عيون واشنطن "الإسرائيلية"

تابعنا على:   14:18 2017-12-10

افتتاحية الخليج الاماراتية

بدت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي كالمنبوذة، تهذي وحيدة خلال اجتماع مجلس الأمن يوم أمس الأول لمناقشة قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بمدينة القدس المحتلة عاصمة لـ«اسرائيل».
المندوبة الأمريكية كانت في واد وكل الوفود التي شاركت في المناقشات في واد آخر. هي كانت كمن يتحدث مع نفسه، لم تجد إلا ترديد الموقف الأمريكي المعروف الداعم للدولة العبرية وزادت عليه أن لها الحق في اختيار عاصمتها التي تريد. وكما دأبت عليه منذ توليها منصبها كالت الاتهامات للأمم المتحدة بالعداء لـ«إسرائيل»، ثم زعمت أن الولايات المتحدة لم تتخذ موقفاً بشأن حدود مدينة القدس لأن ذلك متروك للمفاوضات بين الجانبين (الفلسطيني و«الإسرائيلي»). فيما أدانت الوفود الأخرى الموقف الأمريكي واعتبرته انتهاكاً لقرارات الشرعية الدولية ويتعارض بالمطلق مع الإجماع الدولي، ويقوّض فرص السلام في المنطقة.
كلام هايلي يلاقيه كلام مشابه صدر عن وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون قال فيه «إن أي قرار نهائي بشأن القدس سيعتمد على المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين».
كلاهما يمارس في الواقع نفاقاً سياسياً، فمن يعتبر أن مصير القدس وحدودها يتقرر في المفاوضات لا يعترف بها عاصمة للاحتلال ويقرر نقل سفارته إليها. هذا الكلام يفتقد إلى الحد الأدنى من الصدقية، ويستخف بعقول العرب والعالم، اذ أن اشنطن تحاول فرض أمر واقع وجعله خاضعاً للمفاوضات في وقت لاحق، تماماً كما تفعل «إسرائيل» من خلال تهويد مدينة القدس ومصادرة الأرض وبناء عشرات المستوطنات، ثم الحديث عن تسوية وسلام.
كلام هايلي عن عداء الأمم المتحدة لـ«إسرائيل» هو كلام «إسرائيلي» بامتياز طالما ردده مسؤوليها للتهرب من تطبيق قرارات الشرعية الدولية، التي تدعو للانسحاب من الأراضي العربية المحتلة إلى حدود 1967، والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. هايلي ترى أن على المنظمة الدولية كي لا تكون عدواً لـ«إسرائيل» أن توافق على الاحتلال وتقر سياسات التهويد والاستيطان وتعتبر القدس عاصمة للدولة اليهودية، وتنكر كل حقوق الشعب الفلسطيني.. هكذا يجب أن تكون الأمم المتحدة بلا مسؤولية سياسية أو أخلاقية وتتصرف بما يتعارض مع ميثاقها ودورها، أي أن تكون منظومة دولية تابعة للخارجية الأمريكية أو «الإسرائيلية».
هناك سوء تقدير أمريكي لقرار الاعتراف بالقدس عاصمة لـ«إسرائيل»، أو تعمد تجاهل ردود الفعل والتداعيات المحتملة لهذا القرار، لأن النظر بعين اسرائيلية للوضع في منطقة الشرق الأوسط يصيب العين الأمريكية بالعمى تجاه ما يمكن أن يحصل.
إن الأنهار البشرية العظيمة التي تدفقت في المدن الفلسطينية والمواجهات الواسعة مع قوات الاحتلال، وتلك التي شهدتها مئات المدن العربية والإسلامية ومدن العالم هي مجرد بداية لما يمكن أن يكون عليه الحال وبشكل أعنف في مستقبل الأيام.
الذي جرى وسيجري من ردود أفعال عربية وإسلامية نذر غضب لن تبقي الحال على ما هو عليه. فالقرار الأمريكي هو إهانة لكل العرب والمسلمين لأنه يطال أقدس أقداسهم في إسلامهم ومسيحيتهم وعروبتهم وكرامتهم، فإذا لم يغضبوا الآن متى يكون الغضب؟.

اخر الأخبار