أضواء على الصحافة الإسرائيلية 2018- 3-21

تابعنا على:   14:54 2018-03-21

أمد / بعد 11 عاما تقريبا: إسرائيل تعترف بقصف المفاعل النووي السوري

كرست الصحف الإسرائيلية كافة، عناوينها وصفحاتها الرئيسية لسرد وقائع وأبعاد الهجوم الإسرائيلي في أيلول 2007 على المفاعل النووي السوري في دير الزور وتدميره، والذي تم اكتشافه بالصدفةوتكشف النصوص الكثيرة، حقيقة بارزة واحدة وهي فشل الاستخبارات العسكرية وجهاز الموساد بالكشف عن المفاعل، إلا قبل فترة وجيزة من موعد تفعيله، وهو ما اعتبره ضابط رفيع في جهاز الاستخبارات العسكرية سابقا، بأنه اخفاق يفوق اخفاق شعبة الاستخبارات العسكرية في حرب أكتوبر/الغفران عام 1973.

وقد سمحت إسرائيل، أمس فقط، بالنشر عن قيام طائرات سلاح الجو الإسرائيلي بمهاجمة وتدمير المفاعل النووي في سورية في عام2007وتوضح صحيفة "هآرتسفي سلسلة من المقالات التحليلية والتقارير الظروف التي رافقت العملية في ظل سياسة التعتيم الإسرائيلية والقيود الصارمة التي فرضتها الرقابة العسكرية، التي منعت وسائل الإعلام الإسرائيلية من الإشارة إلى العملية ولو بكلمة واحدة، بل قيدت اقتباسها بشكل كلمل لما نشرته وسائل الإعلام الأجنبية.

وتتحدث هآرتس في تقرير خاص عن التحقيق الذي أجرته في حينه اعتمادا على محادثات مع حوالي 25 شخصية ضالعة في العملية وفي الأحداث المرتبطة فيها، من إسرائيل والولايات المتحدة، والذي سرد قصة الهجوم، بدء من اللحظة التي ثار فيها الشك حول التعاون بين سوريا وكوريا الشمالية، مرورا بالاستعداد للعملية، والتخوف من حرب شاملة، والخلافات بين القادة الإسرائيليين حول طبيعة العملية والصراع على نيل الائتمان عليها

وتكتب أنه يستدل من التحقيق أن سوريا بنت، تحت أنف إسرائيل، مفاعلا نوويا تم اكتشافه صدفة، قبل حوالي نصف سنة من تفعيلهووصف مسؤول سابق في جهاز الاستخبارات ذلك بأنه إخفاق أكبر من إخفاق حرب يوم الغفران، وقال: "الجانب المخيف في كل القصة هو أن الكشف كان صدفة تامةالأسد والكوريون الشماليون بنوا تحت أنفنا مفاعلا نوويا في دير الزور، على مدار خمس أو ست سنوات، ولم نكن نعرففي الهدف الاستخباري الأكثر تغطية في العالم، وصل المفاعل إلى مرحلة ما قبل التفعيللقد كان هذا مفاعلا شبه متكامل عندما قصفناه".

وتضيف "هآرتسان العملية كانت أعظم إنجاز لرئيس الوزراء، الذي قاد إسرائيل قبل عام فقط إلى حرب فاشلة في لبنان، وبعد أقل من سنتين أجبر على التنحي في طريقه إلى قضاء عقوبة السجن بسبب جرائم الفسادويكشف التحقيق الذي أجرته صحيفة "هآرتسعن الاختلافات في الرأي في أوساط القيادة العليا الإسرائيلية والإدارة الأمريكية حول اكتشاف المفاعل وقرار الهجوم بدون مساعدة أمريكيةلقد دفع أولمرت باتجاه عملية سريعة قبل الوصول إلى نقطة اللاعودة وتنشيط المفاعللكن وزير الأمن إيهود براك طرح تحفظات واعتقد بأن خطة عمل الجيش الإسرائيلي لم تتبلور وكان خائفا من حرب شاملةواقترح شمعون بيرس، وكان ذلك قبل بضعة أشهر من دخوله إلى مقر الرئاسة، محاولة التحدث مع السوريين أولاودعا ديك تشيني، نائب الرئيس الأمريكي إلى قيام الولايات المتحدة بتدمير المفاعل، بينما اقترحت وزيرة الخارجية الأمريكية، كوندوليزا رايس، العمل على الجبهة الدبلوماسية والضغط على الأسدوتبنى الرئيس بوش، أخيرا، موقف وزير دفاعه، روبرت غيتس، الذي أوصى بترك العمل الهجومي لإسرائيل.

وتضيف الصحيفةعلى مر السنين، رفضت الرقابة السماح بالنشر بأن إسرائيل دمرت المفاعلوكانت الحجة التي تواصل توجيه الرقابة هي الخوف من أن النشر الأصلي في وسائل الإعلام في إسرائيل، سيُنظر إليه في سوريا على أنه تحمل المسؤولية، رسميا، من جانب القدس، وقد يؤدي بعد ذلك إلى رد فعل عنيف من دمشقوفي الخلفية، بدأت تصل تقارير عن هجمات إسرائيلية على قوافل سلاح حزب الله في الأراضي السورية خلال الحرب الأهلية السوريةفي هذه الحالات أيضًا، وعلى الغالب، لم تتحمل إسرائيل المسؤولية بشكل عام وبالتالي بقيت قائمة الحجة التي تقول إن "مساحة الإنكارتخدم الهدوء الأمني

لكن مسؤولة الرقابة العسكرية الحالية، العميد أريئيلا بن أبراهام، واصلت، بين الحين والآخر، فحص السياسة، وفي الآونة الأخيرة، أبلغتها الاستخبارات العسكرية، أنه ليس لديها أي اعتراض على النشر عن الهجوموعلى هذه الخلفية جاءت المصادقة المتأخرة من قبل الرقابة على نشر التفاصيل، بعد أكثر من عشر سنوات

ويتزامن توقيت النشر، ضمن جملة أمور، على خلفية نشر كتاب رئيس الوزراء آنذاك، إيهود أولمرت، الذي يشير فيه إلى الهجوم بتوسعوقال أولمرت، في مقابلة أجراها معه رفيف دروكر، وسيتم بثها على القناة العاشرة، مساء اليوم: "كان علي أن أتخذ قرارا بشأن ما إذا كنت سأخاطر باندلاع حرب في صباح الغد، وأن الجبهة الداخلية لن تكون محمية .. واتخذت هذا القرارقلتلن يتم التساهللماذا؟ لأنني أعتقد أنه بموازنة جميع العوامل كان هذا هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عملهربما لو أنني أخطأت لكانوا قد طردوني بالسياط، في صباح اليوم التالي". 

وبحسب أولمرت، "أنت تتحدث عن قنبلة نووية تبعد 450 كيلومترًا عن الوطن، 500 صاروخ سوري جاهزة للإطلاق، كل صاروخ يزن طنًا واحدًا، هذا ليس صاروخ قسام يزن 30 كيلوغرامًا، كلها ذات مسافة انحراف تصل إلى 30 مترًا وقد يطلقون 100 صاروخ كهذه على الكرياه (مقر وزارة الأمن في تل أبيبوعلى (أبراجعزرئيلي في السادسة صباحا". 

كجزء من مفهوم "مساحة الإنكارالتي صاغها الجيش الإسرائيلي قبل تفجير المفاعل، والذي بموجبه ساعد الصمت الإسرائيلي نظام الأسد على تجاوز الهجوم وتجنب التدهور نحو الحرب – تم فرض تعتيم كامل من قبل الرقابة الإسرائيلية على القضيةلقد منع الرقيب العسكري وسائل الإعلام من التطرق المباشر للتفجير في الأيام التالية، واكتفى بالسماح باقتباس ما نشرته وسائل الإعلام الأجنبيةوبما أن الإعلام الدولي لم يكن لديه أي فكرة عما تم قصفه في سوريا واعتبارا من أنه حتى في الإعلام الإسرائيلي كان عدد قليل فقط يعرف بالتفصيل ما الذي تم مهاجمته – فقد بقيت هذه القضية لغزا بالنسبة للجمهور على مدار فترة طويلة

في الفترة التي سبقت القصف، لاحظ عدد قليل نسبيا، من الصحافيين، الحدث الاستثنائي على المستويات السياسية والجهاز الأمنيالتقارير التي تم تقديمها إلى الرقابة، والتي كان فيها إشارة مفصلة نسبيا إلى إمكانية التصعيد، تم شطبهاوتم استدعاء العديد من الصحفيين إلى محادثات تحذير مع المسؤول عن مديرية الأمن في وزارة الأمن، وتم إبلاغهم بأن منشوراتهم يمكن أن تسبب أضراراً أمنية استثنائيةوردا على تساؤلات بعض الصحفيين، الذين أكثروا من السؤال، باعهم ديوان رئيس الحكومة والناطق العسكري سيناريوهات مختلفة.

العنوان الرئيسي في صحيفة "هآرتسيوم السابع من أيلول 2007، في اليوم التالي للهجوم، اضطر إلى الاكتفاء بتلميح فقطسوريا تعلن أنها أطلقت صاروخا مضادا للطائرات باتجاه طائرات إسرائيلية توغلت في أجوائها، والقدس تصمتالنص الذي اجتاز الرقابة العسكرية كان غير مباشر. "أحيانا ليس هناك حاجة إلى أكثر من صورةصحيح أن إسرائيل الرسمية تحافظ على الصمت، غير الطبيعي، منذ إعلان دمشق.. لكن مقطع الفيديو الذي نشره الناطق العسكري يحكي ملخص القصة بثماني ثوانيرئيس الأركان غابي أشكنازي يرسم ابتسامة عريضة ويصافح يد نائبه موشيه كابلانسكي". وفي عمق النبأ الذي كتبه عاموس هرئيل، كتب انه "مع هذا الكم الكبير من الزبدة على الرأس، ليس من المؤكد أن الرئيس السوري سيسارع للخروج في الشمس". 

في الأيام التالية منعت الرقابة العسكرية صحيفة "هآرتسمن نشر حتى اقتباسات من منشور للباحث الأمريكي يهوشواع لانديس، الذي ألمح إلى إمكانية أن تكون سوريا قد عملت على مشروع نوويوفي المقابل سرّب شخص ما إلى الصحفية الرفيعة في شبكة CNN، كريستيان امنفور، تقريرا كاذبا يقول إن إسرائيل قصفت في سوريا بطارية صواريخ مضادة للطائرات من إنتاج روسي، من طراز SA-18. المرة الوحيدة التي تهرب فيها أحدهم من السر كانت خلال اللقاء الذي أجراه حاييم يافين، في القناة الأولى، مع رئيس المعارضة في حينه، بنيامين نتنياهو، في 19 أيلول، والذي قال إنه كان يعرف مسبقا عن العملية في سوريا وانه هنأ أولمرت بعد تنفيذهاوهاجمت جهات سياسية تصريحات نتنياهو ووصفتها بأنها غير مسؤولة وتخرق سياسة الصمت الإسرائيلية.

