ثمن، مع البدء بحملة شاملة، سياسية وإقتصادية وديبلوماسية، مع حصار أمني - عسكري، وفتح ملفات خاصة للرئيس وعائلته وفريقه، لو أنه حاول الظهور بموقف الرافض..

هل أصبحت "الصفقة الإقليمية الكبرى" قدر سياسي لا راد له، من حيث الجوهر نعم، الصفقة قادمة، لكن بالإمكان العمل على تعديل ملامحها، خاصة فيما يتعلق بعنصري التهويد في الضفة والقدس، والبعد السيادي -الأمني، مع تحديد أسس حل قضية اللاجئين، ومفهوم "تبادل الأراضي" الغامض، وفق خيارات لا بد منها.

تلك الخيارات تستحق قراءة خاصة  كونها تشكل عناصر الفعل الفلسطيني، لأخطر صفقة تعرض لإنهاء الصراع في المنطقة وجوهره القضة الفلسطينية..

ملاحظة: رد القوى الوطنية، عدا "فتافيت فصائلية"، على صفاقة رئيس وفد فتح بالحوار ضد الجهاد وقيادتها بخصوص موقفها من المصالحة، درس بليغ له ولرئيسه، يكشف كم باتت فتح العباسية بعزلة عن قوى الشعب!

تنويه خاص: درس هام لتقدير النجوم قدمه الرئيس بوتين، عندما ذهب برفقة النجم الإرجنتيني ماردونا لإلتقاط صورة مع النجم التاريخي لكرة القدم البرازيلي بيليه!

اخر الأخبار