نميمة البلد: حماية الشرعية أم انتهاكها

تابعنا على:   13:58 2018-06-22

جهاد حرب

أثار رعاية أجهزة الامن الفلسطينية قمع المحتجين السلميين في واقعة ذوي القبعات المرقطة بمدينة رام الله، الأربعاء قبل الفارط، بشكل عنيف، لم تشهده أية مظاهرة احتجاجية بمدن الضفة الغربية في السنوات الخمس الاخيرة على الأقل، وتعمد إهانة النساء والفتيات والرجال بسحل وتحرش جنسي من ناحية أعقبها اتهامات بالخيانة والتبعية والاجندات الخارجية من قبل مسؤولين في السلطة وكوادر من حركة فتح منهم تواجدوا في ميدان المنارة.

 هذه الاحداث أو عملية القمع ليست ذات أهمية بذاتها، فقد تمر ولن تتكرر في المرات القادمة، بقدر خطورة وجود قرار سياسي أو ارادة سياسية لإحداث هذه الواقعة الامر الذي تؤكده مجموعة من العوامل التي تؤيد هذا التحليل تمثلت أولا: بعدم تعليق أيا من المسؤولين الحكوميين والناطقين الرسميين على هذه الواقعة لناحية الاعتذار أو الاستنكار، وثانيا: بتعامل الشرطة اللطيف الأربعاء الفارط مع الوقفة الاحتجاجية بمدينة بيت لحم، دون ان يكون هناك أي تغيير في السياسات أو طبيعة الشعارات التي ترفع في هذه الوقفات الاحتجاجية. وثالثا: لم تسارع الحكومة أو الرئاسة بتشكل لجنة تحقيق "تقصي حقائق"، رغم تصريح الناطق باسم الأجهزة الأمنية بأن السلطة استخلصت العبر من الواقعة، دون الحديث عن العبر ذاتها.

 هذه الواقعة تكشف الهشاشة في احترام الأجهزة الأمنية للقانون في أي لحظة "صدام"، وعور العلاقة مع مؤسسات المجتمع المدني التي بنيت في السنوات الاخيرة بينهما. كما تكشف عورة الشرعية التي يحاول البعض الباسها أو التباسها، ففي الأصل الشرعية للشعب مصدر السلطات وأي سلطة مطالبة "السلطات" باحترام مصدر شرعيتها ورعايته وحمايته، وهي تختلف مع تطبيق القانون ومشروعية الفعل الناجم عن انطباق الفعل مع أحكام القانون وروحه. وبغض النظر عن دقة المفهوم فقد شكلت هذه الواقعة انتهاكا واضحا للشرعية وفي مقدمتها رمزها كما يحلوا للبعض قوله.

  في ظني أن الخطورة تكمن، أيضا، في المعلومات والتقييمات التي تقدم للمستوى السياسي في مثل هكذا أحداث؛ وهي للمرة الثانية في السنتين الاخيريتين، كما حدث مع اضراب المعلمين. الامر الذي يشير الى عدم قدرتها على التنبؤ أو أنها تقدم معلومات غير دقيقة وغير مُوثقة وغير واضحة بما يتنافى مع منطلقات البحث والتقصي والتدقيق اللازم أو ما تفرضه العناية الواجبة على مؤسسات الدولة وأجهزتها مما يتطلب إعادة النظر في قنوات المعلومات وطرق تحليلها والتدقيق بها من قبل المسؤولين السياسيين أو توسيع نطاق النقاش والانفتاح على الأطراف والقطاعات المختلفة لتجنب السقوط في الأيام القادمة، وللتعامل بحكمة في معالجة الشأن الداخلي كما هي الحكمة في التعامل مع الشأن الخارجي والذي أنتج في اليوم ذاته، الأربعاء قبل الفارط، قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي أحدث نقلة نوعية نحو توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.

 ملاحظة: لم يتطرق المقال لقمع "حماس" للمحتجين الأسبوع الفارط في ساحة السرايا لان المقارنة بحد ذاتها اجحاف بمؤسسات السلطة الفلسطينية. وفي كل الأحوال الإدانة لكل قمع يطال المواطنين الفلسطينيين في الضفة والقطاع ومهما كانت جهة القمع وشكله ومبرراته. 

اخر الأخبار