الى قيادة حركة "حماس"..لا تسترخصوا الفلسطيني!

تابعنا على:   10:09 2017-12-26

كتب حسن عصفور/ في سرعة يمكن وصفها بالتاريخية، إحتل القيادي في حركة حماس يحيى السنوار مكانة مميزة جدا، في الحضور الفلسطيني، فاقت كل من سبقه من قيادات حماس التاريخية،  والحاضرة، رغم انه لم يخرج من بين "جدران الحراك السياسي" بل من المدرسة القسامية، مكانة لم تأت عبر "زفة إعلامية"، او "جوقة صناعة بطل"، بل فرضها سلوك وممارسة وتحول مسار فعل وكلام، وهي ميزة تغيب كثيرا عن غيره من القيادات الراهنة..

ترسخت صورة جديدة لقائد حمساوي، كانت كلماته جزء منه وشخصه، اكثر من أن تكون "درسا محفوضا" أو كلاما ملقنا، تحدث كفلسطيني الى الفلسطيني، فنال ما نال محبة وإنحيازا متزايدا كلما زاد انحيازه لفلسطين، قضية ووطن وشعب، بعيدا عن "عصبوية الفصيل"..

وبلا شك، فمعه، ايضا، قدمت حماس، بعد إنتخاب القيادة الجديدة، وعلى رأسها الشخصية الوطنية ذات الحضور الشخصي الخاص، اسماعيل هنية، شخصيتها بثوب يختلف عما كان في الذهن والذاكرة كحركة اسلاموية، فباتت الوطنية الفلسطينية أكثر تعبيرا، ومثل ذلك "بشائر سياسية"، أن القادم أفضل، وان تاريخ ومسار المشهد الفلسطيني بدأ يكسر ما كان كارثيا، خلال "الزمن الفلسطيني الرديء"، بعد إغتيال الخالد المؤسس الشهيد ياسر عرفات، وما رافقه من توريط لخطف غزة وانقلاب أسود، مهد موضوعيا لتقديم "الخدمة الكبرى" للمشروع التهويدي، ومقدمة عملية لتحقيق حلم صهيوني في تكوين "يهودا والسامرة" وتهويد البراق وفتح الباب لـ"هيكل" مستورد..مع "خطف الشرعية الرسمية"، في سياق تدمير الكيانية الفلسطينية بكل مكوناتها..

وكان اتفاق التصالح الجديد، علامة حسن جودة للأداء الحمساوي الجديد، بعيدا عن تحليل مسبابته، لكن القيادة الجديدة اختارت طريق التصالح العام،  مع الداخل الوطني، وعبره مع الشقيقة الكبرى مصر، في "فتح سياسي" هو الأهم في علاقة حماس مع مصر..

خطوات عامة، كان لها أن تقفز بحماس من حالة ظلامية سياسة، سلوكا وفكرا، الى حركة وطنية فلسطينية قادمة في تصويب المشهد العام، وحماية "بقاياه" من مؤامرة لم تعد سرية، فكل ملامحها بل ونصوصها قائمة ومعلومة..

 لكن وبسرعة قاسية أيضا، يعمل البعض من حماس، قيادة وكادرا وسطيا، ان يكسر الصورة التي انتظرها الشعب الفلسطيني، فبدأ الكلام وكأن التصالح - المصالحة، التي اختارتها القيادة الجديدة، ليس جزءا من "رؤية وطنية جديدة"، بل جزء من "رؤية خروج من مأزق ذاتي" لحماس، كما اشاعت أوساط عباسية منذ البدء تشكيكا في صدقية المسار، وأصبحت القضية الوطنية برمتها ليست سوى "ازمة موظفين وراتب لهذا الشهر او ذاك"، وصل الأمر أن يخرج أحد نواب الحركة في المجلس التشريعي، وعشرات قبله، بل قيادات مؤثرة، تعلن أن "الراتب مقابل التصالح" وعدمها العودة للقديم الذي كان..

السنوار، النجم الذي تألق كما لم يكن لغيره، بفتح باب "أمل التغيير"، سارع تحت ضغط "ثقافة الراتب والوظيفة"، لأن يساهم في كسر مسار الأمل، بدأ حركة اشاعة أن المصالحة تنهار، وأن الأمل بدأ ينكسر، وأن وأن وأن..

