قرارات المركزي..التباس سياسي وزمني!

تابعنا على:   10:27 2018-01-16

كتب حسن عصفور/ أنهى المجلس المركزي لمنظمة التحرير دورته، التي "عقدت" كراهية في المكان والزمان لفرض وقائع "إنقسامية فلسطينية"، دون أن تبذل قيادة فتح ورئيسها أي جهد حقيقي كي يتم صناعة "فعل وطني مشترك"، بحضور حركتي حماس والجهاد كقوى مركزية فلسطينية، لا يمكن لأي قرار مهما كانت ثوريته أن يرى النور دون مشاركتهما الفعلية، سواء بحكم التأثير الشعبي، أو بحكم الواقع القائم في قطاع غزة..

ومع هذه النقيصة السياسية "غير العفوية"، فما كان من دورة وبيان، ما يمكن التوقف أمامه، خاصة القرارات التي صاغها البيان الختامي للدورة 28 15 يناير 2018، حيث ان المجلس المركزي، أعاد التأكيد على ضرورة تنفيذ قرارته  السابقة في دورة 27 عام 2015، التي أوقفها الرئيس محمود عباس رهانا كاملا على الإدارة الأمريكية، ورهن قرار المنظمة وفقا للموسيقى الأمريكية، متغافلا أن قرارات المجلس ملزمة له ولكل الإطر، لكنه مستغلا الانقسام، فواصل "خطف المنظمة" لحسابه الخاص..

وكي لا يلدغ ("الفطن السياسي" من أفعى عباس مرات)، من المهم قراءة ما كان من قرارات اشارت الى وقف التنسيق الأمني وتحديد العلاقة مع دولة الاحتلال، بما فيها العلاقة الاقتصادية، واعتبار المرحلة الانتقالية لاتفاق أوسلو منتهية، والانتقال من السلطة الى مرحلة تجسيد الدولة..وتكليف اللجنة التنفيذية سحب الاعتراف بدولة اسرائيل الى حين الاعتراف بدولة فلسطين..مع التذكير بتقديم ما يجب للمحكمة الجنائية الدولية بما فيها "العدوان على قطاع غزة".

لعل تلك القرارات الأبرز والأهم، والتي يمكن إفتراضا انها العناوين الأهم للعلاقة المستقبلية مع دولة الكيان، مع قرارات شأن داخلي والمصالحة والوضع العام، لكن جوهر المستقبل السياسي للمشهد الفلسطيني يبدأ من رسم رؤية واضحة للعلاقة مع دولة الاحتلال..

انتهاء المرحلة الانتقالية لإتفاق أوسلو

لعل الحديث في هذه المسألة يحتاج الى "تدقيق سياسي" من اللجنة التنفيذية، بصفتها المكلفة بتنفيذ القرارات والتوصيات للمجلس المركزي، وهنا هل هناك وضوخ للعلاقة بين انتهاء المرحلة الانتقالية وتجسيد دولة فلسطين، لو هناك ارتباط يصبح الحديث ليس عن المرحلة الانتقالية فحسب، بل الحديث عن مجمل العلاقة باتفاق أوسلو واعتباره بات "كادوكا سياسيا"، وعليه تصبح أي علاقة مستقبلية مع دولة الكيان الاسرائيلي عبر دولة فلسطين، بما فيها اي قضايا تحتاج الى "تسويات سياسية"، وليس الى "مفاوضات سياسية"، مع اعتبار "مواضيع الحل النهائي" التي اشار لها اتفاق أوسلو لم تعد قائمة، حيث قرار الأمم المتحدة 19/ 67 لعام 2012 وضع حدا نهائيا لبعض مواضيع مفاوضات الحل النهائي، وتبقى فقط مسألة العلاقة مع الكيان وتلك مرهونة بالاعتراف، وربما يتطلب الأمر بعض "ترتيبت خاصة" لتسويات حدودية، لرسم الطريق الرابط بين الضفة والقطاع، عبر ممثلي الدولتين..ومسألة القدس بكل مكوناتها، إذ ان أوسلو تحدث عن "القدس" دون تقسيم شرقية أو غربية من اجل أن تكون أي مفاوضات حولها مستندة الى قرارات جمعية عامة ومجلس أمن..

التنسيق الأمني

أن يكرر المركزي، التأكيد على وقف التنسيق الأمني وتحديد العلاقة مع الكيان، فتلك مسألة جوهرية بكل معنى التعبير، وهي خطوة مركزية لفصل سياسي حقيقي لاشتباك وتداخل بين "الكيانية الفلسطينية القائمة"، ودولة الاحتنلال بأدواتها كافة، وكانت المطلب الأساس لفك "الارتباط" بمرحلة سابقة والانتقال الى مرحلة جديدة، خاصة بعد عام 2012 بقبول دولة  فلسطين عضوا مراقبا في الأمم المتحدة..

الحديث عن وقف التنسيق الأمني عبر بيان المركزي، لا يمنحه أي مصداقية أو جدية، استنادا للماضي الذي كرره البيان الحالي، ما لم يعلن بوضوح حل كل اللجان التي ترتبط بمفهوم التنسيق الأمني، وإنهاء أي مظهر من مظاهرها، مع تحديد شكل العلاقة المدنية وبأي صيغة وضمن أي آلية، كي لا تصبح "سريا" هي "آلية تنسيق أمني من الباطن"..

