مسيرات الغضب"..والتقييم الضرورة!

تابعنا على:   11:39 2018-09-10

كتب حسن عصفور/ عندما قررت "القوى الوطنية" في قطاع غزة، عدا فتح "المؤتمر السابع"، الإستجابة لدعوة قيادة حركة حماس بأن يكون يوم الأرض 30 مارس (آذار) يوما للغضب ضد الإحتلال والحصار، لم يكن التقديرأن تنتقل الى حركة شعبية تمكنت أن تعيد رسم خريطة الإهتمام بالقضية الفلسطينية، وإعادة الإعتبار للبعد الكفاحي لها، بعد أن نال منها الإنقسام كثيرا، بل أن ضرره على القضية الوطنية فاق كل التوقعات ربحا لعدو وخسارة لشعب..

مسيرة الغضب في يوم الأرض، باتت وضمن حسابات محددة، مسيرات متناسقة في فعلها، رافقها إدخال أشكال جديدة من الكفاح الشعبي، خاصة ما أطلق عليه "الطائرات الورقية والبالونات الحارقة"، بحيث أصبحت تلك "الأسلحة الشعبية"، أحد أركان التفاوض على صفقة التهدئة، لما ألحقته من "صداع" للقيادة الأمنية - السياسية الإسرائيلية..

 وبلا أي ريب، كانت تلك " الأسلحة الشعبية" ردا موضوعيا بأن الفلسطيني يمتلك دوما جديد المقاومة..من الحجر الى السكين وصولا الى طائرة ورقية وبالون حارق، وقبلها أسلحة تقليدية بيد الفدائي الذي فجر ثورة فلسطينية صنعت تاريخا ومجدا لشعب أوصلته الى بناء أول سلطة وطنية كيانية فلسطينية فوق  أرضه..

ثمرات مسيرات الغضب تستحق كل تقدير، وكل من يحاول النيل منها، بعيدا عن النوايا، يخدم رؤية عدو إعتقد أنه إنتصر على الروح الكفاحية الفلسطينية، بعدما تمكن من زرع منظومة أمنية مشتركة مع سلطة واهنة تستند لبقائها المهزوز الى "جدار حماية أمنية احتلالية"، في الضفة والقدس، لعبت رأس حربة في مطاردة أي مظهر نضالي، وعملت بلا كلل لبث روح الخنوع وفقدان الأمل ..

نعم، مسيرات الغضب تمكنت أن تعيد راية الفعل النضالي، الذي حاولت "هبة السكاكين" في الضفة والقدس أن تفعله، ولكن "الأمن المشترك الإسرائيلي - العباسي" تمكن من طعنها في مقتل، مسيرات تحتل مساحة إعلامية غابت كثيرا نتيجة تشويه شاركت به، أيضا، حركة حماس بفعل إنقسامي كان ضرره أكثر بكثير مما إعتقد قادة الكيان، يوم أن ساهموا مع واشنطن والدوحة وأدواتهما في طرفي النكبة، لصناعته مع إطلاق "شرارة إنتخابات" لغاية غير وطنية..

6 أشهر تقريبا مرت على مسيرات الكفاح الشعبي على السياج الفاصل بين قطاع غزة والكيان العدواني، ثمنها كان باهضا جدا، 173 شهيدا وآلاف من جرحى ومصابين وبيوت دمرت، لكنه ثمن في فعل يستحق تلك التضحية الكبيرة على طريق رسم ملاح المواجهة وعدم الإنكسار..ويحق للفلسطيني الوطني، اي كان وأينما كان، أن يرفع رأسه فعلا فخرا بهذا الجزء النابض بالروح التي رفضت الإستسلام لمصير خطط لهم، يوما في غرف ظلام..

بالتأكيد، كان التقدير السياسي أن تحرك مسيرات الفعل الثوري الغزية، حراكا قريبا في الجزء المحتل من "بقايا الوطن"، لرسم معادلة نضالية لشعب لن يقبل الهزيمة أي كانت ظروفه، تقدير ربما لم يصل الى غايته الأهم، من غضب على سياج فاصل في القطاع، أن تنطلق شرارة غضب في الضفة والقدس، فكان التجاوب أقل كثيرا مما كان في الذهن الجمعي، بل يمكن القول أنها جاءات مخيبة جدا للآمال، دون البحث عن "أعذار" أو "مسببات" لعدم التفاعل الكفاحي في جناحي "بقايا الوطن"، وعلها المرة الأولى ان تحدث تلك "الفجوة الكفاحية" بينهما..

وبعد تلك الأشهر من مسيرات فعل كفاحي، آن أوان إعادة التقييم العام، بعيدا عن "إبتزاز" أو "ترهيب"، تقييم حقيقي لا يخضع للسطوة "الفصائلية"، ولا للإبتزاز الخنوع، بل يبحث في كل ما لها إيجابا وهو الكثير جدا، وما عليها سلبا وهو قليل لكنه قد يصبح أثرا يفوق نسبته العملية..

مرجعة نقدية شاملة  تأخذ حسابا لمخزون الطاقة الكفاحية للأهل في قطاع غزة، والبحث فيما يساندها ويمنع تآكلها، مراجعة لا تخضع لحسابات "الرهبة السياسية"، فمن قاد مسيرات مشرقة، له الحق أن يعيد قراءة مسارها بعد أشهر متواصلة، ليس هروبا بل تعزيزا لروح نضالية بأشكال جديدة..
أنه الوقت الأنسب لتقييم مسار أحد أنبل ظواهر العمل الكفاحي الفلسطيني في السنوات الظلامية الإثنى عشر..!

ملاحظة: هل لنا أن نطلب من "التيار العباسي" أفرادا وفصائل، أن يصمتوا كليا قبل الحديث أنهم "أسقطوا صفقة ترامب"، التي حققت جوهرها العملي في القدس واللاجئين..إخرسوا وفقط!

تنويه خاص: كلما تحدث مصيبة من أمن حماس ضد الأهل في القطاع، يعلنوا أنهم شكلوا لجنة لبحث الأمر..طيب في واحد عمره عرف شو أخبار تلك اللجان..بس عشان "رد العين" خبرونا عن واحدة منها فقط أو هاي صعبة عليكم!

اخر الأخبار