 في 15 أيلول، قدمت "هآرتسإلى الرقابة تقريرا طويلا يفصل القضية، كتبه عاموس هرئيل، كان التقرير مفصلا إلى حد كبير لهذه القضية، إلى عاموس عوزوجاء في عنوان المقال: "سلاح الجو هاجم منشأة نووية سورية، أقيمت بمساعدة كوريا الشمالية". وتم شطب التقرير الموسع بالكامل من قبل الرقيب العسكريفي عام 2009، أجرى ألوف بن، تحقيقاً واسعًا وشاملاً في القضية بأكملها، والذي تم شطبه بالكامل أيضًاوتم رفض الاستئناف الذي قدمته "هآرتسإلى اللجنة، التي ضمت ممثلين عن الجمهور والرقابة ووسائل الإعلاملكن الرفض الكامل من قبل الرقابة، لم يمنع رجال أولمرت، الذين اطلعوا على المواد، من إرسال مجاملات إلى بعض الصحفيين على خلفية إجراء تحقيق دقيقوفي مرحلة لاحقة، قام الصحفي رفيف دروكر، من القناة العاشرة، بتقديم التماس إلى المحكمة العليا ضد الرقيب، الذي رفض بث فيلم قام بإعداده حول هذه القضية. 

في عام 2012، نشر الصحفي والباحث الأمريكي ديفيد ماكوفسكي، من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط، مقالة واسعة حول تفجير المفاعل في مجلة "نيويوركر". وكتب ماكوفسكي أنه اعتمد أيضًا على العديد من المصادر الإسرائيلية، وأظهرت الصياغة والتفاصيل بوضوح أن الفم الذي منع أصبح الآن يسمح والكثير من الضالعين في عملية صنع القرار يتعاونون على نطاق واسعإلا أن الرقيب أصر على عدم السماح للصحافة الإسرائيلية بنشر تقاريرها الخاصة حول التفجير، باستثناء اقتباسات من وسائل الإعلام الأجنبية.

زلزال يهز مجتمع الاستخبارات

ومما كتبته صحيفة "يديعوت أحرونوتعن هذه القضية انه في شباط 2007، هز زلزال مجتمع الاستخبارات في إسرائيلفتحت أنفه في دولة كرست له طوال أربعة عقود أعظم الموارد، وفي المكان الذي اقتنعوا فيه أنه لا يمكن أن يحدث أي شيء مهم دون أن نعرف عنه، ببساطة لأننا كنا مرتبطين لاسلكيا بكل نقطة فيه نشأ مشروع نووي عسكري سري.

بعد أن وصل رئيس الموساد مئير دغان ومعه الصور التي تثبت الجريمة، للقاء رئيس الحكومة إيهود أولمرت وخلال عملية الدراسة والتحليل والإحالة إلى الولايات المتحدة، قرر أولمرت تشكيل لجنة خارجية لفحص كل المواد في القضية بعيون جديدةبدون خوف وبدون تحيز، وبدون انتماء تنظيمي وبدون مشاعر الفخر أو الذنبلجنة تحاول صياغة رأي مستقل حول ما تحاول سوريا فعله في دير الزور.

وقد ترأس اللجنة رئيس قسم الأبحاث السابق، يعقوب عميدرور، وضمت أيضا، ج.أ، وهو خبير سابق في الأسلحة، في قسم الأبحاثوتذكر مؤخرًا، خلال محادثة مع أصدقاء، أنه عندما وصل إلى أولمرت قال شيئًا مثل: "الآن ستذهبون إلى الموساد والاستخبارات العسكرية، وكل طرف سيتهم الآخر، أنه بسببه لم نعرف في الوقت المناسب، وسينسب إلى نفسه الفضل في معرفتنا الآنلا تنتبهوا إلى العواطف، وركزوا على مهامكم".

وبدأ أعضاء اللجنة العمل، وفي الواقع، خلال وقت قصير، التقوا بمسؤولين من الموساد، وأفراد من الاستخبارات العسكرية، وهيئات أخرىونسب كل طرف إلى نفسه الكشف عن الموضوع وحمل المسؤولية عن الإخفاق للطرف الآخرويمكن العثور على دخان النقاشات حول النجاح، اليوم أيضا، في المواد المكتوبة التي نشرها الناطق العسكري، والتي تتضمن التذكير بمواد سرية لقسم الأبحاث، دون ذكر كلمة "الموساد".

يميل الإسرائيليون إلى رؤية الأمر السيئ، لكن يجب أن نقول في خلاصة القول، إن اكتشاف وتدمير المفاعل السوري هو قصة نجاح إسرائيليةحقيقة أن الموساد اكتشف صور التجريم بالصدفة أمر مهم، لكن يجب أن نتذكر أن العملية التي تم بفضلها إحضار الصور إلى إسرائيل كانت جزء من العمل الشاق، المعقّد والمنهجي، المبني على المهارة الممتازة.

وكانت هذه هي المرحلة الأولى من قضية "خارج الصندوق" (أو "عين هبسور"، "النغم الصامتوغيرها من الأسماء المعطاة للحدث). في المراحل التالية، جرت عملية ناجحة للغاية لجمع المعلومات الاستخبارية، ومشاركة وتسخير الولايات المتحدة لهذه القضية (على الأقل من وراء الكواليس)، وصنع القرار وتنفيذ مثالي من قبل سلاح الجو.

أحد المشاركين في الهجوم: "عرفنا بالمهمة قبل ثلاثة أشهر من الهجوم"

وتكتب "يسرائيل هيومان الهجوم على المفاعل النووي السوري من قبل إسرائيل كان حدثًا تأسيسيًا، ليس فقط من وجهة نظر المستوى السياسيفقد رأى طيارو القوات الجوية الذين شاركوا في الهجوم أنه حدث استثنائي، يختلف عن الطلعات العديدة التي قاموا بها في السابقوفي مقابلة مع "يسرائيل هيومقال الكولونيل تومر، الذي شارك في الهجوم: "كانت عملية ذات مقياس مختلف، ومنذ ذلك الوقت لم تحدث مثلها أبدا".

تومر، 41 عاما، يشغل حاليا منصب رئيس قسم المشاركة في القوات الجوية، وفي عام 2007، كان ضابطا شابا برتبة رائد، نائب قائد السرب 119 في تشكيل طائرات صوفا (F-16Iفي قاعدة سلاح الجو في رامونوقال في مقابلة معه بعد أكثر من عشر سنوات على تلك الليلة: "لقد عرفت عن المهمة قبل ثلاثة أشهر من تنفيذ العملية، لقد اتصل بنا قائد قسم العمليات، في حينه، وقائد سلاح الجو حاليا، الجنرال عميكام نوركن، وكشف لنا المهمةكنا ثلاثة، قائد السرب، وانا نائبه، وضابط التخطيط الذي تم اختياره لتخطيط المهمة، الرائد عمانوئيل ليفي، الذي قتل بعد ثلاث سنوات مع عميحاي أيتكيس في حادث تدريب في رامونلقد أخبرنا نوركن بأننا مطالبون بالتخطيط والإعداد لمهاجمة مفاعل نووي في سوريا".

ما هو الشعور عندما تسمع أنك ستهاجم مفاعلا نوويا سوريا؟

"الرد الأولي كان الشعور بالمفاجأةوبعد ذلك الشعور المتغير من خلال التفكير بأننا أمام مهمة مختلفة، من نوع آخرأنا أتخيل ما سيحدث إذا تم تفعيل هذا المفاعل، ماذا سيحدث إذا اضطرت دولة إسرائيل للتعامل مع وجود مثل هذا المفاعل النووي في سوريا؟ حجم المسؤولية كان كبير جداقمنا بالاستعداد ثانية بعد ثانية، أيضا من حيث المسار، الوصول بشكل لا يتم اكتشافنا خلاله، بشكل سري، مهاجمة الهدف بأفضل شكل، والعودة إلى البيت بسلام دون أن نصعد الأمر إلى حد الحربلم نكن واثقين من أنه لن تكون هناك حرب (بعد الهجوم)، ولذلك كان التحدي الكبير هو إعداد السرب للقتال إذا تطلب الأمر ذلك، وبالطبع كان هناك إخفاء كامل للمعلومات حتى في مرحلة التخطيط وخلال التنفيذ وبعده".

"حتى اللحظة الأخيرة لم نكشف أمام الطواقم ما هو هدف الهجوم الذي تدربنا عليهاخترنا الطواقم وبدأنا تدريبها بشكل فردي تماما، دون أن يعرفوا ما هي المهمة وما هو الهدفكانوا يعرفون فقط انهم يستعدون لأمر لا يمكن لنا كشفه، وهذا كان مثيرا للتحديلقد تناولت التدريبات الجانب المهني فقط، كيف نخطط الأمر بأفضل شكل كي ننجح بتنفيذ المهمة في كل مرحلةهذه رحلة طويلة جدا، وفي كل مرحلة هناك عامل كان ينبغي تحليله، في الذهاب وخلال التنفيذ وفي طريق العودة".

"وتم كشف المسار والهدف نفسه في يوم التنفيذ فقط من قبل قائد سلاح الجو في حينه، اليعزر شكادي، الذي وصل إلى السرب وقام بتقديم إحاطة للقادةهذا يترك تأثيرا كبيرا على الطواقم التي فهمت حجم المهمة ومطلب الساعةلقد تحدث شكادي عن أهمية المهمة، وفي اللحظة التي عرف فيها أعضاء الطواقم ما هي المهمة فهموا على الفور"

وبعد الإحاطة، المهمة نفسها؟

"كل شيء سار كما هو مخطط. الطواقم التي شاركت في النموذج الذي تدربنا عليه في الليلة السابقة، والمركبات التي تدربنا عليهاكل شيء عمل حسب التخطيطخرجنا إلى الطائرات في وقت مبكر نسبيا، حوالي ساعة قبل الانطلاق، وفي الواقع بدأنا كل العملية، من إدارة المحركات وحتى العودةهذه رحلة طويلة، معقدة، أكثر من ساعة ونصف أو ساعتين في كل اتجاهكان يجب المرور في مناطق خطيرة ذهابا وإياباخططنا لكل شيء من اجل منع التهديدات، سواء الأرضية أو الجوية.

بعد فترة من تنفيذ العميلة تم العثور في تركيا على حاويات الوقود التي القت بها الطائرات وكانت تحمل كتابات باللغة العبريةونشرت الصور في كل وسائل الإعلام الدولية، وكانت بمثابة تلميح كبير لكل من تساءل عن الجهة التي نفذت الهجوم الدرامي. "في كل طلعة توجد حالات وردود فعل"، يقول تومر ردا على سؤال عما إذا يعتبر كشف الحاويات إخفاقاويقول: "الرحلة كانت معقدة جدا، هناك الكثير من العوامل التي يجب علينا مواجهتها، وفي رحلة كهذه يمكن حدوث أمور كهذههذا جزء من التخطيط".

منذ الهجوم على المفاعل السوري في عام 2007، نفذ سلاح الجو عشرات العمليات السرية لمهاجمة أهداف في مواقع قريبة وبعيدةويتم السماع في وسائل الإعلام عن عدد قليل منها، وعندها، أيضا، تكون التقارير "حسب مصادر أجنبية". يعتقد الكثيرون حتى اليوم، أن ذلك الهجوم، قبل عقد من الزمان، وضع الأساس للهجمات الغامضة التي تحدث اليوم في إطار ما يعرف في الجيش الإسرائيلي باسم "الحرب بين الحروب".

