اصنعوا لغزة فرحاً يليق بها..!

تابعنا على:   19:01 2018-08-20

محمود سلامة سعد الريفي

لم يبلغ من سنوات عمره المديد السابعة بعد..! إلا أن كلماته تسبق عُمرهِ كما يقال فاجأني بكلماته قائلاً : لم يتبقي على العيد إلا أيام قليلة و لم أشتري ثياب جديدة..! ذهب أبعد من ذلك حينما سألني : ما بال المسؤول يصمت ..! كأنه يضع يداه في المياه الباردة..؟ دون إهتمام لأمرنا ..! أعلم أنك لن تصطحبني إلى السوق لتشتري لي ثياب العيد كما اعتدت ..! حديث الصغير يكتنفه آسي شعرت معه بالضيق الشديد والحنق اللاذع و التمرد الذي يعتمر قلبه على الواقع البائس الذي صنعه لنا قادتنا و ولاة أمورنا..! وقفت عند كلماته أتأملها بعمق انغرست في قلبي كطعنات خنجر قاتلة لم أستطع دفعها ..! كيف لا و هو ذاته إعتاد في مثل هذا الموسم من مواسم الفرح المفقود أن ينثر الفرح و رفاقه في كل تجاه كطيور لا يكتمل جمال العيد الا بشدوها..! الآن في غمرة انشغال الساسة والسياسون بمناكفاتهم وخلافاتهم لن يستطع ابتياع ملابس العيد الجديدة أو الشعور بالفرح حاله كحال أطفال غزة بإستثناء المقتدرين وأقرانهم من أبناء المسؤولين و المستوزرين و القادة الميامين..! 
بعدما تقدم بنا العُمر أدركنا معني الفرح القادم على جناحي العيد دون غيره و أهميته بالنسبة للاطفال حيث كنا نقضي أيامه بين لعب و لهو و زهو وهذا حقنا و مع الظروف البينية والبنيوية القهرية التي تعيشها غزة اليوم غاب الفرح عن أطفالها قسرياً ظالماً بفعل الأحوال القاسية التي لا تطاق ولم تعد تحتمل تُخيم على غزة و تخنقها بلا رحمة أو شفقة بات عبدالله مقتنعاً تماماً أن جيب والده الخاوية لن تلبي له مُراده و لم يكن بمقدورها إبتياع ملابس جديدة للعيد يزدان بها و سيأتي العيد بخفي حنين منقوص الفرح وحلمه بالثوب الجديد تبخر و ذهب أدراج الرياح..
غزة اليوم تعيش أسوء أوضاعها و تفتقد لأبسط حقوقها و نكفأ على نفسها في مشهد قاسٍ حفرته بغلظة الخلافات السياسية والحزبية و التمترس وراء مواقف صنعت لها واقعاً حزيناً لا يليق بها ولا بأهلها ولا بأطفالها التى تصادر حقوقها عنوة ويقذف بها في البحر الغاضب.. ومن المعيب والمشين واللاأخلاقي واللاوطني أن يصل حال غزة الى ما وصلت إلية من بؤس و فقر و بطالة و موت للحياة يعكس موت الضمير الإنساني لدعاة الإنسانية والديمقراطية والوطنية وحقوق الآدمية المنتهكة بشكل صارخ و فاضح دون أدني مسؤولية أخلاقية أو وطنية ولا يُعفي من المسؤولية أي فصيل أو قوة كبر حجمها أو صغرت لطالما أنها تحافظ على مكتساباتها وتتغني بأمجادها ..! غزة المُقَاوَمة والمُقاوِمَة تستصرخ بقايا ضمائركم وو طنيتكم و لسان حالها يقول: الى من خرجوا من رحمي اعلموا يقيناً ان كل مجد تبنونه زائلذ ما دام على حساب حقوقي و لم أنعم بالحياة الكريمة..! ولن أغفر لكم افعالكم ولن أستر سَوئتكم..! و لن أصمت مطولاً على طوابير الذل المتزاحمة على فتات مساعداتكم و اعاناتكم ..! و ما ان ساقت أقدارك بين أحياء