"فتح" وإرتباك "الرؤية السياسية"!

تابعنا على:   12:01 2018-07-12

كتب حسن عصفور/ مجددا تعود "حركة التصالح" الفلسطينية الى واجهة المشهد السياسي، وليس بالضرورة أن يؤدي ذلك الى إختراق جوهري في تغيير القائم، منذ أن توقفت تلك "الحركة التصالحية" عند بوابة بيت حانون، بفعل فاعل لم يكن يريد للتصالح أن يصل الى نهايته وفقا لإتفاق القاهرة أكتوبر 2017، دون أن نحدد جهة بعينها، سوى الطرف الإسرائيلي صاحب المصلحة الأعلى في إستمرار الحال الفلسطيني عما عليه منذ يونيو 2007..

تجدد الحركة التصالحية من باب مصر، مؤشر على عدم "الإستسلام الكلي" لهزيمة "النوايا الوحدوية"، لكنها لا يجب أن ترتبط عمليا بتوقعات تغيير جوهري يصل الى إغلاق ملف التداول في الملف الإنقسامي، نظرا لغياب أي أسس موضوعية جديدة يمكنها أن تنتج "الثورة الإنقلابية" في مواقف طرفي النكبة السياسية..

حماس، ومنذ محاولة "إغتيال رامي وماجد"، بعيدا عن كونها حقيقة أم بعضا من "مهزلة" تم التخطيط لها بعناية فائقة، أعادت كل أشكال السيطرة المطلقة على الواقع في قطاع غزة، تديره وفقا لما ترى وليس لما يجب أن يكون ضمن رؤية تصالحية، حتى بلا أي تنسيق مع أطراف وطنية، أمنا وسياسة وقبلهما إقتصاد، وعلها قبل عملية الإغتيال كانت أقل سطوة مما هي عليه الآن، لكنها تنجح بشكل أو بآخر على تقديم ذاتها بمظهر "المظلومية"، خاصة وأن مسيرات العودة وسفن كسر الحصار تستخدم في بعض جوانبها لـ"حصار" أي رفض لسلوكها العام..

ولكنها، سجلت بعضا من نجاحات تفوقت بها نسبيا على حركة فتح - المؤتمر السابع ورئيسها محمود عباس، ويمكن رصدها عبر مسارات الحراك لكل من الفصيلين، دون حساب إستغلال "الحراكات الرسمية - الشرعية كسلطة ومنظمة"، فالحديث هنا عن "فصيلين" وليس "سلطتين"..

المفارقة الأبرز في مسار الأحداث بعد توقف نبض حركة التصالح، ان قيادة حماس إجتهدت في تحديد بعضا مما تريد، ونسجت علاقات "داخلية" أكثر حضورا مع القوى الأخرى دون أن تصل بها الى حالة "تحالفية" في قطاع غزة، تواصل اللقاءات ولها إطار يمسمى " لقاء القوى الوطنية والإسلامية"، رغم شكلية النشاط أحيانا، بل وخدمته لحماس أحيانا أخرى، وجبنه في التحرك حينا، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأمن الحمساوي وسلوكه ضد "الفلسطيني الإنسان"..لكنه إطار يمنح حماس أفضلية حراك، والمفارقة ان فتح - عباس جزء حاضر في هذا اللقاء..

فيما حيث فتح وسلطتها تسيطر، تغيب أي مظاهر حقيقة للعمل "التشاركي"، وتكتفي بما لها وما تسيطر وتفرض كل ما لها بـ"إسم الشرعية" التي أصابها "زهايمر سياسي"غير مسبوق، بعد أن تم تغييب عمل أطرها، وقرارتها وتم إستبدالها باللقاءات "الواتس آبية" او "الحركة الإيملية"، ونادرا لقاءات فردية عبر أمين سر ما يسمى "تنفيذية المنظمة"..

الأكثر "سوادا" ليس تغييب أي حركة تفاعل تشاركية بين فتح والقوى الوطنية الأخرى، كما واقع القطاع، أي "لقاء قوى وطنية وإسلامية" تشارك بها حركتي الجهاد وحماس، لكنها غائبة عن لقاءات تفاعل مع "تحالف عباس السياسي"، الذي أنتجه مجلس المقاطعة الأخير..

الى جانب ذلك، فقدت فتح - المؤتمر السابع قدرتها على تقديم أي تطور سياسي في تحديد ماذا تريد، وأحالت الجانب "الإبداعي"، الذي تميزت به في مرحلة ما قبل "الزمن العباسي"، الى ترداد شعارات دون تحديد أو تركيز، بل تحمل في جوانب منها تناقضاتها، ولعل عناصر الخطاب الفتحاوي - العباسي منذ أن إكتشف عباس مقولته الغريبة، "إما كل شئء أو لاشيء"، وإعادة إنتاج مقولة الجماعة الإخوانية، "التمكين"، لم تقدم أي تفسير حقيقي لما تريده من تلك الشعارات..ففتح تاريخيا تعرف ما تريد ولا تقدم على عرض شعار عام غامض بلا تفسير سياسي..

حركة التيه السياسي التي تعيشها فتح راهنا، وعدم قدرتها على صياغة "رؤية واضحة" ليس للمناكفة مع حماس أو اللهاث وراء إثبات أيهما الأكثر تخريبا، بل مطلوب منها العمل على تقديم "رؤية إنقاذية حقيقية" ليس لعلاقتها السلطوية وتقاسمها الوظيفي مع حماس، بل للشعب الفلسطيني والشرعية بكل أركانها..

فتح هي المسؤول الأول عن إستمرار الكارثة وليست حماس، بكونها تحملت مسؤولية قيادة الثورة المعاصرة، ومنظمة التحرير، وهي من عليها "توضيح الغموض" وليس "تغميض الغموض"..وقد لا يحتاج الفلسطيني كثيرا من الجهد ليكتشف "غياب رؤية فتح الموحدة" تجاه مسار الأحداث عامة وضمنها مسار المصالحة وإنهاء الإنقسام، وقبلها رؤية الحل السياسي العام..

نقطة التصويب تبدأ من هنا، والإدعاء بغير ذلك ليس سوى "مكابرة" تخدم مسارات "حصار القضية الوطنية" من كل أطراف الحصار..

ملاحظة: السفر من معبر رفح حق لكل فلسطيني، لكن اللي مش حق أبدا أن تفرض سلطة حماس الأمنية "خاوة مالية" تصل الى آلاف دولارات لتنسيق سفر مواطن..وين "أخلاق الدين والمقاومة"..بعضا من العيب!

تنويه خاص: تحول الحديث عن "صفقة ترامب" الى سوق نخاسة سياسي، كل من يبحث "ضوءا" يقذفنا بمعلوماته التي إطلع عليها عن تلك الصفقة التي لم تتبلور بعد..طيب ممكن تكذبوا بس "شوي شوي"!

اخر الأخبار