المعركة دُبلوماسية والمتضرر غزة

تابعنا على:   10:57 2018-09-25

أشرف أبوخصيوان

تُعتبر أخر المعارك الناعمة لغاية الأن بين فريق الرئيس محمود عباس ممثلاً بمنظمة التحرير الفلسطينية في رام الله، وفريق حركة حماس ممثلاً بعدد من فصائل المقاومة في قطاع غزة، تلك المعركة كشفت عن الوجه الحقيقي لكل من اللاعبين، وعن تفاوت قدراتهم في كيفية إدارة المعركة الدبلوماسية للوصول إلى تسجيل الهدف الذي يُمكن الطرف القوي من اعلان انتصاره على الأخر، لذلك أطلق المبعوث الأممي نيكولاي ميلادينوف صافرة بداية المعركة في أواخر مايو الماضي، بعد أن تواصلت مسيرات العودة على الحدود مع قطاع غزة، وتطورت أدواتها من خلال اطلاق البالونات الحارقة على المستوطنات الاسرائيلية القريبة من قطاع غزة، حيث بدأ الحديث يدور عن توفير تهدئة ومخصصات مالية جديدة لتشغيل الفلسطينيين في قطاع غزة، والنهضة بالواقع الاقتصادي، وتحسين البنية التحتية، وذلك خلال زيارته المتكررة لقطاع غزة ولقاءه قيادات حركة حماس.
المبعوث الأممي كان يُراوغ ويناور سياسياً بامتياز فقد أعلن موقفه الثابت والذي لا يُمكن أن يتغير تجاه قطاع غزة خلال لقائه بالرئيس عباس في رام الله في الأول من يوليو 2018 في مقر الرئاسة برام الله حيث قال:" لقد ناقشنا موضوع حل مشكلة غزة كمسألة سياسية تأخذ بعين الاعتبار الوضع الإنساني الصعب للناس الذين يعيشون هناك، وندعم جهود القيادة الفلسطينية للعودة إلى غزة، لتتمكن الحكومة الفلسطينية من استلام مسؤولياتها هناك".
لقد قرأ الجميع تلك التصريحات لميلادينوف ولكنه أيضا استمر في رسم صورة جديدة للعلاقة ما بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس وفصائل المقاومة في غزة، من خلال التفاوض بشكل غير مباشر على تهدئة تكون بمثابة طوق نجاه للواقع الاقتصادي والإنساني في قطاع غزة، ولكن ما حدث أن تلك الجهود دخلت في حالة الجدل الفلسطيني ما بين حركتي فتح وحماس، وبات الموقف المصري صعباً للغاية بعد تدارك أن هناك حالة من الغضب تسود في رام الله من الموقف المصري من تلك التهدئة التي يتم التشاور على تنفيذها في قطاع غزة دون علم ولا وجود للسلطة الفلسطينية على رأسها.
احتدمت المعركة أكثر فأكثر بين الفلسطينيين أنفسهم، وبات الموقف المصري أكثر حرجاً مما سبق، فقد وصلت الرسالة للقاهرة مفادها أنتم تُعمقون الانقسام من خلال تبنيكم لمشروع التهدئة، استدركت القاهرة الموقف، وأعادت الكرة من جديد للملعب الفلسطيني، من خلال مطالبة الطرفين بالالتزام باتفاق المصالحة اكتوبر2017م، والعمل من جديد على تمكين حكومة الوفاق الوطني من العمل في قطاع غزة، وتطبيق بنود المصالحة، وتم تأجيل العمل في مشروع التهدئة، حتى تتواصل لرؤية جديدة تُقنع فيها الرئيس عباس من العودة إلى القاهرة مجدداً للنقاش حول بنود مُعدلة للتهدئة ترتقي لطبيعة المرحلة التي نعيشها في هذا الوقت.
تقريباً انتهت المعركة الدبلوماسية ما بين الفريقين، فريق الرئيس عباس أعلن ضمنياً عن الانتصار بأنهم أوقفوا مشروع فصل غزة عن الوطن ومنع تنفيذ صفقة القرن، وأعادوا حركة حماس من جديد للتفكير في آلية جديدة للخروج بمواطني قطاع غزة من المأزق الذي يعيشون فيه، في حين أعلنت حركة حماس أن مشروع التهدئة لم يفشل والمشروع سيتواصل.
إن عرقلة نجاح جهود التهدئة مؤخراً هو انتصار للرئيس عباس وفريقه، ولكن حركة حماس لم تُقر بالهزيمة، ولازالت تعيش في رحلة البحث عن البدائل التي سوف تكسر الحصار وتوفر الحياة الأمنة للمواطنين في قطاع غزة تحت سيطرتها.
على الأرض الواقع يقول أن المتضرر من المناورات الدبلوماسية هو المواطن في القطاع، فالعقوبات لازالت مفروضة على سكان القطاع، والكهرباء تزور بيوت الفقراء أربع ساعات في اليوم، وهنا شُح في السيولة في جيوب مواطني القطاع، وهناك فقر مُدقع ينخر في البنيان الاجتماعي، وهناك معابر مغلقة وحصار مُطبق على السكان، ولازالت الفصائل تُناور وتُجادل وتتباحث حول المخرج الأمثل للأزمة التي هم جزء رئيسي وأساسي فيها.

اخر الأخبار