و شوارع وأزقة وأسواق القطاع المحاصر المنهك تستشعر معنى المعاناة الحقيقية وحجم الضيق الشديد الذي يرتسم على ملامح الغزيين من كافة الشرائح والفئات ويظهر الوجوم مهما حاول البعض اخفاءه كحالة عامة تمثل انعكاس طبيعي على وجوه المتعبين المعذبين بفعل ما آلت الية اوضاعهم وظروفهم الانسانية القاسية تتقاسمهما قسوة الحياة وسوء الواقع السياسي القائم بفعل ما أحدثه الانقسام وتأثيراته المدمرة على كل مناحي الحياة يتحمل المواطنين نتائجه و دون تميز أوغل فى تداعياته ولامس أبسط حقوق الانسانية والآدمية قضي على أحلامهم وأمنياتهم وأضاف متاعب وضغوطات واعباء على كاهلهم لم يعد احتمالها أو تحملها دون أن يسترعي الواقع المأزوم واللامحتمل انتباه فرقاء السياسة أو تُحرك ضمائرهم صرخات الثكلي وأنين المتعبين والجائعين ممن فقدوا حقوق أساسية ليست منة من أحد وانما حقوق مشروعة..!
يا سادة القوم المؤتمنون على الوطن غزة اليوم تعيش أحوال قاسية لا يُمكن وصفها بمجرد كلمات أو عبارات ولكل مواطن مشاكله وهمومه التى تثقل كاهله وتُكدر صَفوه وتجعل من حياته جحيم لا يطاق مع فقده لكثير من حقوقه كمواطن أبسطها حقه فى عيش كريم لم يعد موجوداً مع انحدار الواقع المعيشي الفردي والجمعي لأسوء أحواله يتفاقم مع عدم قدرته على توفير احتياجاته الاساسية والحيوية الضرورية وانهيار شبه تام للمنظومة الاقتصادية مع تراجع القوة الشرائية وتضرر مصادر الدخل بشكل ملحوظ وانتشار الفقر المتدقع والبطالة تسبب بها غياب الحس الوطني من أجندة الحزبية المقيتة والتعصب لأفكار ومبادئ تتمترس خلفها القوي والفصائل بكافة انتماءاتها وأفكارها جميعها وُجدت من أجل كرامة الوطن والمواطن وحريته وكرامته وانتزاع حقوقه..!
لكنها لم تحقق تطلعات الشعب الفلسطيني وغَلبتْ مصالحها الفئوية الضيقة على المصالح العامة وهذا سبب كافٍ لما وصلت الية الاوضاع سواء على المستوي الداخلي او الوطني العام ومواجهة مخططات وسياسات الاحتلال الصهيوني بدت أكثر تعقيداً مع سوء الواقع الفلسطيني القائم..! وهنا لابد من وقفة جادة من الكل الوطني لجهة تصويب أوضاعنا الداخلية والانصياع الى صوت العقل والمنطق والضمير وهذا يتطلب خطوات حقيقية و ارادة جادة للتراجع خطوة الى الواراء والتحلل من المواقف الحزبية المتشجنة من أجل الوطن أولاً و لأجل عزة و كرامة غزة أولاً..! و استمرار الواقع المُهين على ما هو علية يُنذر بما هو اسوء و يَشي بوضع كارثي لا يطاق..! أغيثوا غزة قبل فوات الأوان و اصنعوا لها فرحاً يليق بها و بأطفالها من واقع مسؤولياتكم الوطنية والاخلاقية و ألا تتغافلون عن تداعيات قدوم العيد المبارك و غزة تعيش أجواءه بحزن شديد لن تغفره أفئدة الطفولة ولا كتب التاريخ و ستبقي تلك الحقبة القاسية من تاريخ الشعب الفلسطيني صنعتوها بأنفسكم لعنة على جبين أرباب السياسة وأهلها ولا ولن يُعفي أحد من المسؤولية..! الذنب ذنبكم .. و الأمر بيدكم..! غزة تستحق الحياة و تستحق الفرح..

اخر الأخبار