"هناك دروس من هذا الهجوم يتم استخدامها اليوم لأغراض متعددة"، كما يقول تومر. "لقد تطورت القوات الجوية بشكل كبير منذ ذلك الحينلقد كشفت القدرات التي حققناها بفضل العملية في عام 2007 عن أشياء كثيرة، سواء القدرات التكنولوجية أو القدرات التشغيلية الأخرى التي طورناها وتمكننا من التعامل مع أشياء كثيرة قريبة وبعيدة."

ويلخص تومر قائلا: "لقد كانت عملية ذات نطاق مختلف، لم يتكرر مثلها منذ ذلك الحين، ومن الناحية النظامية والاستراتيجية – فإن الهجوم على مفاعل في سوريا ليس أمراً صغيراًلقد فهمنا جميعا مطلب الساحة وثقل المسؤولية".

"عملية مرتبطة بوجودنا كشعب ودولة"

في السياق نفسه قال قائد سلاح الجو السابق الجنرال اليعزر شكادي عن الهجوم على المفاعل النووي في سوريا للصحيفة: "منذ اللحظة الأولى كان من الواضح لنا أننا أمام شيء مختلف، دراماتيكي، شيء يرتبط فعلا بحقيقة وجودنا هنا كشعب ودولة". 

وفي لقاء موسع مع شكادي، سيتم نشره في ملحق يوم الجمعة، يروي شكادي عن الاستعدادات واللحظات الدرامية التي رافقت تدمير المفاعل السوريلقد تضمنت الخطة هجومًا على مستوى منخفض لا يسمح بتنفيذ المهمة فحسب، بل يساعد أيضًا في منع الحربوقرر شكادي نفسه ما هي الطائرات التي ستشارك في الهجوم، والأسلحة التي سيتم استخدامها لضرب الهدف: "أربع طائرات F-16I وأربع طائرات F-15I، والتي أسقطت 18 طنا من القنابل من مختلف الأنواع لضمان تدمير المفاعل بالكامل."

لقد استغرق التدريب عدة أشهر، في حين أن الطيارين لم يعرفوا شيئا عن طبيعة المهمةوالتقى شكادي بهم قبل ساعات قليلة من إقلاعهم وأخبرهم بالهدف: "كان من المهم بالنسبة إليّ أن ألتقي بهم وأتحدث إليهم بنفسي، لم يكن عليّ أن أشرح لهم مدى أهمية المهمة، لكن كان لديّ أمور أردت نقلها والتركيز عليهاالهدف الأول هو النجاح، أي تدمير المفاعل كاملا، والهدف الثاني هو أن تعود جميع الطائرات إلى البلاد بسلام، والهدف الثالث هو عدم إسقاط الطائرات السورية حتى لا تنجر إلى حربكان اللقاء مؤثرا أن أرى في أعين الناس أنهم يفهمون ما يحملونه على أكتافهم."

"اخلاء قرية ام الحيران سيتم في نيسان المقبل"

قالت مصادر في دائرة أراضي إسرائيل وسلطة تطوير البلدات البدوية في النقب، لصحيفة "هآرتس"، أنه سيتم إخلاء سكان قرية أم الحيران من بلدتهم في نهاية شهر نيسان القادمكما قالوا في الدائرتين إنه سيتم، اليوم، بدء تسليم بلاغات للسكانوكانت قوات كبيرة من الشرطة قد قامت بجولة في القرية، الأسبوع الماضي، لكن الشرطة نفت أن ذلك يأتي ضمن الاستعداد لإخلاء القرية. 

وتقوم في أم الحيران عشرات المباني، ومسجد، بعضها بني من الحجارة وآخر من الصفيحوقال المدير العام لسلطة "تطوير الاستيطان البدوي"، يئير معيان، انه سيتم هدم كل البيوت وإخلاء سكانها، لإقامة بلدة حيران (اليهوديةعلى أنقاضهاووفقا لبيانات السلطة فإنه يعيش في القرية بين 250 إلى 300 شخص، غالبيتهم أطفال. وتحاول السلطات الإسرائيلية في السنوات الأخيرة، التوصل إلى اتفاق لإخلاء السكان، ونقلهم إلى بلدة حورة القريبةوكجزء من المحاولات، تم اقتراح العديد من الحلول، بما في ذلك الانتقال المؤقت إلى موقع جديد لبضع سنوات، حتى يتم بناء حي جديد لهم، ولكن حتى الآن لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق.

بالنسبة لسلطة "تطوير وتوطين البدو"، المكلفة بمحاولة التوصل إلى اتفاق، فإن الاقتراح المطروح على الطاولة، الآن، هو الانتقال إلى القسائم الجاهزة للبناء في أحد أحياء حورةوقال معيان: "يمكنهم المجيء اليوم، غدا وحتى في يوم الأحد، كل من يريد سيحصل على قسيمتهالقسائم جاهزة بالفعل مع البنية التحتية." 

في تشرين الثاني 2016، تمكنت الدولة من نقل عائلة أحد سكان أم الحيران، أحمد أبو القيعان، بالاتفاق، إلى حورة، ولكن منذ ذلك الحين لم تتمكن من التوصل إلى اتفاق مع السكان الآخرينوأفاد العديد من السكان البدو أن "الاتفاقعلى إجلائهم يأتي بعد ضغوط شديدة من قبل سلطات الدولة، بما في ذلك الشرطة

يذكر أن المئات من أفراد الشرطة داهموا القرية قبل سنة، بعد فشل المفاوضات مع السكان، وقبل البدء بإخلاء القرية قتلت الشرطة المواطن يعقوب أبو القيعان أثناء قيادته لسيارته، وبعد إطلاق النار عليه، دهست سيارته الشرطي، إيرز عمادي ليفيولا يزال الخلاف قائما حول ظروف الحادث حيث تتمسك الشرطة بزعمها أن أبو القيعان نفذ عملية دهس متعمدة، بينما تقدر وحدة التحقيق مع الشرطة (ماحشأن ما حدث لم يكن عملية دهس متعمدةوتم في الآونة الأخيرة تحويل ملف التحقيق إلى النائب العام للدولة شاي نيتسان، الذي يفترض أن يقرر ما إذا سيتم استدعاء أفراد الشرطة، الضالعين في قتل أبو القيعان، إلى التحقيق تحت طائلة الإنذار

الجهات الدولية الداعمة تجند 456 مليون يورو لتحسين مياه الشرب في غزة

تكتب صحيفة "هآر تسان منتدى الدول والجهات الداعمة للفلسطينيين، تمكن خلال اجتماعه في بروكسل، أمس، من تجنيد التزامات بتمويل مشروع لتحسين مياه الشرب في قطاع غزة، تبلغ قيمتها 456 مليون يورو، من بينها 77.1 مليون من الاتحاد الأوروبي، والبقية من دول أخرى، بينها تركياوالتزمت إسرائيل والسلطة الفلسطينية بدعم المشروعويشكل المبلغ، الذي تم جمعه، نسبة 80 ٪ من إجمالي تكاليف المشروع المقدرة بمبلغ 562.3 مليون يورو

وسيشمل المشروع، الذي سيتم نشر مناقصاته الأولى في منتصف نيسان القادم، بناء محطة ضخمة لتحلية المياه يفترض أن توفر 55 مليون متر مكعب من المياه المحلاة لرفاهية سكان غزةووفقاً للجهاز الأمني، فإن 95٪ من المياه في غزة غير صالحة للشرب اليوم، وتتدفق مئات الآلاف من الأمتار المكعبة من مياه الصرف الصحي إلى البحر المتوسط، يوميًا، وتصل إلى شواطئ إسرائيل

بالإضافة إلى ذلك، سيتم تجديد نظام النقل المائي ونظام التخزين وأنظمة الطاقة الشمسيةبالإضافة إلى ذلك، أعرب الأوروبيون عن استعدادهم لتمويل ترميم معبر رفح بقيمة 15 مليون دولار، إذا وعد المصريون بإبقائه مفتوحا

ودعمت إسرائيل القرار وأرسلت إلى المؤتمر مندوبا من وزارة التعاون الإقليمي التي يترأسها تساحي هنغبي، وآخر من مكتب منسق أعمال الحكومة في المناطق الجنرال يوآب مردخايوتعهد مندوب إسرائيل بأن لا تضع إسرائيل العراقيل أمام المشروع والسماح بدخول كل المواد المطلوبة إلى القطاع

وكان هنغبي ومردخاي قد عرضا، خلال الاجتماع الطارئ للدول المانحة، في كانون الثاني، خطة إسرائيلية لترميم القطاع في مجالات تحلية المياه والكهرباء والغاز وتطوير المنطقة الصناعية في إيرزوتعهدت إسرائيل بتوفير "المعرفة والتسهيلات على المعابرعلى أن "يتم التمويل من المجتمع الدولي". 

وبسبب الخلاف بين السلطة الفلسطينية والقيادة في قطاع غزة، أصر الاتحاد الأوروبي على قبول التزام من السلطة الفلسطينية بأنها ستشارك في المشروعوقد ألتزمت السلطة بذلك في خطاب رسميوقال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، إن "هذا المؤتمر يرسل رسالة أمل لشعبنا في غزة بأن المجتمع الدولي لا يهمل معاناته". 

وقالت مصادر في المؤتمر إنه على الرغم من الخطاب العنيف للرئيس الفلسطيني محمود عباس، فإن الأجواء كانت جيدة وأسفرت عن نتائج إيجابية لأول مرةوقالت وزيرة الخارجية الأوروبية فديريكا موغريني إن "الوحدة الفلسطينية ليست فقط جزءا مهما من تحقيق حل الدولتين والسلام المستدام، بل أيضا وسيلة مهمة لتحسين أوضاع السكاننحن نرى ذلك بوضوحالضفة، القدس الشرقية وغزة تتبع بعضها البعضلا توجد دولة فلسطينية بدون غزة أو مع غزة لوحدها، لذلك نتوقع أن تواصل جميع الفصائل الفلسطينية طريق المصالحة، والوضع الآن حساس للغاية".

