الفساد مقتل الأمم

تابعنا على:   13:48 2018-07-05

وليد الرجيب

لست متفائلاً من وعود الإصلاح والتنمية والقضاء على الفساد، إن لم يعاقب فاسد أو سارق أو مرتش، ولم يمنع مسؤول من استغلال وظيفته بتعيين أقربائه، أو أشخاص غير مختصين عبر صفقات سياسية وانتخابية.
فقد تغول الفساد في البلد، لدرجة أن السارق أو المرتشي لم يعد يكتفي بمئات الدنانير، فتجاوز الآلاف وأصبحت السرقات والرشاوى والتنفيع وشراء الضمائر بالملايين. ولم يعد الاستيلاء على أراضي الدولة بعشرات الأمتار المربعة، بل تمادى في ظل تراخي الحكومة إلى ملايين الأمتار المربعة، خصوصاً أراضي تخص الأمن الغذائي للشعب الكويتي.
لقد أصبحت الحيازات الزراعية والحيوانية، شكلاً من اشكال التربح المادي والتكسب السياسي وشراء الولاءات، وبدلاً من تحقيق الهدف من الحصول على هذه الحيازات، تحولت إلى منتجعات واستراحات وشاليهات، وكل ذلك يحدث على مسمع ومرأى الحكومة.
أصبح التهافت على المال العام على المكشوف من دون خجل، وأصبحت تنحية وتجميد المخلصين ظاهرة يقابلها ظاهرة وضع الفاسدين على رأس المسؤولية... فالعدالة الاجتماعية الغائبة وجدت بديلها في عدالة المحاصصة، والكفاءات الوطنية المخلصة استبدلت بالأقارب والجماعة، حتى وان تقاضت رواتب وامتيازات من دون جهد أو عمل، المهم أن تعمل على تدوير الفساد.
سياسة الإدارة الحكومية الكويتية، تقوم بدلاً من معاقبة الفاسد بوضعه في مكان آخر، سواء كان رئيسا لمجلس إدارة أو عضواً في لجنة عليا، أو غيرهما من طرق وفنون عدم خسارة الفاسدين... فإن كان ثمن سرقة الملايين وتعطيل التنمية قرصة أذن، فليطمئن الفاسدون والمخربون، لا ملاحقة ولا عقاب ولا سجن.
فإن أردت القضاء على أمة، فاترك الفاسد لأنه موالٍ وعاقب صاحب الرأي الحر لأن ضميره حي، وسياسة لا نريد شوشرة تشبه الشغالة التي تنظف الغرفة، وتضع الغبار تحت السجادة، فطالما الظاهر نظيفاً فالنظافة حقيقية.
إن الأسرة التي لا تربي أبناءها على الأخلاق، تتحمل نتيجة تربيتها، والأسرة التي لا تراقب أو تعاقب ابناءها، هي تشجعهم على العقوق، وعلى فعل السوء والتمادي فيه، وهذا ينطبق على الدولة التي تتغاضى عن الفساد، هي تسعى إلى حتفها ونهايتها كما حدث على مر التاريخ.

عن الرأي اكويتية

اخر الأخبار