أبعد من "سكريبال"!

تابعنا على:   14:08 2018-03-28

افتتاحية الخليج الاماراتية

يشهد العالم حالة غير مسبوقة في العلاقات الدولية، حيث ينفجر الصراع على المصالح والنفوذ بين القوى الكبرى على أشده وتستخدم فيه مختلف الأسلحة المتاحة، السياسية والاقتصادية والدبلوماسية والتجارية والأمنية والتقنية - ما عدا السلاح - وكأننا أمام مرحلة جديدة من الحرب الباردة، التي تجر معها دولاً متوسطة وصغيرة.

من مؤشرات هذا التصعيد في الصراع، هذه الحرب الدبلوماسية التي اندلعت على خلفية التسمم الذي تعرض له الضابط الروسي السابق سيرجي سكريبال مع ابنته يوليا في سالزبيري قرب لندن على يد عملاء روس كما تقول لندن، وقيام نحو 21 دولة من بينها 16 من دول الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى الولايات المتحدة وكندا وأستراليا والنرويج وأوكرانيا وألبانيا، بطرد عشرات الدبلوماسيين الروس، وإقدام بعضها على إغلاق قنصليات روسية.

روسيا تنفي علاقتها بتسميم الجاسوس السابق، وتقول إنها لو أرادت تسميمه لما كانت أطلقت سراحه في الأساس بعد أن قضى في سجونها نحو ثماني سنوات، ثم تؤكد أنها لا تملك غاز الأعصاب الذي تقول بريطانيا إنه استخدم ضد سكريبال، وتتهم لندن ب «فبركة» القصة لأنها لم تقدم دليلاً موثوقاً يؤكد اتهاماتها.

بالطبع، لا تستطيع موسكو بلع هذه الاتهامات ضدها، التي تأتي في إطار تصعيد سياسي غربي بدأ منذ عدة أشهر، وتواصل مع فرض مزيد من العقوبات وإجراءات المقاطعة ضدها، وأعلنت عزمها على «الرد المناسب» لأنها ترى نفسها مستهدفة، وأن هناك نوايا تم التخطيط لها «لشيطنتها»، وأنّ ما يساق ضدها من اتهامات وخلق ذرائع يصب في إطار إضعاف دورها على الساحة الدولية.

لا شك أن هناك تضامناً غربياً مع بريطانيا، لكنه ليس شاملاً، فهناك دول لم تلتحق بطابور المتضامنين، لأنها ترى أن الأدلة بشأن التورط الروسي غير كافية أو غير مقنعة، مثل بلغاريا وسلوفينيا والنمسا وبلجيكا واليونان والبرتغال وقبرص ومالطا ولوكسمبورغ. كما أن رئيس وزراء بلجيكا شارل ميشيل عرقل اتخاذ قرار طرد مجموعة من الدبلوماسيين من البعثة الروسية لدى الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وقال إن بلاده لا تستطيع أن تتحمل لوحدها عبء الرد الدبلوماسي الأوروبي، فيما وصف وزير خارجية صربيا إيفيتسا داتشيتش الوضع بأنه «حرب جليدية وليس حرباً باردة».

إننا في معمعة دبلوماسية ضارية تختلط فيها الأسباب والأهداف والمبررات، التي يقف العالم أمامها حائراً؛ لأن الصورة أمامه غير واضحة المعالم. فلا بريطانيا ومن تضامن معها قدموا البراهين المقنعة على اتهاماتهم، ولا روسيا أعطت الإجابات التي تدحض الاتهامات، وكأننا أمام شبكة كلمات متقاطعة عصية على الحل.. مثل شبكات التجسس التي تظل مثل الطلاسم.

لكن السؤال، هل قضية سكريبال تستحق مثل هذه الحرب.. أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟ هنا اللغز!

 

اخر الأخبار