قصة قصيرة ( سباق الحمير ) !!

تابعنا على:   21:48 2018-03-03

د. عبد القادر فارس

دب الملل في صفوف السادة والساسة, والناس أجمعين , في بلاد " العم اسماعين" , بعدما طال الخلاف بين المتخاصمين , وفشل جميع المحاولات لإصلاح ذات البين , دون أن يتمكن الحكماء من فض الاشتباك , والوصول إلى أي حلول , فيما وصل إليه الحال , من نكد العيش , وضيق الحال والمآل , وحينها قرروا اللجوء لمشعوذ دجال , يدلهم على طريقة تخرجهم من المأزق , وتبعدهم عن الاختباء في النفق والخندق , والابتعاد عن دروب الحرب والسياسة , التي مل الناس منهما , لانهما لم تجلبا سوى الانهيار , والموت والدمار , وما جلبتا من خراب للديار , ومن فقر وتعتير , فكان اقتراح المشعوذ الخبير , اقامة " سباق للحمير " , يكون تسلية للرعية والأمير , ويتفرج عليه الصغير والكبير , واقترح أن تشترك في السباق اربعة حمير , الحمار الأول, وهو حمار من النوع العنيد , ويعرف بالحمار " الأخضر " ويركبه شيخ أو امام , والحمار الثاني " الرمادي" اللون ويقوده سياسي هُمام , بينما يركب الحمار الثالث " البني " الذي يميل إلى الاحمرار فلاح فقير , ويركب الحمار الرابع " الأسود" راعي غنم وابقار صغير .. ارتاح الجميع لاقتراح المشعوذ الأثير , صاحب الأفكار الحميرية, واستعد الجميع لبدء السباق , وحضر حفل السباق الاخوة والرفاق والأصدقاء , لكن أصحاب السباق اختلفوا من يكون الحكم , واتفق الجميع على استدعاء حكام من خارج البلاد , وبدأت رحلة البحث عن الحكم , وهل يكون حكما واحدا , أم عددا من الحكام , ولكن استقر الرأي على أن يكون حكما واحدا فقط , لأن المثل العربي يقول : " اذا كثروا الطباخين الطبخة بتنحرق" , وتم الاتصال بعدد من الحكام الأشقاء , وتم اخيرا احضار حكم له خبرة ودراية في سباق الحمير , من دولة جارة لها خبرة في التحكيم , بعد رفض فكرة الحكام الغرباء , واستبعاد فكرة قدوم حكام أجانب من دول غربية , لأن تكلفتهم ستكون غالية , ومرتباتهم عالية , في ظل الازمة المالية التي يمر بها الجميع , رغم القروض والديون , ومحاولات التعتيم والترقيع .
وفي الموعد المحدد انطلق السباق من خط البداية , وتحدد أن تكون المسافة برقم جديد غير سباقات المئة متر , والألف متر .. وغيرها من الأرقام المعروفة في سباقات العدو والجري , سواء للبني آدمين , او غير الحمير من الحيوانات , مثل الهجن والخيل والحصن , وتم اختيار رقم ( 1111 مترا ) , وبدلا من استخدام صفارة بدء الانطلاق من الحكم , أطلق الحكم من مسدسه رصاصة في الهواء معلنا انطلاق السباق , فانطلقت الحمير مذعورة , فاتجه الحمار الأول الذي يركبه الشيخ باتجاه المسجد , الذي تعود أن يوصّل فيه الشيخ عند صلاة الفجر , بينما أسرع الحمار الثاني إلى أقرب مكتب يجلس فيه السياسي مع مساعديه على الكراسي , فيما هرول الحمار الثالث وهو ينهق ويصيح , إلى حقل البرسيم والقمح والشعير , حيث مزرعة الفلاح الفقير , أما الحمار الرابع والأخير , الذي استهان بقائده الصغير , فلم يتحرك من مكانه , وبقي يتلفت حوله باحثا عن الكلب والأغنام والأبقار , التي ترافقه دائما في المشوار.
وهكذا فشل المتسابقون , دون الوصول إلى نهاية السباق , وحتى دون اتفاق , على موعد جديد , لسباق آخر جديد , وخرج المتفرجون غاضبون , بعد ان خسروا ثمن التذاكر التي اشتروها , وذهبت لجيوب المنتفعين من أصحاب المصالح , ومن المتسلقين والانتهازيين , الذين ركبوا ظهور الحمير , دون رأي أو تدبير, بينما صب أصحاب السباق كل الغضب على المشعوذ صاحب اقتراح سباق الحمير , الذي يصف نفسه بالخبير , وتم تقديمه لمحكمة عسكرية عاجلة , وتم الحكم علية أن يسير على أربع مثل الحمير , لمدة أربع سنين , تحت التهديد والوعيد , بأنها قابلة للتجديد والتمديد , إذا جد في الخلاف أي جديد !!.

اخر الأخبار