من رام الله إلى غزه .. سلطة " القمع " واحده

تابعنا على:   01:06 2018-06-20

عواد الاسطل

 

في رام الله قمع امن السلطة ، يوم الاربعاء الماضي (13/6/2018 ) حراك شعبي في ميدان المنارة يطالب برفع العقوبات التي فرضتها السلطة على غزه بذريعة محاربة الانقسام ، وفي غزه قمع امن حماس يوم الاثنتين الماضي (18/6/2018) ، وبعد عدة ايام حراك شعبي في ساحة السرايا ، يدعو لإنهاء الانقسام .

ولعل هذا التماثل في تعامل سلطتي رام الله وغزه مع حراك شعبي هومن اكثر الاشكال تعبيرا عن الرأي العام يثير مجموعة من المواقف المتقاطعة والمعادلات المتشابهة  الجديرة بالتأمل في الواقع الذي نعيشه الذي يبدو كمجموعة من " الطلاسم " العصية عن الفهم .

فسلطة رام الله بدت وكأنها لا تريد رفع العقوبات عن غزه ، وسلطة حماس عبرت عن اصرارها على استمرار المحافظة على الوضع الراهن، وعلى ذلك تحرك امن السلطتين بطريقة متشابهة ، قمع المشاركين والصحفيين الذين يغطون الحراك برجال الامن المتسترين بلباس مدني ، وهو ما يعني ان السلطتين تحركتا وبعنف ممنهج لمحاربة الخطر ، الذي يمكن ان يشكله الحراك الشعبي ، هنا وهناك ، على الواقع الذي تحرسه كلاهما وتعمل على استدامته .

من هنا ، لا ضير بأن نقول ان ديدن السلطة آيا كانت واحد ، وهدفها كنظام سلطوي يتطلب المحافظة عليه واحد ، وان اختلفت الجغرافيا والتوجه السياسي ، فلا توجد سلطه خيره واخرى شريرة ، السلطة هي شر لا بد منه للحفاظ على عقيدتها . وكل من سلطة فتح وسلطة حماس _ كباقي كل السلطات في العالم ومنذ ان عرف المجتمع البشري التمايز الطبقي _ تمتلك اكثر ما تمتلك ادوات القمع المجتمعي الثلاث ؛ الشرطة والقضاء والسجون ، ولا غرابة مع ذلك ، ان نجد عندنا نائبان عامان ، احدهما يمثل السلطة في رام الله والاخر يمثل سلطة حماس في غزه .

ومع ان رفع العقوبات عن غزه يمكن ان يكون مقدمه لإنهاء الانقسام ، بعد ان ادت تلك العقوبات الى نتائج سلبيه ، ومع ان الشروع الجدي في انهاء الانقسام ، يؤدي لا محاله الى عودة كل من غزه ورام الله الى الوطن الواحد ، فأن رد فعل السلطتين على الحراك الشعبي لا يمت باي صلة الى اعلاء المصلحة الوطني العليا ، والتي تتمثل في خلق وتجسيد الشعور والواقع باننا شعب واحد . ما حدث هو العكس تماما حيث بدت كلا السلطتين تعمل لمصالح خاصه مختلفة وبما متناقضة .

والخلاصة ، يبدو اننا سنظل نعيش ، او مطلوب منا ان نستمر في التعايش مع وضع الانقسام ، الذي وصل ، ربما منذ ان بدأ ، الي مستوى المأسسة السلطوية ، والذي يرخي بسدوله علينا بكل انواع الهموم ، التي قد تقودنا الى وضع يشبه الوضع الذي عاشه شاعرنا الجاهلي امرؤ القيس الذي خاطب الليل بان ينجلي الى صبح ليس " بأمثل " منه .

اخر الأخبار