اردوغان واعادة عثمنة المنطقة

تابعنا على:   11:54 2018-02-20

رنا خليل

الحلم التركي بإعادة الدولة العثمانية بناءً على زعزعة استقرار الدول العربية ليس بجديد، ولكن في الآونة الاخيرة اتخذت تركيا خطوات وقحة لتأجيج الاوضاع في المنطقة وتفشي الاسلام السياسي ومنع استقرار العديد من الدول العربية مثل مصر وليبيا، خصيصاً أن هاتين الدولتين على ابواب انتخابات جديدة .

· التدخل التركي في ليبيا.

هنالك توجس ليبي من استمرار التعثر في مساعي الوفاق الوطني، والخروج من حروب أهلية تؤججها تدخلات خارجية يتصدرها النظام التركي، ففي منتصف الاسبع الثاني من هذا الشهر وقعت سفينة تركية في قبضة خفر السواحل اليونانية ليتبين أنه تم شحنها في تركيا بموانئ مرسين والاسكندرونة، وكان من المفترض ان تصل الشحنة إلى جيبوتي وعمان ولكن تلقى القبطان أمر بالابحار وتفريغ الشحنة في مصراته بليبيا.

ليتهم المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي أحمد المسماري " إن تركيا تدعم بالفعل الارهاب في بلادنا، حتى قبل بدء الحر بعلى الارهاب منذ أكثر من ثلاث سنوات، مشيراً إلى أن السفينة كانت موجهة إلى جماعة الاخوان المسلمين. واضاف "بعد دعم الجيش الليبي لاجراء الانتخابات المقبلة، من المؤكد أن الاخوان سيخسرون هذه الانتخابات وهذا هو السبب في أنهم يتحولون الآن إلى الاسلحة والمتفجرات لخلق الفوضى." كما وعرض مسماري القضية على الامم المتحدة، وتعهد الوسيط الدولي غسان سلامة بالكشف عن نتائج التحقيق بشأن السفينة.

ومن الجدير بالذكر أن حادثة السفينة جاءت بعد ايام من تفجير مسجد بيت رضوان في مدينة بنغازي، وسبقها تفجير مماثل في الاسبوع الاول من يناير اسفر عن سقوط عشرات المواطنين بين قتيل وجريح .

·  التدخل التركي في الصومال.

اغتنمت تركيا فرصة كبيرة في انشغال العالم عن دولة مهمة واستراتيجية انتشر بها المجاعة والمأساة الانسانية، لتفتح امامها ابواب المساعدات الانسانية والاقتصادية والسياسية والتعليمية أيضاُ، هذه العلاقة التي بدأت منذ زيارة اردوغان للصومال في اغسطس 2011 لتصل ذروتها بالتوقيع على اتفاقيات للتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين ليصل حجم هذا التبادل إلى 100 مليون دولار تقريباً.

ومن ناحية أخرى جعلت تركيا من اسطنبول عاصمة للمؤتمرات الصومالية، اما عسكرياً ففي اكتوبر العام الماضي تم افتتاح قاعدة عسكرية تركية على أراضي مقديشو، وأشاد وزير الدفاع للحكومة الفيدرالية محمد مرسل: " جهود تركيا في دعم القوات المسلحة الوطنية الساعة إلى تحرير البلاد من براثن مليشيات الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة"، وتأتي هذه القاعدة في اطار سياسة فتح أسواق جديدة للأسلحة التركية والبحث عن أسواق جديدة لبيع الاسلحة، وابعاد استراتيجية اخرى لمواجهة تنامي نفوذ بعض القوى الاقليمية وتعزيز الحضور التركي في منطقة القرن الافريقي وحماية المصالح الاقتصادية التركية في القارة الافريقية.

·  التدخل التركي في السودان.

للسودان نصيب كبير أيضاً من الاهتمام التركي الذي جعلها توافق في ديسمبر الماضي على منح جزيرة سواكن الواقعة في البحر الاحمر شرق السودان لتركيا كي تتولى اعادة تأهيلها وادراتها لفترة زمنية غير محددة، حيث تبلغ مساحة الجزيرة 20كلم على ارتفاع 66م على سطح البحر. ويعد ميناء سواكن الاقدم في السودان وحالياً الميناء الثاني لها بعد بورسودان، ويستخدم في الغالب لنقل المسافرين والبضائع إلى ميناء جدة في السعودية .

من الجدير بالذكر أنه سبق للدولة العثمانية استخدام هذه الجزيرة مركزاً لبحريتها في البحر الاحمر كما وضمت مقر الحاكم العثماني.

خلال زيارة اردوغان السابقة للسودان تم التوقيع على اثنتا عشر اتفاقية بين الحكومتين، وتسع اتفاقيات بين القطاع الخاص، وكانت الاتفاقية الاكتر أهمية هي الاعلان المشترك عن " برنامج التعاون الاستراتيجي والذي تم بموجبه تأسيس المجلس الاعلى للتعاون الاستراتيجي بهدف تطوير التعاون الثنائي والاقليمي والدولي بين الدولتين بالاضافة إلى التعاون العسكري الذي بدأ عام 2013.

يستطيع السودان أن يقدِّم لتركيا فرصة كبيرة لتعزيز وجودها الإفريقي، بحكم ثراء موارده الطبيعية، ويمكن أن يعمل السودان كمعبر للتجارة التركية مع تكتل "كوميسا"، وأن يكون معبرًا للدول المفتقرة للموانئ في غربه .

كما أن حاجة السودان لمشروعات كثيرة في البنية التحتية في مجالات عديدة كالسكك الحديدية، والمطارات، والطرق وغيرها تشكِّل فرصًا لشركات المقاولات التركية. ولذلك، فإن المجال واسع أمام البلدين لتحقيق مصالح مشتركة ومنافع متبادلة في الفضاء الاقتصادي وتمثِّل القاعدة لعلاقة استراتيجية تتجاوز محدودية العلاقات السياسية العابرة، والأيديولوجية الضيقة.

· التدخل التركي في القدس.

تركيا لا تضيع أي فرصة أمامها في التدخل في امور القدس لتحاول بسط سيطرتها على زمام الامور على القدس، كان آخرها بعد اعلان ترامب القدس عاصمة لدولة الاحتلال، فتصدى اردوغان لهذا الاعلان واعلن بان هذه المسألة قد تؤدي لقطع علاقات انقرة مع اسرائيل.

نهايةً، تركيا تتدخل في الشأن العربي عامة وتستغل الصراعات الموجودة على الساحة وان لم تكن ستخلقها مجدداً، لتستطيع بسط سيرطتها قدر المستطاع والاستفادة من الموارد الضخمة الموجودة في هذه البلاد ولتكسب المال والسلطة أيضا من خلال تأجيج الاسلام السياسي في المنطقة وسعيها الدائم في تحقيق حلم الدولة العثمانية مجدداً

اخر الأخبار