غزة بين الإنساني والسياسي

تابعنا على:   15:35 2018-07-02

يونس السيد

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن خطط ومشاريع طرحتها جهات متعددة لوقف الانهيار الكارثي الشامل في قطاع غزة، بسبب سياسات دولة الاحتلال وسنوات الحصار الطويلة، التي وضعت القطاع على فوهة بركان قابل للانفجار في أية لحظة، حتى بات يشكل صداعاً يؤرق «إسرائيل» والمنطقة والعالم.

ولكن لماذا تنشغل «إسرائيل» أكثر من غيرها الآن في البحث عن حلول لمشاكل قطاع غزة الاقتصادية والبيئية والإنسانية، بعد أن كان بإمكانها أن تمنع تفاقم هذه المشاكل منذ البداية؟ ببساطة، لأنها كانت تراهن على إخضاع هذا القطاع ودفعه إلى اليأس والاستسلام، بعدما شنت عليه ثلاث حروب مدمرة في أقل من 10 سنوات، وفرضت عليه حصاراً برياً وبحرياً وجوياً لا يزال مستمراً منذ 12 عاماً، لكنها اكتشفت في النهاية بؤس خياراتها رغم معاناة السكان، فلا القطاع خضع واستسلم ولا المقاومة تخلت عن سلاحها، بل ازدادت صلابة وقوة وأصبحت أكثر تهديداً، ووصلت إلى حد إرساء معادلة «توازن ردع» مع جيش الاحتلال.

الأخطر من ذلك هو ما أفرزته مسيرات العودة وتداعياتها التي قرعت جرس الإنذار بإمكانية انفجار الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال. ولأن «إسرائيل» تدرك أن مقارعة غزة ليست بالأمر السهل، فقد راحت هي تبحث عن حلول، ولو تتبعنا خطواتها في هذا المجال، لوجدنا أنه خلال أسابيع معدودة، بحثت «إسرائيل» ما سمته «خطة مارشال» بإشراف دولي ومراقبين أمميين وعرب لتحسين الوضع «الاقتصادي والإنساني» في غزة، لكن اتضح أن الأمر لا يزال مرتبطاً ب«صفقة القرن». وكشفت صحيفة «يديعوت» أن تفاصيل هذه الخطة نوقشت في لقاء موسع عقد في واشنطن ودعيت إليه دول عربية وأوروبية، خلال الأسابيع الأخيرة.

في خطوة أخرى، حاولت حكومة نتنياهو بحث تقديم تسهيلات عاجلة من نوع إنشاء محطة لتحلية المياه ومضاعفة كمية الكهرباء ومد خط أنابيب للغاز ومنشآت صرف صحي وغير ذلك، لكنها وجدت معارضة شديدة من قبل اليمين الأكثر تطرفاً وحتى داخل «الكنيست»، أما آخر التقليعات «الإسرائيلية» فهي ما اقترحه وزير الحرب ليبرمان، خلال زيارة الموفدين الأمريكيين جيسون جرينبلات وجاريد كوشنر الأخيرة، بإنشاء ميناء لغزة في قبرص، وتشمل الخطة بناء رصيف خاص لسفن الشحن مع البضائع المتجهة إلى غزة، على أن يتم تفتيش السفن في إطار آلية مراقبة «إسرائيلية». الغريب أن التسريبات القادمة من «صفقة القرن» لا تشير إلى أية حلول لهذه الأزمات وإنما تركت الأمر للبحث بين الأطراف المعنية.

الملاحظة الجوهرية في كل ما يطرح من مقترحات وخطط هي أنها تستبدل السياسي بالاقتصادي والإنساني، أي أنها لا تقدم حلولاً حقيقية للقضية الفلسطينية لا في غزة ولا في غيرها، وبالتالي فإن الصداع سيظل قائماً في رأس «إسرائيل» والعالم لأنه لا يمكن معالجته ب«البنادول» السياسي المؤقت.

عن  الخليج الإماراتية

اخر الأخبار