المنسق يعمل على عرقلة اللقاءات الإسرائيلية الفسلطينية على مستوى المنظمات المدنية

تكتب "هآرتسأن منسق أعمال الحكومة في المناطق بدأ بمطالبة المنظمات اليسارية، التي تعقد اجتماعات بين الإسرائيليين والفلسطينيين في إسرائيل بتقديم معلومات كثيرة حول النشطاء، ومصادر التمويل، وعملها وأنشطتها الإعلاميةكما تطلب إسرائيل من التنظيمات تسليم أرقام هواتف أعضائها ومؤهلاتهم ووظائفهم

ويجري طلب هذه المعلومات كشرط لإصدار تصاريح دخول للفلسطينيين إلى إسرائيل، بالإضافة إلى الفحص الأمني الذي يجريه الشاباك لكل واحد من الفلسطينيينوقالت مصادر في المنظمات الإسرائيلية، إن هذا تغييرا أساسيا في مطالب الجهاز الأمني، هدفه منع الفلسطينيين من دخول إسرائيل

وقبل حوالي شهرين، تلقى نشطاء في المنظمات إخطارًا من المنسق يشرح بالتفصيل المطالب الجديدة تحت عنوان "شحذ الإجراءات المهمة، فيما يتعلق بتصاريحالمنظمات الإسرائيلية "." ويوضح المنسق في هذه البلاغات بأنه سيفرض عقوبات على المنظمات التي لا تتبع الإجراءات ولن يتم منحها تصاريح

ويحمل النظام الجديد للمنظمات الإسرائيلية المسؤولية عن أعمال الفلسطينيين خلال الزيارة، ويكتب أن "كل انحراف يقع على عاتق المنظمة فقط، حتى وإن كان هناك وسطاءويطالب المنسق بذلك على الرغم من أن الشاباك، هو الذي يملك صلاحية تحديد ما إذا كان شخص أو حدث ما يشكل خطرا

وبالإضافة إلى المعلومات الشخصية التي يطلبها المنسق، فإنه يطالب أيضا بتوفير تفاصيل كثيرة حول النشاطات التي تستغرق أكثر من يوم واحدوكتب في رسالته إلى المنظمات أن الطلبات "يجب أن تتضمن تفصيلا لكل لقاء أو ندوة أو اجتماع سينعقدوان يتم تقديم أقصى ما يمكن من المعلومات، بما في ذلك التاريخ الدقيق لكل لقاء، جوهر كل لقاء، برنامجه والشخصيات التي ستحاضر فيه". 

وفي حديث لصحيفة "هآرتس"، قالت ناشطة في منظمة لتنسيق ورش عمل إبداعية في إسرائيل للأطفال الفلسطينيين ذوي الإعاقات، انه "في الماضي كان يطلب تقديم معلومات عامة، بينما اليوم يراكمون مصاعب لا يمكن تخيلها". وأضافت "إنهم يفعلون كل شيء كيلا ينجح شيء". وفقا لها، فإن الإجراءات الصارمة تستهدف استنزاف المنظمين

وقالت ناشطة في إحدى المنظمات: "هناك شعور بأنهم في كل مرة يريدون معرفة المزيد عن المنظمات والأشخاص الذين ينشطون فيها، فهم يعرفون كل شيء عن الفلسطينيين". وإلى جانب التغيير في المتطلبات، تم اختصار فترة التصاريح الممنوحة للمنظماتفي الماضي، تم إصدار تصاريح لمدة ستة أشهر، مما سمح بالدخول مئات المرات، ولكن خلال الشهرين الماضيين تم منحه تصاريح لمدة شهر فقط، مما سمح لكل فلسطيني بالدخول سبع مرات فقط

ووفقاً للمنسق، فإن المطالب الجديدة هي رد على عملية طعن وقعت العام الماضي في تل أبيب، عندما هاجم فلسطيني أربعة أشخاص بأداة عمل وأصابهم بجراح طفيفةوكان ذلك الشاب الذي بلغ من العمر 18 عامًا، قد دخل إلى إسرائيل، وفقا لتصريح حصلت عليه منظمة إسرائيلية تدفع العلاقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وأعلنت بعض التنظيمات الإسرائيلية رفضها التعاون مع الإجراءات الجديدة، وادعت أن هذه المطالب تتدخل بشكل فظ في خصوصيات النشطاء الاجتماعيين

آلاف الفلسطينيين يحرمون من التصاريح بسبب اضراب الموظفين في الإدارة المدنية

تكتب صحيفة "هآرتسأن آلاف الفلسطينيين لم يتمكنوا في الأسبوع الأخير، من الحصول على تصاريح لدخول إسرائيل والمستوطنات، في أعقاب إضراب التباطؤ الذي أعلنته لجنة المستخدمين المدنيين في الإدارة المدنيةوأدت الإجراءات، التي بدأت قبل ستة أيام، إلى تجميد مناقصات للبناء في المستوطنات، وقد تؤدي إلى تأخير إصدار تراخيص لبناء آلاف الوحدات الإسكانية في الضفة

ويتبين من خلال زيارة إلى مكاتب الإدارة المدنية، أمس، أن الكثير من الموظفين يصلون إلى مكاتبهم، لكنه لا يجري استقبال للجمهوروتقوم قوات الأمن في مكاتب الإدارة المدنية في بيت ايل، قرب رام الله، بطرد الفلسطينيين الذي يصلون لتلقي الخدماتوقالت لجنة الموظفين إن عدة آلاف من الفلسطينيين لم يحصلوا على تصاريح في الأيام الأخيرة، وطالما تواصل الإضراب، فإن الضرر سيلحق بالمزيد من الفلسطينيين، الذين يطلبون الحصول على تصاريح العمل

يشار إلى أن الإدارة المدنية هي الهيئة التي تدير الحياة اليومية في الضفة الغربيةوهي مسؤولة، ضمن أمور أخرى، عن منح تراخيص البناء والبنى التحتية وجميع جوانب الحياة التي تديرها مختلف الوزارات الحكومية في إسرائيلبسبب الإجراءات، تم تعليق الإشراف على البناء غير القانوني في الضفة الغربيةودعا نشطاء اليمين على الشبكات الاجتماعية، إلى استغلال الإضراب لإنشاء بؤر استيطانية جديدة، ولكن من الناحية العملية لم يتم التعرف على حدوث مثل هذا التحرك حتى الآن

وعلى الرغم من الإجراءات، فإن الفلسطينيين الذين يتعين عليهم دخول إسرائيل بسبب حالات طبية خطيرة، يحصلون على التصاريح اللازمةوقال بيني ألباز، ضابط جودة البيئة في الإدارة المدنية، ورئيس لجنة المستخدمين، لصحيفة "هآرتس"، إن الإضراب سبب الضرر حتى الآن لحوالي 4000 فلسطيني، ويمكن أن يسبب إلغاء اجتماع مجلس التخطيط الأعلى، المخطط انعقاده في مطلع نيسان، للمصادقة على تصريح لبناء عدة آلاف من وحدات الإسكان في الضفةوقال الباز أن ألف فلسطيني ينضمون كل يوم إلى المتضررين من هذا الإضراب

ويطالب الموظفون بتحسين ظروف عملهمووفقا لهم، فقد تلقوا وعودا بتحسين شروط المعاشات التقاعدية، ولكن وزارة المالية انتهكت الوعدكما أنهم يطالبون بتحسين القوى البشرية، ويقولون إنه لا يوجد حاليا عدد كاف من الموظفين، مما يجعل من الصعب عليهم القيام بوظائفهم بفعاليةكما أنهم يسعون إلى تحسين رواتبهم، التي يزعمون أنها لا تعكس المخاطر، التي ينطوي عليها العمل في الضفة الغربيةوقال الباز "العمل في بيت ايل ليس مجديااليوم، إذا كنت تعمل في إسرائيل، فأنت تحصل على راتب أعلى، وأنت تعمل بورديات ولديك ساعات عمل إضافي، لكنه لا يوجد شيء من هذا القبيل في الإدارة المدنية".

نتنياهو: "إسرائيل محاطة ببؤر إسلامية راديكالية، ونحن مطالبون بالحفاظ على حدودنا"

تكتب "هآرتسان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، قال أمس الثلاثاء، إن دخول طالبي اللجوء من أفريقيا، أسوأ من التهديد الإرهابي من شبه جزيرة سيناءوقال في كلمته أمام مؤتمر النقب في ديمونا "لولا السياج لكنا نقف الآن أمام حالة ميؤوس منهاهجمات إرهابية من سيناء، والأسوأ من ذلك هو تدفق المتسللين غير الشرعيين من إفريقيا". 

وقال نتنياهو إنه لو لم يمنع الجدار دخول طالبي اللجوء، لكانت هوية الدولة ستواجه الخطر. "كيف كنا سنضمن دولة يهودية ديمقراطية مع 50 ألفاً ثم 100 ألف، وهذا سيصل إلى 1.5 مليون؟ يمكن إغلاق الكشك، لكننا لم نغلق الكشك". 

وقال نتنياهو "إسرائيل محاطة ببؤر إسلامية راديكالية، ونحن مطالبون بالحفاظ على حدودنالقد أكملنا عملية ضخمةبناء سياج على طوال 200 كيلومتر على حدود سيناءكانت هناك مقاومة قوية لفكرة إقامة سياج يمتد من غزة إلى إيلاتهذا سيكلف الكثير من المالومن يعرف ما إذا كان سينجح، لكنني كنت مؤمنا بذلك".

لماذا يتم التستر على مشاركة سلاح الجو الإسرائيلي في مناورة دولية

تكتب "هآرتسأن سلاح الجو الإسرائيلي يشارك، حاليا، في تدريبات مشتركة بين القوات الجوية بمشاركة اليونان والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة وإيطاليا والمملكة المتحدة وقبرص، ولكنه يتم التعتيم على مشاركته في وسائل الإعلام وفي المنشورات الرسمية لمنظمي التدريباتوعلى سبيل المثال ظهر المشاركون في التدريبات في صورة مشتركة وهم يحملون أعلامهم الوطنية، لكن لا يظهر في الصورة أي أثر لإسرائيل

وتشارك في تمرين INIOHOS لهذا العام، عشرات طائرات سلاح الجو في مختلف البلدان، إلى جانب عدد من طائرات F-16 الإسرائيليةومع ذلك، تم في مختلف الصور ومقاطع الفيديو، التي تم توزيعها على وسائل الإعلام من قبل سلاح الجو اليوناني، إخفاء مشاركة سلاح الجو الإسرائيليوفي الفيديو الذي تم نشره على موقع YouTube، على سبيل المثال، تمت الإشارة إلى أن ست دول تشارك في التمرين، على الرغم من أن إسرائيل هي واحدة من سبع دول مشاركةولا يظهر العلم الإسرائيلي في الفيديووهذا يتناقض مع السنوات السابقة التي شاركت فيها إسرائيل في التدريب، إلى جانب الإمارات العربية المتحدة التي لا توجد علاقات رسمية بينها وبين إسرائيل بشكل علني.

رئيس بلدية القدس يفكر في المنافسة ضمن قائمة الليكود للكنيست

تكتب "هآرتسأنه من المتوقع أن يعلن رئيس بلدية القدس نير بركات، قريبا، انه لا ينوي المنافسة على ولاية ثالثة لرئاسة البلدية، وإنما سينافس على مكان له في قائمة حزب الليكود للكنيست، وفق ما قاله مقربون منه

وكان بركات قد أعلن، منذ فترة طويلة، أنه سيعلن قراره بهذا الشأن بعد المصادقة على ميزانية البلدية لعام 2018، ومن المتوقع أن يصادق المجلس البلدي على الميزانية غدا، وذلك بعد انتهاء الأزمة بين البلدية ووزارة المالية على حجمها

وتشكل حول بركات معسكران في العام الماضي أحدهما يدعم ترشيحه لولاية ثالثة في البلدية، ما سيقود، على ما يبدو إلى فوزه لأنه لا يوجد منافس يهدده في الوقت الحالي، والآخر يعتقد أنه يجب أن يتحول إلى الساحة القومية ويعلن عن المنافسة في اطار قائمة الليكودووفقاً لرجال بركات، فقد تخبط منذ وقت طويل بين الخيارين ورفض مراراً نشر قرارهومع ذلك، وفقا لبعض المصادر في البلدية، فقد قرر على ما يبدو عدم الترشح لولاية أخرى.