وضع رؤية لكيفية التعامل مع حركة الرئيس محمود عباس داخليا وخارجيا، وتحرك قوات الأمن بكل أذرعتها، وحركة السلاح الرسمي الفلسطيني..

وهل هناك تصور لمواجهة مع قوات الاحتلال لو أنه حاول الاعتداء على "استقلالية القرار الأمني الفلسطيني" في المناطق التي تقع تحت المسؤولية الأمنية الفلسطينية كاملا..وكيف سيكون التحرك نحو المناطق التي كانت تسمى منطقة "ج أو سي" في الضفة المحتلة..

تجسيد دولة فلسطين

بعيدا عن "التأخير المتعمد" لعباس وفريقه لذلك القرار كمحاولة لاسترضاء أمريكا، فكانت اللطمات بديلا  على الخنوع السياسي، لكن من الملاحظ أن الإشارة الى تجسيد دولة فلسطين، لم يتحدث عن اعتبارها "دولة تحت الاحتلال"، وأن القسم الجنوبي منها (قطاع غزة)، ورغم انه ليس تحت الاحتلال المباشر الا أنه تحت الحصار، ما يمنحه أفضلية سياسية كمكان لمتابعة تحرير أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة، وذلك يحتاج قرار واضح حول مقر رئاسة دولة فلسطين وأدوات العمل الرسمي للدولة الفلسطينية، وآلية العمل مع فروعها في دولة تحت الاحتلال..

والتجسيد، يتطلب تغييرا كاملا في الدور والمهام والأوراق الرسمية، جوازات سفر وهويات، وتلك ليس مسألة جانبية، فدونها يصبح الحديث عن التجسيد ليس سوى كلام تحريضي لا أكثر..مع يتطلبه رسم خطة عمل لفرض ذلك التجسيد في المناطق اليت لم تكن ضمن حدود صلاحيات السلطة "ج"

العلاقة الاقتصادية مع الكيان

لا يوجد أي فلسطيني لا يعلم حقيقة العلاقة الاقتصادية مع الكيان، وان السوق الفلسطيني محتل تقريبا اقتصاديا يفوق الاحتلال العسكري، ولذا فالمسألة هنا تحتاج صياغة عملية لتلك المسألة، التي تم تناولها مرات سابقة، ودون تفاصيل كيفية وضع أسس تحديد تلك العلاقة، وتركها للمختصين، لكن النقطة التي قد تشكل خطوة هامة، اعتبار المنتج الاسرائيلي في السوق الفلسطيني بضاعة أجنبية بكل معنى التعبير، ضرائبا وفحصا وشروطا..

الذهاب الى المحكمة الجنائية الدولية

أشار المجلس الى تقديم الإحالة حول مختلف القضايا (الاستيطان، الأسرى، العدوان على قطاع غزة) للمحكمة الجنائية الدولية.

وهنا هل يشمل ذلك تقرير غولدستون، ام بات ماضيا، أم ان الرئاسة الفلسططينية، وحكومتها لديها تقارير حديثة ستعمل على تقديمها كبديل أو تطوير لتقرير أوقف عمله وتنفيذه الرئيس محمود عباس بطلب أمريكي - اسرائيلي منذ سنوات..

الالتباس في مضمون القرارات وآلية تنفيذها السياسي والزمني

لعل تلك العناصر التي يجب فك التباسها من حيث تحديد واضح لمضمونها ووضع آلية تنفيذ عملية مع سقف زمني محدد..دون هذا سنعود ثانية الى ذات المربع وتستمر الحياة السياسية الملتبسة داخليا ومع دولة الكيان..

والسؤال الأهم، هل يعتقد الرئيس عباس والإطار الرسمي الشرعي التمثيلي، انه يمكن تنفيذ أي من الخطوات السابقة دون إنجاز مصالحة فلسطينية حقيقية واعادة العلاقة مع قطاع غزة كجزء من "الشرعية الفلسطينية"، وقبل كل ذلك وضع حد لخطف الشرعية الرسمية من قبل الرئيس محمود عباس، واعادة العمل للمؤسسة بالتوازي مع تفعيل الإطار القيادي الموحد، بمشاركة حماس والجهاد، الى حين اعادة تشكيل جديد للشرعية الرسمية..

دون ذلك نكون في عداد قراء لبيان لا أكثر ولا أقل.

ملاحظة: ذكرى مئوية الخالد جمال عبد الناصر تستحق أن تكون في صدارة المشهد السياسي، بعد أن تأكدت شعوبنا أن موقفه من امريكا ومشروعها العدواني العام في المنطقة هو "اس البلاء"..زعيما رحل وزعيما يعود!

تنويه خاص: اعلام محمود عباس يحتاج الى مقاطعة وطنية، اعلام غريب عن المشهد الوطني العام ومختصر المشهد بعباس وفريقه لا أكثر..لا رأي لفصيل أو شخصية سياسية ليس على "الهوى العباسي"!

اخر الأخبار