والحقيقة، التي يجب أن تدركها قيادة حماس، هي قبل غيرها، أنه لا يليق أبدا، مهما كانت ظروف الحركة المالية، أن يتم رهن المسار الوطني التصالحي بحركة الراتب، ودون أي شرح لذلك، عليكم بتجربة الخالد أبو عمار عندما بدأت الحرب الوطنية للدفاع عن الكياينة هوية، وعن المقدسات طابعا وأثرا، حرب شاملة عسكرية تدميرية سياسية وحصار شامل ماليا وشخصيا وعسكريا، كي ينكسر، فكان الخيار أن القضية الوطنية لا مقابل مالي لها..

قيادة حماس، عليها أن تنهي ومرة واحدة تلك المعادلة البائسة والفقيرة وطنيا، وأن تعلن أن التصالح الوطني، ضرورة وطنية سلاحا لحماية مشروعنا أو ما بقي منه، دون تلويث مضاف..

لتوقف حركة الضغط الوهمي، أن الراتب الوظيفي بات أكثر قدسية من  الوطني العام، وأن المصالحة ليست رهنا بسلوك محمود عباس فصيلا أو سلطة، بل هو خيار لا خيار غيره، ومن لا يريد أن يكون منه فليشرب من بحر غزة، أو ليغرق في بحر غزة..

حماس قيادة، عليها أن تعيدد مفهوم العلاقة الوطنية - الشراكة وفق أسس حقيقية وثورية، بعيدا عن انتاج نمطي فيما كان..بحث أسس شراكة شاملة وكلية، وأن تنهي والى الأبد لعبة القط والفار مع فتح، بل وتتوقف عن أي لقاءات ثنائية خاصة مع فتح، وأن  يصبح الإطار الوطني هو قاعدة العمل، ويمكن تشكيل سكرتاريا تنفيذية لمتابعة الحراك اليومي..

على قيادة حماس، أن تنتهي من حركة "الفراغ السياسية" القائمة على الشعارات العامة، والتي تصيب أحيانا ضررا تدميريا ما لم يتم تصويبها جذريا، وأن تتقدم بـ"رؤية سياسية شاملة"، تنطلق من جوهر وثيقة الحركة المقرة في أبريل / مايو 2017، نحو إقامة دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس ، وتعيد الاعتبار لقيمة القرار الدولي الخاص بعضوية دولة فلسطين رقم 19/ 67 لعام 2012 ليصبح جزءا من رؤية الحركة السياسية..

حماس هي، وقبل فتح وعباس، من عليها تقديم رؤيتها، حول كل القضايا الوطنية، من برنامج سياسي الى أداة عسكرية، وأن تتقدم برؤية لكيفية التعامل مع الأجنحة العسكرية، والكف عن الكلام العام..

قيادة حماس، تملك ذخرا استراتيجيا بأن حضورها في قطاع غزة عنصر مركزي لحماية القرار الفلسطيني، بل والهوية الوطنية، فقطاع غزة هو القلب النابض لأي مشروع حل سياسي، بل هو القاعدة الاساس لبناء الكيانية الفلسطينية المعاصرة..

حماس، وليس فتح من عليها أن تعطي لروح العمل الوحدوي العام روحا غير ما كان منها..وأن تكف عن اللقاءات الاستعراضية الى البحث الحقيقي عن نقلة نوعية في الوحدة والتوحد الوطني العام، لصياغة رؤية ومواقف ..

على قيادة حماس أن تتقدم برؤية لمفهوم النظام السياسي الفلسطيني، وآلية العمل الى حين تنفيذ اعلان دولة فلسطين وفق قرار الجمعية العامة..

دون ذلك، يكون القول أن قيادة حماس بحثت حل أزمتها وليس أزمة مشروع وطني..

واصلوا مسار التغيير الحقيقي، ولا تستخفوا بالفلسطيني أو أن تسترخصوه براتب أو وظيفة!

ملاحظة: عاد "أبو التهويد" الرجوب للحديث..في لقاء "جعجة سياسية فريدة" كشف كم أن كراهيته لمصر "أصيلة"..ابو التهويد، لا يرى مصر دولة مركزية، هو يرى فقط السعودية والأردن..بس صحيح كيف نسي قطر "أم الملايين"..للتفاهة مسمى!

تنويه خاص: أن تقدم استخبارات محمود عباس على اعتقال العميد محمد دايه، احد أبرز من رافق الخالد أبو عمار، فتلك فضيحة تكشف كم بـ"العباسيين" حقدا على "العرفاتيين - إقرا الوطنيين".. "الزغير بيضله زغير شو ما سمى حاله"!

اخر الأخبار