اعتقال ثمانية مقدسيين "بتهمةعدم منع قتل المستوطن 

تكتب "هآرتسأن الشرطة اعتقلت ثمانية من سكان القدس الشرقية، للاشتباه في عدم منع عملية طعن المستوطن عديئيل كولمان يوم الأحدووفقاً للشرطة، فقد كشف التحقيق، في الهجوم الذي وقع في شارع الواد في البلدة القديمة، أنه كان الإرهابي عبد الرحمن ماهر بني فضل، الذي قُتل رمياً بالرصاص، نية واضحة لتنفيذ عملية طعن على خلفية قوميةوقال البيان "كان هناك في الوقت نفسه ثمانية أشخاص آخرين يتاجرون ويعيشون في المنطقةووفقا للشبهات فقد شاهدوا ما يحدث ولم يعملوا على منع أو تقليل إصابة المدني القتيل." 

وخلال النظر في طلب الشرطة تمديد اعتقال ستة من المعتقلين، أمس الثلاثاء، كتب القاضي إيتان كوهين أن "الشك المعقول في مخالفة عدم منع الجريمة ضعيفوأمر بإطلاق سراحهم وفرض الحبس المنزلي عليهم لمدة خمسة أياميشار إلى أن أعمار المعتقلين تتراوح بين 15 و67 سنة

وتم إحضار الثمانية إلى الوحدة المركزية بشبهة عدم منع جريمة، وتم إطلاق سراح اثنين منهم بعد انتهاء التحقيق، وخلال طلب تمديد اعتقال الستة الآخرين، زعم مدعي الشرطة أنه "ربما لو قدم الناس المساعدة لما كان كولمان قد مات". وقال محامي المواطنين المقدسيين محمد محمود إن "المقصود عملية انتقام من سكان البلدة القديمة، هؤلاء الناس لم يفعلوا أي شيء". وقال إنه لا يمكن التوقع من شخص الاقتراب من المكان وهو يعرف أن الشرطة ستفتح النار فورا

وأشار القاضي إلى المدة الزمنية القصيرة التي خضعت للمشبوهين، منذ عملية الطعن وحتى وصول الشرطة – 34 ثانيةكما أشار إلى أقوالهم بأنهم فهموا ما يحدث وتخوفوا من التدخل خشية إصابتهم.

غانتس: "نتنياهو يستحق رئاسة الحكومة إذا لم تقدم لائحة اتهام ضده"

تكتب "يسرائيل هيومأن رئيس الأركان السابق، بيني غانتس، قال إنه إذا نافس بنيامين نتنياهو مرة أخرى على رئاسة الحكومة، ولم يكن يواجه تهمة جنائية، فإنه سيكون رئيس حكومة يستحق المهمةوأضاف غانتس خلال محاضرة ألقاها في كلية "سبيرإنه "غني عن مجال السخرية، وأنا لا أعرف الجميع بشكل شخصي، لكنني رأيت رئيس حكومة وهو يعمل عن قرب، وبلهجة حرة، فإن هذا هو أصعب منصب في الدولة ولا يمكن الاستهتار بهانه يعيش القلق، على مدار الساعة وكل يوم، بسبب ما يحدث هنا في كل واحدة من زوايا الحياة، ويجب عليه عمل ذلك في ضوء منظومة ضغوط وقيود سياسية ودبلوماسية أخرىهذا منصب صعب جدامن السهل الوقوف جانبا ومهاجمة من يؤدي المهمة".

من ناحية أخرى، قال رئيس الأركان السابق إنه يجب تحديد فترة ولاية قادة الدولة الإسرائيليةأنا أتحدث عن بعض رؤساء الوزراء وليس عن بيبي فقط"، مضيفا أن "التواجد في مناصب حكومية لفترة طويلة يخلق نوعا من الخدر، والتقييد المعقول هو الأمر الصحيح".

وأضاف غانتس أنه يفكر في الترشح للانتخابات المقبلة: "أنا أفكر بذلك بجدية بالغة، وليس لدي أي قرار حول هذا الأمر، والآن حسموا لي الحاجة إلى اتخاذ قرار". وقال غانتس: "أنا أفكر في هذا الأمر وهذا ليس مسألة يسار والى أين سأذهب، وإنما هل سأمضي قدما أم لا، سبب المشاركة هو أنني أهتم حقًا، الجانب القومي يلتقي بالجانب الشخصي".

وحول الوضع في غزة، قال غانتس إن "المسؤولية تقع على كاهل حماس، وهذه التهمة لا يمكن انتزاعها منا." مع ذلك، قال غانتس إنه من المهم مساعدة سكان قطاع غزة وتزويدهم بالعمل في إسرائيل، رغم أن هذا خطروقال: "يعيش هناك أناس، هذه ليست مسألة تقنية، هذه مسألة إنسانية جدا والناس في النهاية بحاجة إلى رؤية الأمل".

مقالات

لعنة "ابن الكلبليست أخطر ما جاء في خطاب عباس

يكتب عاموس هرئيل، في "هآرتس"، أن عناوين الصحف ركزت أمس، وربما بسبب طبيعة الأمور، على الشتائم التي وجهها رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، يوم الاثنين، إلى مسؤولين كبار في الإدارة الأمريكيةووفقا لعباس فإن سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل هو "ابن كلب"، وهذا بعد أن تمنى في خطاب سابق للرئيس الأمريكي ترامب أن يخرب بيته.

 لكن ما يظهره خطاب عباس والتطورات الأخيرة في المناطق، أشد خطورة وإثارة للقلق

رئيس السلطة الفلسطينية يتواجد في فخ من كلا الجانبينمن جهة، مبادرة السلام الأمريكية، التي لديه أسباب وجيهة للافتراض أنها لن تسفر عن أي شيء جيد للفلسطينيينومن جهة أخرى، عملية المصالحة الفاشلة بين السلطة الفلسطينية وحماسطريقة القائد المسن للهروب من هذه المحنة، هي توجيه الشتائم للأميركيين وفرض مزيد من العقوبات على قطاع غزةومن شأن تصريحاته وأفعاله أن تعزز الاحتكاك العسكري بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، وتزيد من تقويض العلاقات المتوترة مع إسرائيل في الضفة الغربية

فخ أبو مازن واضحإنه لا يصدق بأن إدارة ترامب يمكن أن تعمل كوسيط عادل، ويشتبه بمبعوثي الرئيس اليهود الثلاثة للمبادرات في المنطقة (صهره جارد كوشنر، مبعوث السلام جيسون غرينبلات والسفير لدى إسرائيل ديفيد فريدمانويرفض حتى مقابلة مبعوثي الإدارة لدى وصولهمالمقاطعة الفلسطينية للإدارة كاملة.  يبدو أن عباس خائف من أن الأمريكيين، بالتنسيق مع السعوديين والإسرائيليين، يناورونه نحو ما كان أريئيل شارون يسميه "كوراليس"، مسار الثيران إلى الذبح

لقد أفادت وسائل الإعلام العربية أن ماجد فرج، رئيس جهاز المخابرات العامة في الضفة الغربية، زار الرياض مؤخراً وحظي بفرصة الاطلاع على احدى مسودات مبادرة ترامب، التي يُفترض إطلاقها كمبادرة من جانب واحد، إذا ما واجهت رفضاً فلسطينياً

ولا تتوقف مشاكل الرئيس على ذلك فقطعندما وصل فرج، مع رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، رامي الحمد الله، لافتتاح محطة لتطهير مياه الصرف الصحي في قطاع غزة، الأسبوع الماضي، تم تفجير عبوات ناسفة ضد قافلتهما وجرح العديد من حراس الأمنوفي خطابه، أمس الأول، اتهم عباس حماس بالمسؤولية عن محاولة الاغتيال، وادعى أن حماس تعيق مبادرة المصالحة التي تدفعها مصر، وهدد بفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية على غزةهذا يمكن أن يشكل تطورا حاسما

حتى بعد قيام السلطة الفلسطينية بإجراء تخفيض تدريجي لتدفق الأموال إلى قطاع غزة، فإنها لا تزال تحول حوالي 120 مليون شيكل شهريًا إلى غزةومن شأن خفض المساعدات من رام الله، إلى جانب العجز الهائل في أموال الأونروا (حوالي 450 مليون دولار، وتم مؤخراً بعد جهود كبيرة تجنيد 100 مليون دولار لتغطية الفجوةوالتهديد الأمريكي بقطع أنبوب الأكسجين لوكالة اللاجئين، بشكل كامل، أن يجعل الحياة في غزة غير محتملة في الصيف القريب

تتبع الحكومة الإسرائيلية سياسة مليئة بالتناقضات، بشأن مساعدة غزةإنها تصفق بيديها بصوت عالٍ لتهديدات ترامب ضد الأونروا، بينما يتنقل مبعوثوها في جميع أنحاء العالم في محاولة لجمع الأموال لمشاريع من شأنها أن تخفف من تدهور البنية التحتية في غزةلكن من المهم أيضاً ما الذي ستفعله حماس

لقد قاد زعيم التنظيم يحيى السنوار، رجاله إلى عملية المصالحة من خلال الاعتقاد بأنه سيحقق بذلك إلقاء عبء الإدارة المدنية في غزة على السلطة، بينما تواصل حماس الاحتفاظ بقوتها العسكرية هناكوعباس يشير الآن بوضوح إلى أن المبادرة المصرية محكوم عليها بالفشل

في الماضي، وفي ظروف مشابهة نسبيا، اختارت حماس تغيير جدول أعمال الضائقة الاقتصادية ومصاعب السيطرة، من خلال تأجيج التوترات مع إسرائيلالأحداث الأخيرة محاولة اغتيال حمد الله وفرج، وتفعيل العبوات الأربع ضد قوات الجيش الإسرائيلي على طول سياج قطاع غزة من المرجح أن تشير إلى أن هذا هو ما تنوي القيام به هذه المرة أيضا

في الخلفية، تتواصل الاستعدادات لأسابيع الاحتجاج الفلسطينية، بدء من يوم الأرض في 30 آذار، والتي يتوقع أن تشمل مسيرات جماعية وإقامة خيام بالقرب من السياج في قطاع غزةهذه مشكلة تكتيكية، موضعية، لا يزال لدى الجيش الإسرائيلي الوقت الكافي للتحضير لها والتعامل معها، من خلال منع سفك الدماء على نطاق واسعالمشكلة تكمن، بشكل أقل، في المسيرات وبشكل أكبر في الواقع الاستراتيجي الشامل في المناطقالجهاز الأمني الإسرائيلي يتخوف من إمكانية تحقق إجراءين متوازيينتصعيد عسكري مع حماس في قطاع غزة، إلى جانب ضعف التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.

