كي لا يعاد إنتاج فشل "المصالحة"..عناصر مطلوبة!

تابعنا على:   12:06 2018-07-05

كتب حسن عصفور/ رغم "الحرب الكلامية" المستعرة بين "قطبي المصيبة الكبرى"، وحصار سلطة محمود عباس وعنصريتها ضد قطاع غزة، عادت مجددا أحاديث المصالحة لتحتل موقعها في ما يدور فوق أراضي "بقايا الوطن".

ويرتبط الحديث عن العودة الى ذاك الملف، الذي اصاب الشعب الفلسطيني عدا فئة ضآلة، بـ"حالة غثيان سياسي" لا سابق لها تجاه حدث داخلي، بل يمكن القول أن "جدارا من  القرف" بات قائما بين الشعب وذلك التعبير، خاصة إن ارتبط بمن هما سبب الكارثة..

لا يخفى أبدا، ان إعادة فتح ملف "التصالح - المصالحة" مرتبط بالحراك الإقليمي العام في التعامل مع الصفقة الأمريكية، والتي كانت دافعا في العام الماضي لتسريع وتيرة آلية التوقيع على اتفاق القاهرة أكتوبر 2017، حيث ساد "التفاؤل السياسي"، بأن المسألة ذاهبة الى تنفيذ إيجابي لوضع نهاية للكارثة التي كانت الجسر لتمرير المشروع التهويدي في الضفة والقدس وحصار غزة..

ولكن ما حدث من عدم بلورة "صفقة ترامب" في حينه بشكل كامل أدى الى إبطاء عجلة المصالحة، وفتح باب الردح السياسي، بل واللغة الأكثر إتهامية بين ذات الطرفين، وراهنا يعاد البحث عن "آلية تحريك" المتفق عليه، لأن "الصفقة الإقليمية الكبرى" تتطلب إعادة تنشيط "الصفقة الفلسطينية الصغرى"، لخدمة تنفيذ ما سيكون من حل لم يعد بعيدا، بل ملامحه لم تعد "سرا"..

العودة الى تنشيط حركة البحث عن تفعيل المتفق عليه، خطوة هامة، لكنها قد تعيد كل مظاهر الفشل، لو إعيد إستخدام ذات الآلية السابقة، التي ترتكز فقط على قطبي المصيبة، ما سيعيد المسألة الى مربعات الفشل، وقد يكون أسرع مما يرى البعض ذلك..

لا يوجد أي سر أمني أن تطبيق اتفاق المصالحة الأخير لم يكن يحمل أي عقد حقيقية، بل كان أكثر وضوحا مما سبقه، ويمكن القول، ان رضوخ حماس لشرط فتح، بعدم تفعيل المجلس التشريعي خلال فترة التطبيق كان "تنازلا ضارا"، لكنه لم يشفع الى الوصول الى ما أريد، ليس لعقد الاتفاق، بل لـ"عقد" تم صناعتها..

عقدة "التمكين" التي إخترعها عباس وفصيله خارج النص، دون تحديد واضح، بل ودون تقديم تصور كامل لهذا العنصر "الغريب"، مقابله تصرفات حماس بأن قطاع غزة "ملكية فردية" تتنازل عما تريد وتبقي ما تريد، ما أدى عمليا الى النتيجة الأكثر سوادا، لغياب آلية رقابة ومحاسبة سواء من الطرف الراعي، أو من "الفصائل الفلسطينية" التي كانت بلا أي دور سوى مشاركة حفل التوقيع كمظهر تكميلي..

لو اريد حقا العمل لتجاوز مظاهر الفشل السابقة، وبحثا عن آلية تثبيت دعائم الاتفاق، والذي لا يحتاج الى تعديدلات كثيرة، بل بعض اضافات محددة لتمتين النص، ووضع "آلية رقابة" و"محاسبة" لضمان الانجاز.

