عن وطني أتحدث

تابعنا على:   11:46 2018-04-19

أحمد طه الغندور

ليس من السهل على النفس أن ترى وطنك ينهش ويذوي من الألم ويكون الصمت سيد الموقف، وترى بأن المنطقة من حولنا تنظر إلى الأمر بلا مبالاة عصية على الفهم، في حين أن بعض القيادات الفلسطينية تتفاعل مع هذه الأحداث من منظور عفوي مقيت وكأنها تُسلم بما تنبأ به الشهيد الأديب غسان كنفاني في مقولته المشهورة " سيأتي يوم على هذه الأمة وتصبح الخيانة وجهة نظر!"
وعلى خلاف العادة أرى أن أناقش في مقالي ثلاث زوايا قد تبدو متباعدة، ولكنها تنضوي تحت سقف العنوان " عن وطني أتحدث " وأبدأ بها على التوالي:
غواتيمالا ونقل السفارة إلى القدس:
ما تداولته وكالات الأنباء بالأمس أن الرئيس الغواتيمالي جيمي موراليس سيحضر في 16 أيار/مايو حفل نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، وهو لازال يصر على القيام بهذه الجريمة المخالفة لقراري مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة ويشجعه في ذلك إصرار الرئيس الأمريكي القيام بنفس الجريمة في 14 من نفس الشهر.
ولكن يبدو أن إعلان الرئيس الغواتيمالي قد أزعج بعضاً من المسؤولين الفلسطينيين الذين يبدون التبرم من إعلانات ترامب وإدارته المتواصلة في هذا الشأن ولكن حظ غواتيمالا أكبر وكأنها ليست دولة على قدم المساواة في الأمم المتحدة!
تُرى ما هي الإجراءات العملية التي اتخذتها الحكومة الفلسطينية لمنع ترامب من تنفيذ جريمته من خلال الأمم المتحدة أو محاكم الولايات المتحدة، كي يُشكل ذلك رادعاً أمام غواتيمالا وغيرها من الدول التي ستسارع إلى سلوك هذا الفعل الشائن من أجل إرضاء الولايات المتحدة وتل أبيب!
مع العلم بأن الوقت لازال يسمح بالقيام بمثل هذه الإجراءات، أم أن الخطوات العملية تناقض ما جرى الاتفاق عليه في اجتماع الجامعة العربية؟!

قرارات جامعة الدول العربية:
من الغريب أن يسارع أحد أفراد الصف الأول في السياسة الفلسطينية للإشادة بالقرارات الصادرة عن اجتماع الظهران واصفاً إياها بأنها «قمة فلسطينية»، بينما قالت الخارجية إنها حققت نجاحاً ملحوظاً فيما يتعلق بالحقوق الفلسطينية.
هذا الاجتماع الذي لم يذكر كلمة "العمل" إلا في نقطتين؛ أولهما عندما تحدث عن " تعزيز العمل العربي المشترك المبنى على منهجية واضحة وأسس متينة تحمى امتنا من الاخطار المحدقة بها وتصون الامن والاستقرار"، والثانية في الحديث عن " التأكيد على الاستمرار في العمل على إعادة إطلاق مفاوضات سلام فلسطينية ـ "إسرائيلية" جادة وفاعلة تنهى حالة الفشل السياسي التي تمر بها القضية"، وهاتين النقطتين لهما الأولوية فيما يسمى "صفقة القرن" التي تتجاوز القيادة والشعب الفلسطيني وترسخ الحل الإقليمي مع الاحتلال في تبرير مواجهة الدور الإيراني في المنطقة.
ما عدا ذلك من قرارات يمنح ترامب وغيره المباركة الصامتة للمضي قدماً في تهويد القدس والإجهاز على الحقوق الفلسطينية المشروعة.
فهل المشاركة الفلسطينية في هذا الاجتماع وفقاً للرأي السابق تعتبر بمثابة ضوء أخضر لترامب والاحتلال للمضي قدماً في مخططاتهما ضد الشعب الفلسطيني وقضيته ومقدساته؟!
لذلك أدعو المسؤول الكريم إعادة النظر في مقولته، والبحث عن الترجمة العملية لهذه القرارات.
 " خطأ فني ":
هذا التعبير تم استخدامه لوصف وقف أو قطع الرواتب في غزة عن موظفي الحكومة أو السلطة كما يحلو للبعض وصفها، والغريب أن هذا الأمر يصل إلى طاولة جامعة الدول العربية؛ فمن منهم يبالي بغزة وما يدور فيها ـ اللهم ـ ما لم يزعج هذا الأمر الاحتلال، حينها تتحول الأنظار إلى غزة.
هذا الإجراء ـ عفوا ـ الخطأ الفني، على ما يبدو جاء بنصيحة شخصيتين لهما علاقتهما الأصيلة بحماس كما يتداول بشكل مشهور لدى العامة، قادهما الحظ لمعاقبة أبناء فتح في القطاع على ما ارتكبته حماس في حق الشعب الفلسطيني.
فهل المقصود معاقبة فتح غزة ـ صاحبة الانتفاضة الأولى ـ واضعة لبناة الأساس للسلطة ـ شريكة أبو عمار في تجسيد الدولة ـ أم أن الأمر لمعاقبة حماس؟!
وقد يكون من المشروع السؤال هنا، هل هذا الأمر يقود إلى إعادة لُحمة الوطن الواحد، أم أننا نحقق رغبة الأخرين في تدمير الحلم الفلسطيني في الوطن الحر، وخلق كيانات هشة في الضفة والقطاع؟!
أخيرا، يمكن السؤال؛ هل سيقبل العدو حتى بهذه الكيانات المزعجة على خارطته التي يتغاضى عنها الكثير من العرب، ما بين النيل والفرات؟!
شئتم أم أبيتم عليكم الإقرار بأن كل تهاون صغير يقود إلى تنازل أكبر، وقطعاً على هذه الأرض لن تكون الخيانة وجهة نظر.

اخر الأخبار