استقالة السلطة الفلسطينية؟

تابعنا على:   14:34 2017-12-10

أحمد عبد التواب

لعل أهم ما ينطوي عليه قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أنه أقوي إشهار أمام العالم أجمع بوفاة نهج ما يُسمَّي بعملية السلام، التي قيل إنها تستهدف الوصول إلي ما يُسمَّي بحل الدولتين، إضافة إلي إعلان القرار أن أمريكا وإسرائيل حليفان مندمجان لا يكترثان بمواجهة العالم كله إلي أقصي نقطة. وبذلك، فقد صارت جميع الفصائل الفلسطينية هي أول المعنيين بالتعامل الجاد مع هذه الحقيقة المشهرة، يتساوي في المسئولية السلطة وكل التيارات المعارضة لها. خاصة بعد أن أدي هذا النهج إلي تحقيق أكبر نجاحات لإسرائيل دون أن تعاني من أي حرب، حتي إنها صارت تتمتع بكل مزايا دولة الاحتلال مع إعفائها من أي التزامات يفرضها عليها القانون الدولي كدولة احتلال تجاه الخاضعين للاحتلال، بل لم يعد هنالك من عمل حقيقي بين الفلسطينيين وإسرائيل بمقتضي هذه العملية سوي ما يُسمَّي بالتنسيقات الأمنية، حيث صار علي عاتق السلطة الفلسطينية أن تمنع أي عمل تُصنِّفه إسرائيل عدوانياً ضدها، وأن تتعقب فاعليه وتعتقلهم وتعاقبهم، وإلا فسوف تتهم إسرائيل السلطة بأنها تتقاعس عن مسئولياتها في الاتفاقيات، في حين تُعفَي إسرائيل من أي التزام بأي شىء.

ولا فكاك من الاعتراف باستحالة الاستمرار في هذه المتاهات المستنزفة، سواء بهذه المفاوضات أو بهذه الانتفاضات، كما يجب إجراء تغيير جذري علي التعامل الفلسطيني مع القضية، علي أن تكون الخطوة الأولي تخليص الفلسطينيين من أخطاء المرحلة السابقة وتحريرهم من قيود الاتفاقيات المجحفة.

وقد يكون من المجدي الدراسة الدقيقة للمكاسب والخسائر التي تترتب علي استقالة السلطة الفلسطينية من مسئولية الحكم الصوري الذي لا يخدم سوي إسرائيل، وأن تقدم الاستقالة للأمم المتحدة ليقوم العالم بمسئولياته، ما دام أن السلطة الفلسطينية صارت عاجزة عن أن تفي بالاحتياجات الأساسية لمواطنيها وعن تحقيق الحد الأدني لتطلعاته، كما تبرئ نفسها من الاتهامات في حالات الاضطرابات والإخلال بالأمن، علي أن تتضمن الاستقالة المكتوبة بعناية كل ما يؤكد التمسك بجميع الحقوق، لكي تضمن عندما تحين عملية جادة للسلام أن تكون بدايتها من نقطة أعلي من هذه الأوضاع الكارثية.

عن الاهرام

اخر الأخبار