هل يختفي قطاع غزة من علي خارطة العالم؟

تابعنا على:   21:39 2018-02-17

أ.د. كامل خالد الشامي

تعلمنا من تجارب الآخرين أن اختفاء الشعوب والحضارات أمر يتكرر في التاريخ, إما بالحروب وأما بالكوارث الطبيعية, وحتى الممارسات الخاطئة والعادات السيئة تؤدي الي الزوال والانقراض.

غزة ليست قارة أو دولة, ولا تصلح لأن تكون دولة ولا حتي إقليم مستقل, هي فريسة التاريخ والجغرافيا,ويتفنن العالم المتحضر بحصارها, علي الرغم من أنها في الحقيقة مسالمة جدا, ولا تشارك أبدا في إيذاء أو مهاجمة الآخرين,البسوها حلة الإرهاب, واخترعوا لها فتأوي شرعية, وأغلقوا عليها كل الأبواب, ومن حين الي حين يسقون أهلها كأس العذاب بمباركة الأصدقاء والأحباب.

ليس لها جيش ولا يوجد بها ماء أو دواء,وسكانها لا يذهبون الي الحج لأداء الفرائض¸ومرضاها يموتون بصمت, لا دخول إليها ولا خروج منها.لكنهم يريدونها دولة, منزوع منها كل شيء, دولة للطرشان والمكفوفين.

في تفاصيل الحياة اليومية , السياسة فيها حكر علي عدد قليل يتميزون بالنضارة والنظارات السوداء, ولا يرون إلا ما تجود به قوة أبصارهم, لكن هيهات, من خارجها يبدأ الفعل السياسي, والشاطر من يضرب ضربته القوية ومن تكون قراراته أكثر ضررا لتلك المكلومة, ضربات عثمانية بأيادي محلية, توجع ثم توجع, صعقني تصريح قائد, انب أشقاء قرروا تخفيف الحصار عنها , نهرهم ومنعهم واستغرب منهم كيف يفسدون عليه حصاره لها, وفي نفوس سكانها يقبع الم كبير.

التناحر عليها علي أشده, ليس طمعا في التخفيف من مصابهم وكسب رضا الرحمن , بل أنانية في الاستحواذ علي كل ما يمكن أخذه منهم, فلقمة العيش فيها أغلي من المطاعم الفاخرة في موناكو, ورغيف الخبز أصبح نادر الوجود بعدما جفف العالم منبع وكالة الغوث التي تنفق علي فقرائها وهم الأكثرية , ولحق بهم أغراب وأعراب.

وفي التفاصيل المحزنة,لم تعد مؤسساتها قادرة علي تحمل أعباء سكانها, فهي شبه منهارة, وخدماتها أصبحت تقترب من الصفر, فكثير من طلابها وطالباتها لم يعد بإمكانهم الوصول الي جامعاتهم لعدم تمكنهم من دفع أقساطهم الجامعية ولا حتي أجرة المواصلات للوصول إليها, وحني رياض الأطفال في الطريق الي الانكفاء غلي نفسها, وقس علي هذا كل شيء من تجارة وصناعة وزراعة وصحة, بطالة منقطعة النظير, وشباب ضاع حلمة.

مصالحة بعيدة المنال, وفلاسفة التمكين وقعوا في شباك الكمين, ووقع الشعب بين فكي الكماشة.

تفكير قديم يصلح لمتاحف التاريخ, لكن الكل مصر انه هو الحق والآخرين هم الباطل, وبين الحق والباطل يضيع الأمل وتغيب الفرص, ويرتفع حائط الظلم ويشرع العالم الدمار.

فهل حلب في الطريق إلينا؟ وهل يصبح محو غزة عن الخارطة أمر مقبول؟

وماذا عن الدولة؟ لمن تريدون الدولة؟ وأين تريدون قيامها؟ هل بقي لها شيء؟

أم ان الدولة ستهاجر معنا؟

اخر الأخبار