الانقسام السياسي أفقد بهجة الحياة

تابعنا على:   03:19 2018-04-18

محمد جبر الريفي

غابت بهجة الحياة بكل مظاهرها الجميلة عن القطاع المحاصر وهو الذي حافظ على الهوية الوطنية الفلسطينية العميقة المتجذرة المتعلقة بالأرض من محاولات الطمس التي تعرضت لها منذ عام النكبة 48 عن طريق الضم والالحاق كذلك لم يشعر سكانه بشظف العيش ومرارة الحياة حتى وهم يقبعون تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي العسكري المباشر ..لم تعد في القطاع الآن آمال كبيرة لأبنائه الموزعين بين حالات الفقر و البطالة وانتظار الراتب وانتشار التسول بانفراج قريب بتغيير الحال إلى الأفضل وهم يرون في كل وقت تطحنهم فيه قسوة الحياة بكل أشكالها المعيشية أن الانقسام السياسي البغيض يأخذ بالتعمق أكثر وأكثر لدرجة أصبح فيها عصيا عن الانتهاء فلا الوساطات السياسية وآخرها الوساطة المصرية القائمة الآن من خلال جهاز المخابرات الحربية وضعت حدا لمظاهر الإنقسام ولا كل الاتفاقيات التي ابرمت في مكة والدوحة والشاطىء والقاهرة توصلت إلى تحقيق أي إنجاز فعلي ملموس على طريق المصالحة الوطنية والمباحثات التي تجري بين فترة وأخرى بين طرفي الانقسام حركتي فتح وحماس لم تفلح في إعادة الثقة بينهما بطي مرحلة الماضي الأليم التي نزفت فيه الدماء الفلسطينية بين الأخوة (الأعداء ) حتى أصبحت هذه المسألة الداخلية الذي يعاني منها النظام السياسي الفلسطيني مرتبطة بشكل أو بآخر بمصالح بقوى خارجية عربية وإقليمية ودوليه ..في الشعوب المستعمرة ( بفتح الغين )التي ناضلت من أجل الحصول على الاستقلال الوطني لم يسجل فيها أثناء الثورة ماهو قائم الآن في الساحة الفلسطينية من صراع على السلطة السياسية لأن كل الجبهات وحركات التحرر والأحزاب فيها كانت بوصلة نضالها ضد الاحتلال ..لم تنحرف باتجاه البحث عن مكاسب تنظيمية ولا قادتها وكوادرها كانت تهمهم تحقيق إمتيازات ومكاسب فئوية على حساب المصلحة الوطنية العليا اما مسألة الصراع على السلطة السياسية فقد يحدث عادة بعد إنجاز هدف التحرر و تحقيق الاستقلال وهو الشيء الطبيعي الذي يمكن تفهمه بحكم اختلاف البرامج السياسية والمنطلقات الفكرية لهذه القوى السياسية .. السؤال الذي يلح بالطرح الآن في مواجهة هذه المسألة حيث تداعيات جديدة اقتصادية واجتماعية أخذ يسببها هذا الإنقسام السياسي قد يكون لها ولا شك تاثيرها السلبي على مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني الذي يخشى عليه الآن من التفكك . ..السؤال الكبير : لماذا تجربتنا النضالية والكفاحية الفلسطينية تشذ عن هذه القاعدة المألوفة في حركات التحرر الوطني العربية والعالمية ؟ لماذا لا نستلهم تجارب الثورات الوطنية التحررية في بلدان العالم الثالث التي خضعت للاستعمار الغربي الكولنيالي وأكثرها قربا منا بحكم العلاقة القومية والكفاحية الثورة الجزائرية ؟ لم تعرف الثورة الجزائرية أثناء الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي النزاعات المسلحة بين قواها السياسية وان شابتها بعض التوترات ولم تشهد جبهة التحرير الوطني التي كانت تقود الثورة ما يزاحمها على القيادة وما يلفت الانتباه في التجربة السياسية الجزائرية أن الصراع على السلطة السياسية بين المؤسسة العسكرية الذي كان يقودها العقيد هواري بو مدين الذي تولى منصب الرئاسة فيما بعد والقيادة السياسية بزعامة الرئيس احمد بن بللا لم يحصل إلا بعد تحرر الجزائر من الاحتلال الفرنسي وحصولها على الاستقلال الوطني الكامل ..باختصار أن إنهاء الانقسام السياسي البغيض وإزالة علاقات التوتر في العلاقة الفلسطينية الداخلية هو من أهم شروط نجاح الشعب الفلسطيني في انتزاع استقلاله وبناء دولته وإعادة بهجة الحياة بكل مظاهرها إلى أبنائه. 

اخر الأخبار