ما هى حسبة أردوغان؟

تابعنا على:   12:19 2018-02-14

أحمد عبدالتواب

قد يكون من المفيد قبل تناول موقف أردوغان الأخير بمنعه شركة إينى الإيطالية من أعمال التنقيب على الغاز فى المياه الاقتصادية القبرصية، أن نتذكر قاعدة أساسية تكاد تكون عامة فى أدائه، وهى أن شطحاته السياسية تُركِّز على أن تعطى انطباعاً بالشجاعة والجسارة وأن تُوحِى كما لو أنها مرتجلة تخلو من إجراء حسابات دقيقة، وهى كلها أغراض سياسية بدائية مما يرضى جماهيره من العامة البسطاء الذين يحبون أن يبدو رجلهم رجلا مبادئ! ولكن كشفت الأيام فى كثير من هذه الاستعراضات أنها كانت معدة سلفاً وأنها محسوبة، وأنه أبرم اتفاقات مسبقة مع الأطراف المعنية طمأنهم إلى أن أقصى ما يمكن أن يذهب إليه هو آمن لهم، وهؤلاء لا يضيرهم أن يكسب بنطاً أمام جماهيره ما دام أنه على الدرب المحقق لمصالحهم. ومن النماذج الكثيرة، وفقط عبر السنوات القليلة الماضية، كل ما يتعلق بمواقفه العنترية التى توهم بأنه معارض أصيل لإسرائيل وأنه متعاطف صلب مع الفلسطينيين، ثم ينكشف فى كل مرة أن علاقته وتعاونه اليومى مع إسرائيل أكبر مما يمكن أن يتخيله أحد، وأن هذا ليس فقط، مفروضاً عليه كأساس استراتيجى للمؤسسة العسكرية التركية القوية، وإنما هو، أيضاً، اختيار سياسى له ولحزبه القائم على مبادئ الإخوان المسلمين.

وأما عملية القرصنة الأخيرة أمام سواحل قبرص، والتى يتحجج فيها عن حق أصيل للأتراك فيما يُسمى بدولة شمال قبرص التركية، والتى لا يعترف بها فى العالم كله سوى تركيا، فهو يعلم جيداً أن قدرته وحده على المناورة محدودة، لاصطدامه، قبل قبرص، بالقانون الدولى وبمصالح حقيقية لإيطاليا، وبالتالى مع الاتحاد الأوروبي، كما أن شركة إينى المضارة هى واحدة من كبرى الشركات فى القارة الأوروبية، وأن ذراعها الاقتصادية والقانونية والسياسية والإعلامية يمكنها أن تصل إلى البعيد! فما هى حسبة أردوغان بالضبط؟ ومن هو المستفيد من فعلته؟ وما هو الغرض؟ وإلى أى مدى يمكنهم أن يساندوه؟ وهل هدفه هو مجرد تحقيق بعض المكاسب الاقتصادية لأتراك قبرص، أم أن المخطط تعويق الاستفادة من الغاز فى المنطقة؟ وهل يمكن أن تتأثر بهذا استحقاقات مصر ومشروعاتها العملاقة؟

عن الاهرام

اخر الأخبار