التعديلات التي يحتاجها الاتفاق هي ما ثبت أن "غياب النص فيها" كان "ذريعة" للهروب والتعطيل، وعليه يجب أن يشملها:

**مفهوم "التمكين" المطلوب لترسيخ عمل الحكومة، ويجب أن يكون في الضفة وبلدات القدس وغزة، أي تمكين الحكومة في مناطق "ولايتها"، بما يشمل كل القضايا التي كان لها "تفسيرات" ملتبسة..وضوح النص بات شرط الضرورة لضمان مسار إيجابي.

** سلاح الأجنحة العسكرية في قطاع غزة كجزء من المشكلة التي لم يتم معالجتها، ولذا لا بد من وضع "أسس واضحة" لتلك المسألة، حتى ضمن "ملحق سري" غير معلن، لكن لا يمكن نجاح أي اتفاق دون وضع اتفاق واضح لقضية الأجنحة وسلاحها وآلية عملها ودورها..دون ذلك أو الهروب منها، مسبقا نقول لا أمل بأي نجاح ممكن..

**أزمة الجهاز الحكومي بكل مكوناته، والاتفاق على وضع أسس لكيفية التعامل، وضمنها تحل أزمة الموظفين، والرواتب أيضا، فلا تنفيذ حقيقي دون تصور لهذه المسألة..

**التنفيذ المتوازي لبنود الاتفاق، وليس التطبيق المتتالي، حيث اكدت التجربة ان التتالي أستغل لهروب، وربط حل قضية بما قبلها، ولذا كانت قوة الدفع رهنا بـ"مزاجية الفهم" لطبيعة تنفيذ الخطوات السابقة..

**أن يكون الحوار والتفاهم جمعي فلسطيني، وليس بين قطبي الأزمة فتح وحماس، مهما كان وزنهما السياسي، فلا يمكن أن تبقى حركة الفعل مرهونة بهما، وهي تجربة ثبت كليا انها فاشلة، وستفشل حتما لو إستمرت ذات آلالية السابقة، ان يتم تفاهم القطبين ثم تحضر قوى العمل لتوقيع على ما تم..آلية لن تنتج ربحا سياسيا..

وكي لا يقال من بعض المصابين بهوس التمايز، نشير الى تجربة العمل والحوار الوطني في مرحلة ما قبل الإنقسام، او بالأدق مرحلة ما قبل زمن "عباس - حماس"..حيث كان "الإطار القيادي العام" هو مكان الحوار والإتفاق..

وعليه يمكن أن ترعى الشقيقة مصر "حوارا وطنيا جمعيا وجامعا" في سياق الإطار القيادي المتفق عليه، ليصبح هو "آلية الحوار والاتفاق"..ما يمنح أي وثيقة متفق عليها قوة مضافة بأضعاف لما سيكون ضمن "الثنائية المصابة بمرض التمايز الكاذب"..

** وضع آلية رقابة – محاسبة بإشراف مصر كي تكون هي مرجعية "حل الخلافات - التباينات" عند بدء تنفيذ الاتفاق..

تلك بعض عناصر يجب الأخذ بها كي لا يعاد إنتاج الفشل..

ملاحظة: رغم أن الشقيقة مصر فتحت معبر رفح بشكل مستمر، لكن محاولة إبتزاز المواطنين لا تزال مستمرة.. إدارة المعبر ممثلة سلطة عباس تقوم بالتلاعب في آلية السفر وفقا لمصالح وعلاقات..حماس تقوم بنهب آلاف الدولارات ثمنا للتسجيل..بيكفي!

تنويه خاص: رغم كل الحرب اللغوية من "تحالف عباس السياسي" ضد الكيان، لكنهم لم يفكروا في عقد لقاء طارئ لما سمي بـ"قيادة" ولو من باب رفع العتب..معقول في واحد في العالم حيصدقكم..الكذب له عنوان يا فاقدين الصدق!

اخر الأخبار