بالنسبة لشرطة القدس، فلسطيني لا يمنع عملية هجومية خلال 34 ثانية يعتبر مجرما

يكتب نير حسون، في "هآرتس"، أنه مرت 34 ثانية منذ بداية هجوم الطعن، الذي قُتل خلاله عديئيل كولمان، يوم الأحد الماضي، وحتى اللحظة التي أطلق فيها رجال الشرطة النار وقتلوا الإرهابي، عبد الرحمن بني فاضل. 34 ثانية هي الحد الأقصى من الوقت المتاح لأصحاب المتاجر والمارة الفلسطينيين للردلقد لاحظ بعضهم ما حدث بعد بضع ثوان، ولم يفهم الآخرون ما كان يحدث، واقترب كولمان وبني فاضل من البعض الآخر وهما يتصارعانولكن هذه الفترة الزمنية القصيرة، بالنسبة للشرطة، كانت كافية لثمانية فلسطينيين تواجدوا في المكان، لارتكاب جريمة "عدم منع الجريمة"، التي يعاقب عليها بالسجن لمدة سنتين

صباح يوم الاثنين، ألقت الشرطة القبض على المشبوهين الثمانية، بمن فيهم صبي يبلغ من العمر 15 عاماً، وأُفرج عن مشبوهين مسنين فرحة دعنا، 67 عاماً، وزهير دعنا، 62 عاماً، بعد بضع ساعاتوطلبت الشرطة، أمس الأول، تمديد فترة اعتقال المشبوهين الآخرين، بمن فيهم الصبي، لمدة ثلاثة أيام أخرى للتحقيق معهملكن القاضي إيتان كوهين رفض طلب الشرطة وأمر بإطلاق سراحهم وحبسهم في منازلهم لمدة خمسة أياميمكن أيضا الافتراض أنه لن يتم تقديم أي لائحة اتهام ضدهم

ليس من قبيل المصادفة أن الشرطة اختارت المارة الفلسطينيين في شارع الواد كحالة اختبار لرفع العتبة القانونية لعدم منع الجريمةويستند طلب الشرطة إلى أشرطة فيديو التقطتها كاميرات الشرطة المنتشرة في البلدة القديمةوقال ممثل الشرطة، خلال جلسة تمديد الاعتقال: "في الفيديو، نرى أن الناس يعرفون ما يجري ويقررون التراجع إلى الوراء". وأكد حقيقة أن المشبوهين لم يتصلوا بالشرطة ولم يحاولوا التدخل لصالح كولمان، ملمحا إلى أنه كان بإمكانهم إنقاذه

لكن القانون الذي يتعامل مع منع الجريمة لا يتعامل مع الالتزامات الأخلاقيةوينص القانون على أن "كل من يعرف أن شخصا يخطط لارتكاب جريمة ولم يتخذ إجراءات معقولة لمنعه، يكون عرضة للسجن لمدة عامين". 

من أشهر حالات الإدانة وفقا لهذه المادة، إدانة مرغليت هار شيفي في المحكمة العليا، بعدم منع قتل رئيس الوزراء إسحاق رابينكان لدى هار شيفي عدة أشهر من المعرفة الواضحة بنوايا يغئال عمير، وليس 34 ثانية من الصراع غير الواضح في الزقاقفي قرار الحكم على هار شيفي، حدد قضاة المحكمة العليا بأنه يجب تفسير أحكام هذا القانون بشكل ضيق للغاية، وحذروا من الانزلاق من القانون إلى المجال الأخلاقي. "يجب أن يكون هناك تمييز واضح بين الواجب الأخلاقي للشخص، لاتخاذ تدابير معقولة من أجل منع ارتكاب جريمة وبين واجبه القانوني"، كتب القاضي يعقوب تيركل.

 

لكن طلب الشرطة تمديد اعتقال المشبوهين من البلدة القديمة لم يتجاهل القانون والممارسة القانونية فحسب، بل كذلك دينامية الهجمات في البلدة القديمةمن يعرف عن وجود الشرطة وتسلسل الهجمات في المكان يعرف أنه لم يكن بمقدور المشبوهين إنقاذ كولمانفي عشرات حوادث الطعن التي وقعت في شارع الواد وعند باب العامود، في السنوات الأخيرة، لا توجد حالة واحدة التي وصلت فيها الشرطة بعد وصول محادثة إلى مركز الاتصالوفي الواقع، لا توجد حالة واحدة لم تصل فيها قوة مسلحة كبيرة إلى ساحة الحدث، خلال عشرات الثواني

في شارع الواد من الصعب السير لأكثر من 50 مترا دون مواجهة مجموعة من شرطة حرس الحدود، وبالتالي فإن الحجة بأن الاتصال الهاتفي للشرطة كان يمكن أن ينقذ كولمان، لا تمت للواقع بصلةوبالإضافة إلى ذلك، في كثير من الأحيان، أطلقت الشرطة النار أكثر من المطلوب بفعل تحمس اللحظة، وكانت هناك حالات أصابوا خلالها المارة

مطالبة الفلسطينيين بالتدخل في حلبة العملية والاقتراب من الضحية، في هذه الحالة، هو طلب متوحش ويتجاهل الواقعوليس صدفة أن أحد المشبوهين شهد في المحكمة بأن ساقيه ارتعداوقال محاميا الدفاع محمد محمود ومفيد حاج، إن الشرطة لم تفحص أشرطة الفيديو بعد الهجمات التي وقعت في القدس الغربية أو أماكن أخرى من أجل فحص ما إذا كان المارة قد تصرفوا كما هو متوقعكل شخص تواجد في حلبة هجوم في الوقت الحقيقي يعرف مشاعر الخوف والارتباك والعجز

المطالبة بالتحقيق ومحاكمة شخص ما على اتخاذ قرارات خلال ثواني هو أمر غير معقولمحاولة الشرطة تمديد حدود القانون في هذا الهجوم تحديدا، ليس صدفةلقد وقعت أكثر من 20 عملية طعن منذ عام 2015 عند باب العامود وشارع الوادالإحباط من هذه الظاهرة وعدم القدرة على وقف الهجمات الفردية بالسكين، يدفع الشرطة إلى ممارسة العقاب الجماعي والبيئيهؤلاء المعتقلين الثمانية هم أحدث مثال على ذلك.

الإخفاق الأمنيالمفاعل النووي السوري اكتشف بعد سنوات، وقبل نصف سنة من بدء التشغيل

يكتب عاموس هرئيل وألوف بن، في "هآرتس"، إن الحماس الذي سيطر على القيادتين السياسية والأمنية في إسرائيل، بعد العملية الناجحة لقصف المفاعل رغم أنها لم تصل إلى أذهان معظم الجمهور في إسرائيل خلال الأشهر القليلة الأولى بعد العملية سرعان ما دفعت بالسؤال الحرج الذي أثارته القضيةكيف حدث أن مشروع بشار الأسد النووي السري، أفلت من أعين جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، الذي تفاخر طوال سنوات بمعرفة كل تحرك لمسافة ميلليمتر في الانتشار العسكري السوري؟ 

لم تتعامل حكومة أولمرت ولا جهاز الاستخبارات الإسرائيلي مع هذه المسألة بجدية، من خلال تحقيق معمقإن تفويت البرنامج النووي الليبي في عام 2003 أثار الكثير من الانتقاد، وقاد إلى التحقيق السري، الذي أجرته لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست، والى التوتر الواسع بين رؤساء أقسام الاستخبارات ورئيس اللجنة آنذاك، عضو الكنيست يوفال شتاينتس (الليكود). في حالة المفاعل السوري، تم نسيان فجوة المعلومات الاستخبارية الهائلة بطريقة ما، باستثناء الفحوصات الداخلية في أجهزة الاستخبارات التي لم يتم توضيحها بشكل صحيح ضمن إطار تنظيمي.

وقال شخص كان يشغل مناصب رفيعة في جهاز الاستخبارات لصحيفة "هآرتسإن اكتشاف المفاعل في وقت متأخر، قبل نحو ستة أشهر من موعد تفعيله، هو "أكبر فشل استخباراتي لدولة إسرائيل، ربما أكبر من حرب يوم الغفرانلكن الجانب المخيف في كل القصة هو أن الكشف كان صدفة تامةلقد بنى الأسد والكوريون الشماليون تحت أنفنا مفاعلا نوويا في دير الزور، على مدار خمس أو ست سنوات، والله يعلم كم، ولم تكن لدينا أي فكرةفي الهدف الاستخباري الأكثر تغطية في العالم، وصل المفاعل إلى مرحلة ما قبل التفعيلوكان مفاعلًا شبه مكتمل عندما قصفناهلم تكن هناك أسس فقط، وهناك، لو لم يكن الموساد قد أحضر بالصدفة من فيينا، موادا تثبت أنه تم بناء المفاعل، لكان قد تم إنهاء المشروعلقد قفزنا بسرعة من الصفر إلى المائةكيف يمكن حدوث مثل هذا الأمر؟". 

وفقاً لأقواله، فإن "الإخفاق يربض على عتبة المفهوم، ليس الإسرائيلي فحسب، وإنما الغربي أيضاوفقا لهذا المفهوم، لا يمكن أن يكون هناك وضع تدخل فيه دولة عربية في مشروع مع طرف ثالثوبناء مفاعل عسكري بدون أي استخدام آخر، عندما لا يكون هناك تدريب للقوى العاملة المحلية لتشغيله هو حدث غير مسبوق في تاريخ السلاح النوويلقد فعل الكوريون كل شيء هناكنحن لم نعرف أن عدد الشركاء في السر داخل سوريا كان صغيرا، ولا يوجد فني في سوريا يعرف كيف يشغل المفاعلوللمقارنة فإن المفاعل العراقي، الذي هاجمناه في أوزيراك في عام 1981، كان مشروعا علنيا". 

ويعتقد هذا الشخص، في نظرة إلى الوراء، أنه ربما كان الكوريون الشماليون ينوون تشغيل المفاعل بأنفسهم. "الربح الرئيسي الذي كان متوقعا من هذا المشروع كان خاصا بهم، كوريا الشمالية هي بلد مستهدف من الغرب، لقد أزلنا التهديد من خلال التفجير، لكن الأمريكيين ذهبوا إلى الفراش ولم يفهموا ما حدث هناهناك سؤال يدور حول ما إذا لا تقوم مفاعلات كهذه في أماكن أخرى في العالمإن التهديد الكوري موجه إلى الأمريكيين ودول جنوب شرق آسياومنذ ذلك الحين لم تصل أي معلومات استخباراتية حول هذا الأمر، بعد التفجير

على المستوى العام، من المريح للجميع أنه تم تدمير المفاعل، ولكنه كان عارالقد تطور هذا الأمر طوال سنوات تحت أنف إسرائيل، والولايات المتحدة بكل بساطة لم تشأ أن تعرفوإذا كانت هناك أوسمة عسكرية، فلن تقوم لجنة تحقيق". 

ينظر كبار ضباط الاستخبارات العسكرية إلى الفجوة التي تم الكشف عنها بطريقة أكثر تسامحًا، ويقول رئيس قسم الأبحاث في ذلك الوقت، الجنرال (احتياطيوسي بيدتس: "إخفاق؟ هذا هو أحد الأمور التي كنت أود اكتشافها قبل عام على الأقللنفترض أننا وجدنا أنفسنا مع مفاعل ساخن لا يمكن مهاجمته من الجو وهذا أمر مختلف، حتى إذا كانت المسافة لا تزال بعيدة عن صنع القنبلةفي الواقع، لم يحدث ذلك". 

