"حل التشريعي" يسبقه "حل السلطة"!

تابعنا على:   11:45 2018-08-20

كتب حسن عصفور/ بدون إمتلاك "الجرأة السياسية" المطلوبة، قامت أوساط الرئيس محمود عباس وتياره بتسريب معلومات متناثرة حول قراره القادم بـ"حل المجلس التشريعي"، وإنهاء مكانته التمثيلية مع منح صلاحياته الى المجلس المركزي الأخير (القاصر وطنيا وقانونيا)..

ترداد تلك "الإشاعة" تأكيد لـ "الحلم العباسي" منذ أن قرر تشكيل أول محكمة "دستورية" في فلسطين، وللمفارقة الكبرى أن يكون مرسومه يوم  3 أبريل 2016 (أيام أشهر كذبة في التاريخ)، وأحضر لها صديقه الشخصي من المغرب ليترأس تلك المحكمة، كي يكون خاضعا له بشكل كامل..

لم يطل الوقت حتى أصدر رئيس تلك المحكمة،  محمد عبد الغني أحمد الحاج قاسم أول تفسيراته الغريبة، بأن منح عباس حق إصدار "مراسيم بقوة القانون" وتجميد عملي للقانون الأساسي للسلطة الفلسطيني (الدستور المؤقت)، الذي أقره الخالد أبو عمار عام 1996، بعد موافقة المجلس الشتريعي.

إستبدال "الدستور المؤقت" بـ"مراسيم رئاسية" كان مرحلة عملية لتكريس سلطة الفرد المطلق، وإلغاء كل أشكال المحاسبة والرقابة على سلوك السلطة التنفيذية، وهو ما سمح له أن يشن "حربا واسعة" ضد كل من يخالفه الرأي والموقف، كان فردا أم فصيلا..

تكريس "السلطة الفردية المطلقة" وجد صدى إيجابي جدا عند الإدارة الأمريكية، وكذا الإعلام العبري، بإعتباره تعزيز لقوة "الشريك الأمني الأهم" لواشنطن وتل أبيب في مواجهة "الأعداء المحليين"، خاصة أنها جاءت في ظل "هبة السكاكين" التي أصابت سلطات الاحتلال بفزع عام، فتصدى لها "الغضندفر" بقولته الشهيرة "أمرت بتفتيش كل شنط طلاب المدارس بحثا عن "سكاكين"، فكان الصمت المكافأة أمريكيا وإسرائيليا على ذلك الإستبداد الصريح، ولم يصدر أي موقف يرى فيما حدث "خرقا لحقوق الإنسان"، ومسا خطيرا بأسس "المحاسبة والمسؤولية"/ ما دام يؤدي "وظيفته الأمنية على أكمل أوجه"..

ولم يمض وقت طويل حتى وجد "العبقري القاسم" فتوى خاصة تمنح الرئيس عباس "حق المجلس التشريعي"، وإحالة صلاحياته الى "سلطة الرئيس"، فتوى لم تقرأ عنها منذ أيام "الحكم القراقوشي"، وفي زمن أعتى أشكال "الديكتاتورية"، وكاد له أن يمر لولا ضجة حدثت في داخل تيار عباس (الفصيل والحلفاء)، خاصة أعضاء المجلس التشريعي ليس حبا بالمؤسسة، لكن القرار سيفقدوهم كثيرا مما لهم من "إمتيازات" بلا مقابل..

لم يتراجع عباس عن "حلمه الشخصي"، ولا زال يفكر ويبحث عن أي طريقه تؤدي الى إغلاق صداع المجلس التشريعي، رغم انه معطل كليا عن أي مهمة من التي حدها القانون الأساسي، ولم يبق منها سوى راتب وموازنة يستفيد مها بعض أنصاره في فصيله فتح ونواب من غيرها إنحازوا له، وبعض نواب حماس فيما قطع رواتب غالبية نواب كتلة الإصلاح في فتح..

عباس يعلم يقينا، هو ومن معه أن المسألة ليس مرسوما كتلك المراسيم "الكاركاتورية" التي أصدرها، فالأساس الذي يجهله البعض أن المجلس التشريعي ركن من أركان السلطة الفلسطينية، ولذا لن يجرؤ على القيام بـ"حل المجلس" أو "إستبدال مهامه وتكليف مجلسا آخر" دون أن يفك الإرتباط بمقومات "السلطة وإسسها" وهو ما يتطلب الإنتقال من "السلطة الى الدولة"، الشعار الذي تم عرضه في مجلس مركزي قاصر، لكنه إستمر كشعار بلا أي آلية أو بحث حقيقي..

من حيث المبدأ، لو أن عباس أقدم على تطبيق ذلك الشعار، بحل السلطة وإستبدالها بدولة فلسطينية وفقا لقرار الأمم المتحدة 19/ 67 لعام 2012 سيكون ذلك قرارا سياسيا تاريخيا، بكل ما يعنيه من فك إرتباط شمولي مع دولة الكيان، ووقف التنسيق الأمني، وإعتبارها "دولة تحت الاحتلال"، وهو ما سيضع عباس على رأس "جبهة مقاومة المحتلين"..

فقط لنتخيل هذا المشهد، عباس يعلن بإسم دولة فلسطين قيادة "المعركة الوطنية الكبرى لتحرير الدولة من براثن المحتل"..وتجنيد مؤسسات "منظمة التحرير بصفتها" الوطنية، مسؤولية وضع الأسس القانونية للدولة وتشكيل برلمان مؤقت لتنفيذ ذلك..

تلك هي الخطوة الوحيد الممكنة التي تسمح لعباس بحل "التشريعي"، وعندها سيجد كل الشعب يقف خلفه بصفته "المجاهد محمود رضا عباس"، الذي سيقود أشرس معركة مع دولة الكيان بما فيها فتح كل الملفات الخاصة - الشخصية، أمنيا وماليا وغيرها، وحصار قد يرتقي الى حصار يفوق حصار "تحالف بناية العار" عام 2002 للخلاص من الخالد أبو عمار..

حل المجلس التشريعي يتطلب حل السلطة بكل مؤسساتها، وبالتأكيد سيترافق ذلك مع وقف كل المساعدات الأوروبية والأمريكية عنها، وربما وقف كل أموال المقاصة معها..فهل حقا يمكن لهذا (عباس)  أن يقوم بفعل ذلك..من حق تيار عباس أن يفكر ليل نهار في تدمير كل مؤسسة وطنية لتصبح مؤسسة عباسية، لكن هناك ما لا يمكنه أن يحدث ضمن الشروط ذاتها..!

ملاحظة: سلطة الاحتلال أعلنت تأسيس كلية طب في مستوطنة أرئيل تابعة لجامعات الكيان..القرار يعني أن المستوطنة جزء من إسرائيل..شو موقف "المجاهدين" من فصيل تسليم غزة من بابها لمحرابها..معقول تتظاهروا اليوم ضده أم هاي "معركة ثانوية"!

تنويه خاص: أي عقوبات عباسية جديدة ضد قطاع غزة ستنتج "عداءا شعبيا أكثر له وفصيله وتياره"..عندها يمكن إعتبارهم "تيار خارج الصف الوطني" بكل ما يتطلبه ذلك من آثار!

اخر الأخبار