السلطة الفلسطينية تجربة للتسلطية العربية بحماية الاحتلال

تابعنا على:   13:36 2018-04-25

عيسى ابوعرام

التسلط بمحتواه العام يأتي في سياق نهج سياسي مفروض بدعوة مقاومة الاحتلال او الاستعمار القديم ، و يأتي ايضا كعملية انتقال من دخول البلاد العربية من المحيط الى الخليج في مرحلة الامن الامريكي بعد ان مرت ، بمنعطفات كبيرة سابقة من مرحلة الامن البريطاني و قبله العثماني ، فهل لمرحلة الامن الاسرائيلي دورا محوريا في هذا التسلط و اختزال التجربة العربية في نهج السلطة الوطنية الفلسطينية ؟ للاجابة عن هذا التساؤل ينبغي ان نحدد وظيفة الدولة في المشرق العربي التي تقوم على وظيفة التسلط و ادارة العنف بمعنى مكافحة العنف السياسي بشتى انواعه و هي حقيقة نابعة و لاحقة للنظام العربي العام تحت مسمى مقاومة العنف او الارهاب في حاضنة الامن الامريكي الراهن و بعده الامن الاسرائيلي السائد مكانيا الشرق الاوسط و زمانيا المساهمة في انهيار النظام العربي العام و الحاقه بمفهوم الشرق الاوسط الجديد ، و لم يعد هذا النهج اختيارا بل اصبح قدرا مفروضا عليها و لا تستطيع الفكاك منه و لا تستطيع الوصول الى اهدافها من دونه و التسلط هذا لم يدخل في مفاوضات او تفاهمات بهدف الاندماج مع تضامنيات مستقلة لها كيانها الخاص و شبه مستقلة منفصلة عن الدولة كما حدث لحال الكنيسة و الجيش و النقابات المهنية و الاتحادات في اوروبا الغربية ، بل ان التضامنيات هذه و ان كانت اقل فاعلية في المشرق فانها تاريخيا ملحقة بالدولة ، و عليه اذا كان حكم الشعب نفسه بنفسه من خلال اختيار ممثلين له بالانتخابات المباشرة كانت العلاقة بين الحاكم و المحكوم مقيدة بشرعية او عقد يسمى الدستور و اطلق الباحثين على هذا النظام من الحكم بالديموقراطي و في ما عدا ذلك تصبح كل اشكال العلاقة بين الحاكم و المحكوم في السياق التاريخي استبدادي ، و يستعمل مصطلح استبدادي لوصف درجة التسلط لدى الحاكم فاذا كان لا يلتزم في قانون و انما قوله و قراره و مرسومه هو القانون فهو حكم استبدادي و اما اذا كان هناك قانون يلتزم به الحاكم و لكنه يحتكر سلطة التعديل و التغيير في القانون فهو حكم مطلق اما اذا قيدت سلطات الحاكم بقانون فهو حكم دستوري ، في حالنا الفلسطيني قد يكون الحكم استبدادي مبنيا على الشروط السابقة مضافا اليها تسييد السلطة البيروقراطية على المجتمع من خلال توسيع قدرتها على اختراق المجتمع المدني بالكامل و جعله امتدتدا لسلطتها و يترجم ذلك من خلال الاحتكار الفعال لمصادر السلطة في المجتمع بأكثر تماهي من التسلطية العربية التي تجمع اربعة عناصر و هي :-

1- استقطاب نخب وفق مقاييس و معايير ولي الامر لادارة شبكة متمايزة من المؤسسات و الكوادر تمثل الحكومة و القضاء و ادوات القهر و العنف في اجهزة الامن و الشرطة

2- مركزية القرار و منها تنطلق العلاقات السياسة الداخلية و الخارجية و بالاخص الدائرة اللصيقة ذات الفعل و التأثير و اقصاء كل القوى ذات التأثير المضاد

3- منطقة نفوذ محددة لهذا القهر حسب محددات داخلية و خارجية

4- احتكار سن القوانين و تكون هذه القوانين نافذة و ملزمة معتمدة على احتكار و استعمال وسائل القوى المادية لفرضها على المجتمع تحت مفهوم السيادة .

اذا و كيف تحمي اسرائيل التجربة التسلطية الفلسطينية حيث يقول ( ايلان بابيه ) التسلطية في الكيانات المجاورة لاسرائيل تخدمها و تحقق مصالحها لانها ترفض اقامة اي كيان ديموقراطي في المحيط المجاور لان الديموقراطية و صوت الجماهير تدفع الحكومات لمناصرة القضية الفلسطينية ، و مصلحة الكيان الاسرائيلي بأن تستفيد من ظهور ما يسمى الدولة الاسلامية لانها تتناسب و تنسجم مع الرواية الاسرائيلية و تنظيم داعش و القوى الاسلام التكفيري يصدر صورة عن الاسلام المتخلف و يقر بالرواية الاسرائيلية لذلك يصرف النظر عن فلسطين بالمطلق ، و حتى تقوم اسرائيل بتسوق نفسها في العالم الغربي على انها الحصن المنيع للثقافة الغربية في المشرق العربي حيث يقول ( ارنون سوفير ) ايضا ان البون الحضاري الشاسع بين العالم العربي الذي يمثل التخلف و الدونية و بين اسرائيل التي تمثل قيم الحضارة الغربية لا يسمح البدء للتوصل الى علاقة طبيعية بين الجهتين خوفا من التأثير و التأثر و استبعد ان يتسنى لاسرائيل تحقيق اهدافها و مخططاتها في ظل نظام تعددي ديموقراطي مجاور .

اخر الأخبار