هل ستنجح السلطة في إيجاد بديل عن أمريكا لرعاية السلام والتسوية مع إسرائيل ؟

تابعنا على:   09:58 2018-01-15

عبدالحكيم عامر ذياب

بدأت المعركة الخفية في الظهور للعلن حين قررت الولايات المتحدة الأمريكية إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية ، معتقدة أنها بهذه الخطوة تسحب الاعتراف بالفلسطينيين ، ولا يعلمون أن الفلسطينيون قد تجاوزوا اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بهم ، بعد هذه الخطوة رجل كبرى الدول أصبح ساذجاً ، فأمريكا التي تحسب كل أفعالها ، وأقوالها ، وخطواتها بدقة ، قد أخطأت هذه المرة ، بفعل رئيسها ، مبررة هذا الخطأ بأن الفلسطينيون لا يريدون استكمال المفاوضات مع إسرائيل ، وكأنها إما تتغابى ، أو تسغبينا ، ونسيت أنها هي راعية كل تلك المفاوضات ، ومصدر توثيقها ، وكلنا يعرف أن سجلات الاجتماعات التي وثقت كم مرة أهانتهم إسرائيل ، وقلبت الطاولة في وجوههم ، مثل ما فعل وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون مع وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري ، حين شتمه واتهمه أنه يبحث عن جائزة نوبل للسلام ، وبعد الاستهزاء به عرض عليه أن يأخذ ثمن الجائزة من إسرائيل !!

ثم يسخرون ، ويقطعون الطريق على الفلسطينيين ، رغم أن فلسطين موقفها ضعيف ، لأنها تحت الاحتلال ، ولأن أمريكا لم تكن ذات يوم محايدة ، ولأن دعم القضية الفلسطينية لم يعد كسابق عهده ، إلا أن الكلمة الفصل لهم ، واسرائيل وأمريكا يعلمون ذلك جيداً ، حتى بالتصعيد السياسي ، وإعلان القدس عاصمة لإسرائيل مطلع ديسمبر الماضي ، وكانت تعتبر أن هذا حقها ، ولم تكن تحسب أن الفلسطينيين ، سيبعدوها عن حل قضيتهم ، وعن مسألة الوساطة مع إسرائيل ، فربما لم يحسب ترامب المتذاكي ، أنه سيواجه قرارات صعبه ، من قبل السلطة ، أولها كان إعلان الرئيس محمود عباس أنه لن يقبل بأن تكون راعية للسلام ، مما دعى أمريكا التهديد بوقف الدعم عن السلطة ، إلا أن الأخير ثبت على قراره ، فضمناً وصلت الرسالة ، لا نريد مالاً يذلنا ، أو يمس بقضيتنا ، أو يكون مشروطاً ، ولن نقطع استحقاقات الجرحى والأسرى وذوي الشهداء ، لكن السلطة الآن تبحث عن خيارات أخرى ، ما هي الخيارات إذاً ؟ فالتجربة مع الإدارة الأمريكية طويلة ، ولطالما حاولنا تصديق أنها وسيطاً عادلاً لعملية التسوية ، لكنها في الحقيقة هي منحازة بالكامل لدولة الاحتلال ، فهي تستقوي على صاحب الأرض والضحية ، لكننا أمام رجل يؤمن أن فلسطين لليهود ، فانتقلت المعركة من كونها سياسية فقط ، إلى سياسية دينية أيضاً .

"السلطة الفلسطينية لن تنسحب من عملية التسوية ، وهي بصدد البحث عن مرجعية دولية بديلة عن واشنطن" هذا ما صرح به وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي ، فقرار السلطة واضح ويقين في أن أمريكا لا أهلية لها لقيادة دفة التسوية مع إسرائيل ، لكن التساؤل الذي يطرح نفسه الآن هل لدى الدول العربية ، أو الأوروبية القدرة على أن تكون بديلاً لأمريكا ، وهل ستسمح واشنطن لتلك الدول أن تسد الفراغ الذي أحدثته ، أعتقد أن لا أحد حتى اللحظة يرغب في رعاية عملية السلام ، والتسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، لأن أي تدخل سيقابل فوراً باعتراض أمريكي ، وستفشل الولايات المتحدة أي وساطة سواء كانت روسيا أو الصين ، أو الاتحاد الأوروبي ، حتى هذه الخيارات ضعيفة ، كلها لا تستطيع الضغط على إسرائيل بأي شكل كان ، ولا حتى على الفلسطينيين ، فهي لا تعد قوة مساندة لإسرائيل ، ولا دعماً مادياً للسلطة ، فروسيا لا تستطيع أن تشكل هذا الضغط ، وفرنسا ممثلة للاتحاد الأوروبي فشلت قبل عامين في عقد مؤتمر دولي للسلام ، مما يدفع السلطة الخروج من هذه العملية تماما ، ستدفع ثمنا باهظاً ، لكنها ستحمي نفسها من مزيد من الضغوط والتنازلات ، أو إعادة تفعيل اللجنة الرباعية التي تضم الولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي وروسيا ، وهي معادلة ربما تكون منطقية .

اخر الأخبار