العميد (احتياطإيلي بن مئير، الذي ترأس الساحة التقنية في المخابرات العسكرية آنذاك، قال: "هذا نجاح، ربما كان يمكننا تحديد الموقع قبل ثلاثة أشهر استناداً إلى المعلومات التي كانت متوفرةالمهم أننا اكتشفناه قبل بدء تشغيل المفاعل". وفي رأي رئيس الأركان في ذلك الوقت، غابي أشكنازي: "في الوقت الذي نحكم فيه على جهاز الاستخبارات، سلبا، بسبب عدم تحديدهم لمشروع المفاعل في وقت مبكر، يجب أن يُحكم عليهم بشكل إيجابي لأنهم أصروا على توضيح الشك، حتى اكتشاف المفاعل وإعداد العملية لتدميره".

قصف المفاعل أعاد تشكيل سياسة الأمن الإسرائيلية

يكتب ألوف بن، في "هآرتس"، أن عملية التفجير الليلي بالقرب من نهر الفرات في أيلول 2007، كانت بمثابة نقطة تحول في التاريخ العسكري والدبلوماسي والسياسي لإسرائيل، وإعادة تشكيل السياسة الأمنية الإسرائيلية وعلاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة ودول المنطقةكما سببت شرخا بين قيادة الدولة، بين رئيس الحكومة إيهود أولمرت، ووزير الأمن إيهود براك، الذي قاد إلى انهيار الحكومة وسرّع عودة بنيامين نتنياهو إلى السلطة

في قرار تدمير المفاعل، تمسك أولمرت بإرث مناحيم بيغن، الذي أمر بتفجير المفاعل النووي العراقي في عام 1981، من أجل الحفاظ على الاحتكار الإقليمي للمفاعل النووي في ديمونا ومنتجاتهلكن أولمرت أدخل تغييرين مهمين في "نظرية بيغن": لقد طلب دعمًا أمريكيًا وأطلع الرئيس جورج بوش على ارتباكه، بدلاً من التصرف بمفرده من وراء ظهر الولايات المتحدة، وخلافًا لسلفه الذي أعلن بفخر عن العملية، تمسك أولمرت بالغموضلقد امتنعت إسرائيل عن التصريحات أو الحصول على أي ائتمان، واكتفت بالاتصالات الدبلوماسية الهادئة، وتسربت القصة إلى الخارج، من خلال كبار الشخصيات ووسائل الإعلام الأمريكية، دون أي تحمل للمسؤولية من قبل إسرائيل.

يمكن رؤية الدعم الأمريكي بطريقتينتشديد غير مسبوق للتحالف الاستراتيجي بين البلدين، والتخلي الطوعي عن حرية العمل العسكري الإسرائيليلكن الظروف التي واجهها أولمرت كانت مختلفة تماماً عن قيود بيغنلم يكن لدى العراق أي وسيلة في عام 1981 للرد على قصف المفاعل قرب بغداد، وردت على إسرائيل، بعد عقد من الزمن فقط، عندما تم إطلاق صواريخ سكود على تل أبيب خلال حرب الخليج الأولىأما بالنسبة للرئيس السوري بشار الأسد، فقد كان يملك في عام 2007، مئات صواريخ أرض-أرض التي كانت موجهة إلى أهداف كثيرة في إسرائيلوهدف قرار الغموض إلى تخفيف الضرر الذي سيلحق بهيبة الأسد، وبالتالي التقليل من إغرائه على الشروع في حرب شاملة، رداً على تدمير مشروعه السري

في اختبار النتائج، تم منع الحرب وخرجت إسرائيل من العملية دون خسارة أو ضررالمجتمع الدولي، باستثناء كوريا الشمالية وإيران، صمت هذه المرة ولم يشجب القصف الإسرائيلي كما فعل عام 1981. يمكن الافتراض أن العديد من قادة المنطقة كانوا سعداء باكتشاف أن الأسد لن يصبح قائدهم بحكم "القنبلة العربية الأولى". 

لا يمكن للمرء إلا أن يتخيل برعب ما كان سيحدث لو تم تشغيل المفاعل، ومع تفكك سوريا كان يمكن أن يقع في أيدي داعش أو أي منظمة إسلامية أخرىلكن الغموض، الذي وُلد كحل لعمل محدد، كانت له عواقب بعيدة المدىمنذ عام 2007، امتنعت إسرائيل عن الإعلان عن عمليات القصف التي تنفذها خارج حدودهاويعرف المواطنون الإسرائيليون عنها من "مصادر أجنبية"، مصحوبة، أحيانًا، بمقاطع فيديو أو صور من الأقمار الصناعية، لكن الحكومة والجيش الإسرائيلي يصمتون، باستثناء التصريحات العامة دون تفاصيل

خلال فترة أولمرت تم التبليغ عن أعمال القصف في السودان، التي هدفت إلى إحباط إرسال أسلحة إلى حماس في غزةوخلال السنوات السبع الماضية، منذ "الربيع العربي"، تم النشر، نقلا عن "مصادر أجنبيةعن عشرات عمليات سلاح الجو في سوريا، وذلك بهدف ضرب سلاح حزب الله أو زيادة الوجود الإيراني بالقرب من الحدود الإسرائيليةلقد أعلنت إسرائيل مسؤوليتها عن عدد قليل من العمليات، التي تعرضت خلالها طائراتها إلى نيران الصواريخ السورية

بالنسبة لأولئك الذين نشأوا على قصص تراث القتال في عمليات الانتقام في الخمسينيات من القرن الماضي، والتفجيرات العميقة في مصر، خلال حرب الاستنزاف، فإن الصمت الرسمي، اليوم، فيما يتعلق بالعمليات العسكرية عبر الحدود، يمثل إسرائيل أخرىإسرائيل المستعدة للتخلي عن الربت الذاتي على أكتافها، وتكريم القادة والطيارين، من أجل التمتع بحرية العمل النسبية والامتناع عن الإدانة الدولية "لانتهاك السيادة السورية". لكن هذا الصمت له ثمن ينعكس في تقويض الديمقراطية في الداخل

الغموض الذي تفرضه الرقابة يمنع المناقشة العامة للغرض من القصف عبر الحدود والمخاطر الناتجة عنها، مقابل وسائل أخرى للعمل العسكري أو الدبلوماسي للحفاظ على توازن القوى في الشمالفي هذه الأثناء، ليس لهذا أي ثمن بالنسبة للحكومة والمؤسسة الأمنيةطالما أن العدو لا يرد، ولا توجد إصابات أو أضرار في الجانب الإسرائيلي، فإن الجمهور لا يهتم ببنك أهداف القوة الجويةحتى إسقاط طائرة إف -16 الإسرائيلية، الشهر الماضي، لم يؤثر على النقاش العام حول القصف السري لسورياالآثار السياسية للقصف في سوريا ليست أقل أهمية

لقد تولى براك منصبه في خضم الاستعدادات الدبلوماسية والعسكرية للعملية، ومنذ اللحظة الأولى، تقريبًا، وقف ضد أولمرت بمطالبته بتأخير العملية والتحضير لها بشكل أفضلحدد كل منهما دوافعه السياسية مع منافسه، في ضوء عمل لجنة فينوغراد، التي حققت في إخفاقات حرب لبنان الثانية في عام 2006. وحسب براك، فإن أولمرت كان يأمل تخفيف استنتاجات تقرير فينوغراد النهائي، بعد تقرير مرحلي خطير عرض رئيس الوزراء بأنه هاو وغير مسؤولووفقا لأولمرت، فقد كان براك يأمل أن يطيح فينوغراد برئيس الوزراء من منصبه، ويتم نثر ورود المجد حول العملية في سوريا على أكتاف وزير الأمنووصف أولمرت براك بأنه متردد، بينما وصفه براك بأنه مستهتر

لقد فاز أولمرت في الجولة الأولىفقد أحنى يد براك، وجعله يصوت على العملية في التوقيت الذي اختاره رئيس الوزراء وكبار المسؤولين العسكريينلكن السياسة هي عجلةلقد اجتاز أولمرت بنجاح تقرير لجنة فينوغراد النهائي، لكن في صيف 2008 واجه مأزقا بسبب التحقيقات الجنائية ضده، واستغل براك الفرصة وطالبه بالاستقالة، وهدد بتفكيك التحالفولم يكن أمام أولمرت أي مفر، وتخلى عن كرسيهوأثقل براك على تسيبي ليفني، التي حاولت تشكيل حكومة بديلة، وبعد الانتخابات المبكرة بقي في منصبه في حكومة نتنياهووحتى يومنا هذا ليس من الواضح ما إذا كان قد أبرم صفقة مع نتنياهو، الذي فضله كشريك سياسي على أولمرت أو ليفني

الغموض الذي يحيط بعملية التفجير كان بمثابة بوميرانج على سيرة أولمرت السياسيةبدلاً من الاعتراف به كبطل أزال خطراً استراتيجياً كبيراً لإسرائيل، تم شجبه كأول رئيس وزراء يحكم عليه بالسجن ويسجنوالآن يحصل أولمرت، متأخرا، على الائتمان الذي يستحقه، والفصل المتعلق بقصف المفاعل السوري يحتل قلب سيرته الذاتيةلكن بعد الإدانة والسجن، لن يتمكن من العودة إلى الحياة السياسية وإلى موقع القيادة الوطنيةبينما من ناحية أخرى، سيُنظر إلى باراك، الآن، على أنه متردد وخائف في اللحظات الحاسمة للقرار، وسيتم شرخ صورة المقاتل الجريء من سييرت متكال، الذي بنى عليها سيرتهنتنياهو وحده كسب ثلاث مرات من عملية القصف، والتعتيم الذي فرض عليهافقد عاد إلى السلطة، وقام بتحييد أولمرت كمنافس محتمل، ويمكنه الآن أن يهاجم براك، منافسه اللدود والعدواني على تويتر.

في لحظة الحقيقة، كل شيء في أيدينا

يكتب يوآب ليمور، في "يسرائيل هيوم"، أن السطر الأخير في عملية تدمير المفاعل في سوريا هو أمر إيجابيكان بشار الأسد على وشك تحقيق القدرة النووية، واكتشفت إسرائيل التهديد في الوقت المناسب، وأحبطته، من خلال منع الحرب، ونقلت (مرة أخرىإلى محيطها المباشر والبعيد، رسالة مفادها أنها لن تقبل محاولات أعدائها التوصل إلى أسلحة الدمار الشامل.

لكن هذا الملخص جزئي فقط، لأن الصورة الكاملة أكثر تعقيدًافي عام 2003، فوجئت إسرائيل عندما تم الكشف عن برنامج ليبيا النووي السريوكانت الحجة الإسرائيلية لعدم معرفتها في ذلك الوقت هي أن ليبيا لم تكن في مركز جمع المعلومات الاستخباراتية الإسرائيليةوادعت أن هذا لا يمكن أن يحدث في سوريا أو مصر.

