بين فقراء غزة وولاة أمرها ...!

تابعنا على:   14:50 2018-02-21

محمود سلامة سعد الريفي

استوقفنى برنامج اجتماعي يُقدم مساءً فى احدي الاذاعات المحلية يسلط الضوء على الواقع الانساني المتردي لأُسر غزية تعيش تحت خط الفقر المتدقع بات يعج فيها قطاع غزة وتزداد معدلاتها بإضطراد مستمر وصل الى نسب عالية تمثل نتائج طبيعية الى ما آلت الية الأوضاع الاقتصادية الكارثية مع تفشي البطالة وتقليص المعونات والمساعدات الانسانية المقدمة من مؤسسات اغاثية دولية وجمعيات محلية لفئات وشرائح فقيرة أثرت على مستوي معيشتها بشكل عام بعد تخفيض التمويل تسبب بإنخفاض فرص الحصول على الاحتياجات الضرورية من مواد أساسية فى ظل انعدام الدخل من السيولة النقدية وتردي الاوضاع السائدة وتقلص الخدمات الحيوية العامة واقل ما يتم وصف اوضاع المواطنين بالمتردية والسيئة مع الانهيار التام للمنظومة الاجتماعية والاقتصادية طالت بعمق مجمل الواقع المعيشي ولامسته بقوة واثرت علية بعمق مع انخفاض فرص التحصل على حاجيات مُلحة تشكل بمجملها أسباب عيش بات لا يتصف بالكريم مع المكابدة اليومية ل2مليون انسان يعيشون ذات الظروف الصعبة بغَنيِهم وفقيرهم الذي قست عليه ظروف الحياة وأطبقت على صدره وقضت على آماله وطموحاته بغدٍ أفضل بات أمنية صعبة المنال مع ما هو قائم ومعاش فى قطاع ضيق أشبه بسجن كبير محاط بأسلاك شائكة واغلاق متواصل لمنافذه مع العالم الخارجي..! نتج عنها ظروف حياتية معقدة للغاية لا تتوفر معها ضروريات الحياة وبذلك أصبح قطاع غزة كبقعة منفية ساقطة من حسابات المتشدقين بحقوق الانسان ..!

غزة اليوم تعاني ما تعاني من سوء واقع فرضه الانقسام الداخلي والحصار الصهيوني الجائر يتواصل لعامه 12 دون أفق معلوم لزواله أصاب القطاع بالشلل التام وترك تداعيات جسيمة على مجمل مناحي الحياة يتقاسمها مع ما نتج من الانقسام البغيص ليصبح قطاع غزة يرزح تحت سطوة الحصار والانقسام معاً ويتناغمان معاً فى تأجيج أزمات القطاع ويتسببان فى موته القسري مع ضنك العيش وحالة التضيق والخنق اللذان يتسببان فيها تضررت بفعلهما رزمة الحقوق الفردية والجمعية الغائبة بفعل فاعل يترجم تغيبها التناحر السلطوي ومناكفات المواقف الحزبية وسجالات السياسة والتشدق بالوطن..! وطن أصيب بالاعياء وتسلل الوهن لمواطنيه وانتهكت أرضه ومقدساته دون أن يفعل ساسته ما هو مطلوب منهم الى جهة تصويب واقعهم المتردي والولوج الى توحيد طاقات ومقدرات عديدة ومتعددة جميعها تنصب لخدمة ذلك الحزب او ذاك دون ان يسترعى انتباههم ما تعانيه الحاضنة الشعبية من مآسي وهموم وأعباء وأزمات ومشاكل لم تري طريقاً للحل حال بقي انقسامهم ومناكفاتهم ولم يسعوا بدأب للتحرر من مواقف حزبية ضيقة يتمترسون بقوة خلفها..!

قطاع غزة يأن ويستغيث ما قبل تشيعه الى مثواه الأخير يلقي ربه منهكا متعبا خائر القوي يستعجل لقاء ربه ليشتكي اليه ظلم وجُور كل هؤلاء ممن نصبوا أنفسهم ولاة أمره من قادة وزعماء ومسؤولين وهمين لا يملكون من أمرهم شيئا..! من المؤكد سيجد الانصاف والعدل فى محكمة الآخرة بعدما فشلت محكمة الدنيا من ارجاع حقوق مكتسبة لطالما شرعها الكتاب السماوي المقدس وتنادت بها منظومة القوانين والأنظمة الوضعية ذهبت أدراج الريح دون أن تهتم لأمر المسجونين قسرا والمضطهدين عنوة ممن فقدوا حقهم فى عيش كريم على أرضهم ونالهم ما نالهم من تداعيات انقسام اطال من أمده المنقسمون بتمسكهم بمواقفهم البالية..!

فى خضم البرنامج الاذاعي قطع المذيع حديثه مرحباً بطفل لا يتعد ال12 ربيعا من عمره جاء ليتبرع بمبلغ 20 شيكلاً لأسرة فقيرة هى نصف ما ربحه من بيع العلكة وورق الفاين على مفترق السرايا الحيوي المكتظ بالسيارات والمواطنين..! ما أقدم الطفل على فعله مثل حدث يتوقف عنده كل ضمير انساني ويعكس احساس عال لفقير اعياه طول انتظار يقف ساعات طويلة عند مفترق مزدحم يجمع المال ويعود به ليسد احتياجات أسرته الضرورية..! ما أن انتهى من عمله الشاق عاد الى بيته وفى الحال ألحت عليه والدته بالذهاب الى مقر الاذاعة اثناء بث برنامج على الهواء مباشرة يجمع تبرعات لأسرة معوزة يطل عليه الصباح بلا طعام ويمسي ليلهم بدون ما يسد رمقهم..! غادر على جناح السرعة وطرق باب الاذاعة ليعمل بنصيحة الأم ويتبرع بالمال..! انه لشيء فيه روعة وكلمات ذلك الطفل تنم عن مشاعر حية ماتت عند القادة والمسؤولين وولاة أمر الأمة..! بفعله تفوق على من يَدعون الورع والطُهر والزُهد همهم الوطن والمواطن ويواصلون الليل مع النهار من أجلهما..!

صدقت مشاعر صغيرنا ونال شرف ما قام هو بذلك استحق التقدير والثناء.! والتصق الكذب وخيبة الأمل بقادة ومسؤولين فى غمرة انشغالاتهم ولقاءاتهم حول المستديرة والمستطيلة تحوي ما لذ وطاب وما تجود به الأرض من خيرات ومقبلات وأصناف من الطعام والشراب تشتاق لقليل منه معظم عوائل وأسر القطاع الجائع..!

فقراء غزة لديهم من النخوة والعزة ومشاعر الانسانية

ما يتفوق على هؤلاء ينامون على فراش كسوته حرير ووسادته من ريش نعام وتتوفر لهم كل أسباب الراحة..! كيف لهم ان يتشدقوا بحب الوطن ويتحملون أمانة اعادة حقوقه

المسلوبة ..! هم اخفقوا ويكتنفهم الفشل الذريع أمام طفل تبرع بالمال دفعه احساس أم فقيرة تعتاش من عمله فى ظل واقع قاسٍ تكابده وتعايشه ذات الأسرة..! الا انه شعور المسؤولية والاحساس بالفقراء واحتياجاتهم دفع فقيرا ليساعد محتاجاً يستغيث ويستجد شعر بمعاناته مُلبيا نداء الواجب الانساني دون أن تلقى دعوات المأزومين بالاً عند أحدهم..!

فى كل ما يعايشه قطاع غزة المأزوم جوانب كثيرة من الحقيقة التى لا يمكن اغفالها او تغطيتها بغربال حتى وان إضيقت فتحاته تسمح بتغلغل الحقيقة القائمة تزواج اوضاعاً مأساوية لا يمكن استمرارها الى الابد..! هذة حقائق على اصحاب القرار ان يدركوها قبل فوات الاوان وانحدار الواقع الى ما هو اسوء هذا ما تؤشر الية سوء الاوضاع وبؤس الاحوال ..! لكن لا احد مستجيب لنداءات الاستغاثة ولا يكلف نفسه عناء التدبر والتفكير بما يعانيه المواطن الذي انحدرت به ظروفه الصعبة نحو هواية الفقر والبطالة والشعور بالاذلال والاهانة امام تغير حاد طرا على حياته عليه مواجهتها وحده والنحت بالصخر من اجل توفير ما يُعينه على حياة باتت بائسة بكل المقاييس تفتقد الى الكرامة الانسانية فى وطن تحدق به المخاطر من كل اتجاه..! غالباً ما يتجلي الواقع المرير من خلال صرخات المعذبين والمنهكين يغض البصر ويصم السمع عنها ساستهم..! فيبدو واقعهم كمن يحدث نفسه ويدور فى دوائر مفرغة لا تخفى حقيقة حياة لا تليق بالآدمين فى القرن ال21 صنعها لنا المتمترسون خلف مصالحهم والمتشدقون بالوطنية..! تناسوا انهم بمجموعهم نسل حاضنة شعبية وولدوا من رحمها..! لو علمت حقيقتهم لآثرت على اجهاض نفسها بنفسها عنوة وتحملت قسوة الاجهاض على ان تتحمل ولادات مشوهة لقيادات عاقة تغامر بمصير الوطن والمواطن معاً ولا ينالها منها الا ارتداد احقادها وسوء استخدامها للسلطة والنفوذ..! رسالة غزة بحسرة وألم كبيرين تكتبها بالدموع الحارة والدماء العزيزة الى ولاة أمرها من انقسموا على أنفسهم ينطق بها لسان حالها.. اغيثوا غزة وأهلها وارحموا صغيرها ووقروا كبيرها وتوحدوا لأجلها ومن أجلها لتعيش عيش الكرماء يحفظ لها ماء وجهها وعزتها وكرامتها لا العيش الرغيد كشعار لا يساوي من أمره شيئا ..! فهى لا تستحق الجوع ولا الفقر ولا المرض و لا الخذلان..! يكفيها ما تعاني وتكابد ومن غير المعقول أن تستمر معاناتها بفعل الاحتلال القذر اولاً وبسببكم أولاً...!.

اخر الأخبار