ومع ذلك، بعد أكثر من ثلاث سنوات بقليل، اتضح أنه يمكن أن يحدث أيضا تحت الأنفلقد تواصل العمل على البرنامج النووي السوري لسنوات دون أن يعلم أحد في إسرائيل بذلكصحيح أنه كان هناك عدد قليل من المجانين في المخابرات العسكرية والموساد الذين حذروا، لكنهم لم يعتمدوا على معلومات استخباراتية صلبة، وبالتأكيد لم ينجحوا في إيقاظ النظام الذي عاش تحت تصور منظم بأن إسرائيل عرفت كل ما كان يحدث في سوريا (أو كما كان من المعتاد أن تقول، أن الأسد يتقلب في السرير ليلا").

التفسير لهذا يكمن إلى حد كبير في الجمود الفكريلقد بحثت إسرائيل عن العملة المعدنية تحت المصباحوقد أدرك الأسد ذلك، وعمل على ضوء الفوانيسكان لديه عدد قليل من الشركاء في السر، وليس على المسار السياسي العسكري المعتادلقد تم تشغيل المرفق من قبل الكوريين الشماليين فقط؛ ولم يكن البناء وفق النموذج المألوف لمفاعل نووي منتظم مستدير مع مدخنة – وإنما مبنى صناعي بسيط، لخداع أولئك الذين يتعقبون على الأرض وفي السماء.

خطة الاحتيال هذه كادت تنجحكان الأسد على مسافة بضعة أشهر فقط من تحويل المفاعل إلى "ساخن"، ولولا حدوث فشل حاد في تأمين المعلومات من قبل رئيس وكالة الطاقة النووية لديه، الذي، وفقا لصحيفة نيويوركر، التقط صوراً للمفاعل من أجل زيارة عمل إلى فيينا، لربما كانت إسرائيل ستكتشفه بعد فوات الأوان.

لقد تحول هذا الفشل الاستخباري إلى نجاح مع اكتشاف المفاعل، وجمع المعلومات حوله ووضع خطة للهجوم والاحتواء والتي منعت الحرب، لكنها أصبحت أكثر نجاحًا في اتخاذ قرار بإجراء فحص شامل في نهاية العمليةوأدى ذلك إلى توطيد صيغة (الحرب بين الحروبالتي يعمل الجيش الإسرائيلي وفقا لها في السنوات الأخيرةفي الواقع، كانت عملية "خارج الصندوقهي أولى عمليات الحرب بين الحروب، التي ولدّت كل عالم جمع المعلومات الاستخبارية والنشاط العملياتي الذي أتاح تنفيذ مئات العمليات السرية التي قامت بها إسرائيل في السنوات الأخيرة.

هناك درس آخر مثير للقلق في هذه القضية وهو حقيقة أن إسرائيل هي وحدها تخوض المعركةربما تكون الولايات المتحدة أعظم صديق لنا في العالم، ولكنها في لحظة الحقيقة، تركتنا لوحدنالقد تقاسمت القدس المعلومات مع واشنطن وطلبت منها مهاجمة المفاعل لمنع الحرب وإيصال رسالة إلى إيران، لكن الأمريكيين، بقيادة الرئيس بوش، قرروا عدم التحرك.

بعبارة أخرى، كانت واشنطن تعرف أن سوريا تبني مفاعلا نوويا للأغراض العسكرية وكان هدفها الواضح تهديد وجود إسرائيل وطلبت منا "أن نتدبر لوحدنا". وتدبرت إسرائيل بمفردها، بل حتى بشكل ممتاز، لكن يجب على المرء ألا يخدع نفسهفي المستقبل، سيتعين على إسرائيل الاعتماد على نفسها فقطقد يساعد أصدقاؤها (العسكريين والاقتصاديين والدبلوماسيين)، لكنهم لن يفعلوا ذلك نيابة عنها.

وبعد كل ذلك، كانت عملية "خارج الصندوقعملية ناجحةفي السطر الأخير، كان هناك مفاعل ولم يعد قائما ولكن أيضًا في الطريق إليهلقد جرت العملية برمتها بشكل متكاملسياسياً وعسكرياً، من خلال تفعيل السلطة التقديرية والتعامل مع المخاطر المحسوبةويرجع الفضل الرئيسي لرئيس الوزراء إيهود أولمرت، الذي لم يحصل على أي شيء منهلقد حكم عليه الجمهور الإسرائيلي بسبب إخفاقات حرب لبنان الثانية، وحكمت عليه المحكمة بالسجن بسبب قضاياه الجنائية وفي مسألة الفضل هذه، لعملية منظمة أدت إلى إزالة تهديد وجودي لإسرائيل، لم يفز أولمرت به، لأنه امتنع عن النشر من أجل منع الحرب.

من الأفضل للقادة السياسيين والعسكريين في الحاضر والمستقبل أن يتعلموا من هذه العمليةنقاط الفشل والنجاح فيها، وخاصة الطريقة التي يجب أن تدار بها الأوضاع المعقدةمن الجيد أن يتعلموا فصلًا في قوانين التواضعليس كل شيء سياسي، وليس كل شيء شخصي، وليس كل شيء يستحق الائتمانهناك أماكن تكون فيها الوطنية أكثر أهمية، وفي نهاية المطاف يقف مستقبل الأمة قبل مكانها في تاريخ قيادتها السياسية والعسكرية.

التاريخ لا يتكرر أبدا 

يكتب عاموس يدلين، في "يديعوت احرونوتأن المفاعل النووي العراقي كان يقوم على ضفاف نهر دجلةوتم بناء المفاعل النووي السوري على ضفاف نهر الفراتهذا المفاعلان تعرضا للهجوم من قبل سلاح الجو الإسرائيليفي عام 1981، والآن يمكن أن الكشف أنه في عام 2007، أيضاوقراران تاريخيان من قبل المستويات السياسية والعسكرية الشجاعة والحازمةلقد شاركت في الهجوم في العراق كطيار، وشهدت الهجوم في سوريا كرئيس للمخابرات العسكرية، الضالعة بعمق في عمليات جمع وتقييم وتخطيط واتخاذ القرارات.

في صباح السابع من حزيران عام 1981، عشية عيد الأسابيع، غادرت الشقة الصغيرة في منزل العائلات في رمات دافيد، وأنا أفكر فيما إذا كانت ثماني طائرات إف -16 بقيادة زافيك راز ستتمكن من التنقل، والعثور على الهدف البعيد والمحمي بشكل جيد وضربه، وهل سأرجع لرؤية زوجتي وابنتي المولودة لتوهاخلافا لذلك، بعد ظهر السادس من أيلول 2007، غادرت مقر رئيس الوزراء في القدس وكنت متأكدا أن القوات الجوية ستنفذ المهمة التي تمت الموافقة عليها للتولكن المسؤولية عن كتفي لم تنته مع بلاغ الطيارين عن تدمير الهدفإن مسألة ما إذا كانت الحرب ستندلع كانت مسألة أثقل بكثير، وكان التحدي المهني تحت مسؤوليتي.

تشير تجربتي الشخصية إلى التشابه والفرق بين الهجومين والفترات التاريخيةلقد كان هناك قاسم مشترك بينهاكلاهما نفذا "مذهب بيغنغير المعلن، الذي يحدد بأن إسرائيل لن تسمح لدولة عدو تدعو إلى تدميرها بتطوير قدرات تكنولوجية لتزويد نفسها بالأسلحة النوويةوكلاهما نفذتهما القوات الجوية، التي أثبتت أنها الأكثر ملاءمة لتنفيذ مهام القصف في المناطق النائية المحمية بشكل جيد، وإسقاط عدد من القنابل بشكل يضمن تدمير الهدف بشكل كامل، وتوفير فرصة لإعادة المقاتلين بأمان إلى قواعدهموهناك قاسم مشترك آخرفي كلتا العمليتين، حققت عملية تكتيكية واحدة لسربين من الطائرات إنجازًا استراتيجيًا كبيرًا وغير عادي لإسرائيل – وتأجيل (لفترة أطول بكثير من المتوقعالبرامج النووية من قبل الدول المعادية لجيل كامل.

من المهم ملاحظة الاختلافات بين الحالتينكان التحدي العملي المتمثل في مهاجمة العراق صعباً بشكل لا يمكن قياسهكانت منطقة بغداد محصنة بطائرات اعتراض ومجموعة كبيرة من بطاريات الصواريخ، وفشلت إيران في محاولة مهاجمة المفاعل العراقي قبلنا بستة أشهر، مما رفع الوعي العراقي والاستعداد لمهاجمة المفاعل وتعزيز دفاعاته بطائرات إضافية مضادة للطائراتولم يكن لدى دولة إسرائيل في حينه أقمار صناعية للتصوير الفوتوغرافي، ولا القدرة على التزود بالوقود في الجووكانت المسافة إلى بغداد تقتصر على مدى طيران طائرات F-16، وشملت الذخائر قنابل تسقط بشكل حر وبدون أسلحة موجهةومن ناحية أخرى، تم تجهيز سلاح الجو عام 2007 بالفعل بالقدرة على التزود بالوقود في الجو والقنابل الموجهةواختار السوريون الإخفاء كاستراتيجية مفضلة لحماية مفاعلهم، وبالتالي لم ينشروا بطاريات صواريخ في المنطقة.

هناك فرق آخر في القدرة على الردالعراقيون لا يستطيعون إرسال أكثر من سرب طائرات لمهاجمة إسرائيل، والتي كان سلاح الجوي سيعترضها بسهولةوكانت الحرب مستحيلة (لأن العراق قاتل مع إيران في ذلك الوقتولم تكن لديه صواريخ أرض أرض يمكن أن تصل إلى إسرائيلفي المقابل، كان يمكن للسوريين نظريًا إطلاق وابل من الصواريخ في اليوم التالي للهجوم وحتى خوض الحرب مع إسرائيللكن المعضلة الرئيسية في عام 2007 لم تكن حول جدوى التنفيذ، بل حول كيفية التنفيذولم تنجر إلى الحربهذا هو "مجال الإنكارالذي دخله الأسد بسبب حقيقة أن إسرائيل لم تتحمل المسؤولية عن العملية، وهو مفهوم لامع طورته هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي والذي ساعد على منع الحرب.

الفرق الآخر هو أن الهجوم في عام 1981 فاجأ ليس العراق فحسب بل العالم كله، الذي أدان إسرائيل بشدةلم يتوقف الأمر على مجلس الأمن، بل حتى الولايات المتحدة، قامت بفرض حظر على شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، بينما في عام 2007، كان حلفاء إسرائيل شركاء في الوقت الفعلي في تبادل المعلومات الاستخبارية، وكان هناك تنسيق استراتيجي نادر قبل الهجوم، وكان هناك مستوى عالٍ من الثقة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الأمريكيكل هذا منع الضرر السياسيمن المهم أن نتذكر، إن التاريخ لا يكرر نفسه أبدافي أي تحدٍّ مستقبلي، يجب تحليل جميع المكونات، العسكرية والسياسية، وفقًا للسياق الفريد وصحة العقائد والدروس ذات الصلة في الماضي.

 

اخر الأخبار