"النهضة" و"أخونة" تونس

تابعنا على:   15:59 2018-10-12

افتتاحية الخليج الإماراتية

منذ إعلان النيابة العامة في تونس قبل عدة أيام عن فتح تحقيق بشأن معلومات ووثائق تفيد بامتلاك حركة النهضة لجهاز سرّي أمني موازٍ للدولة، متورط في اغتيال السياسيين المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013، والأوساط السياسة في البلاد لم تتوقف عن التكهن بمآل هذا الإعلان وماذا يمكن أن يشكله من تداعيات على الساحة التونسية، خاصة أنه يأتي في وقت تشهد فيه البلاد أزمة تتصاعد مع مرور كل يوم، من جراء التشظي في المواقف لدى أطراف الحكم الرئيسية، المتمثلة في حركة النهضة وحزب «نداء تونس»، الذي يتزعمه الرئيس الباجي قائد السبسي.
المعطيات التي جاءت في إعلان النيابة العامة تشير إلى ضلوع حركة «النهضة» في تشكيل وإدارة تنظيم أمني سري موازٍ أنيطت به مهمة ممارسة أعمال التجسس واختراق مؤسسات الدولة وملاحقة خصوم الحزب، كما تحدّثت عن وجود وثائق وأدلة تثبت علاقة الحركة بتصفية المعارضين سنة 2013، أي خلال فترة وجودها بالسلطة.
ربطت مصادر قضائية تونسية بين علاقة أشخاص ينتمون إلى حركة النهضة بتنظيم أنصار الشريعة الإرهابي وعلاقات خارجية، والذين سعوا من خلال إنشاء تنظيم سري يتبع الحركة إلى اختراق المؤسسة العسكرية والأمنية، وأيضاً جمع معلومات حول الشخصيات العامة، سواء كانوا سياسيين أو صحفيين، أو حتى نشطاء في الجانب الحقوقي.
قضية ارتباط «النهضة» بالجماعات الإسلامية المتطرفة ليست جديدة، فالوقائع تشير إلى أن الحركة تقع تحت شبهة الجميع بين الجناحين المدني والعسكري، وقد تمكنت خلال السنوات التي أعقبت سقوط نظام زين العابدين بن علي من إعادة ترتيب صفوفها، بشكل سمح لها بالتغلغل في أوساط المؤسسات المدنية والأمنية والعسكرية والقضائية، وعلى الرغم من أنها حلت ثانية في الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2014، فإنها ظلت كتلة متماسكة، ما مكنها من حماية الأجهزة التي عملت على بنائها في فترة دخول الدولة التونسية مرحلة الغيبوبة.
خطوة «النهضة» ببناء جهازها الخفي، سمح لها ببناء منظومة أمنية موازية، وأعطيت له صلاحية استقطاب القضاة وتتبع العسكريين، والحصول على معلومات عن المؤسسة العسكرية الجزائرية، ومحاولة اختراق سفارة الولايات المتحدة بهدف التجسس.
لم تكن سيطرة «النهضة» على مفاصل الدولة بعيدة عن أعين المراقبين السياسيين والحقوقيين، الذين حذروا من سقوط الحركة في فخ الجماعات المتطرفة في المنطقة العربية، مثل «الإخوان المسلمين» في مصر، بعد أن كان ينظر إليها باعتبارها حركة معتدلة لها رؤاها الخاصة بعيداً عن الفكر التكفيري لهذه الجماعات، لكنها عادت لتقترب من هذا الفكر شيئاً فشيئاً، خاصة بعد تورط «إخوان تونس» في شبكات تسفير الشباب إلى بؤر التوتر في كل من ليبيا وسوريا والعراق، ما يعني أن الحركة بدأت تنخر الحياة السياسية التونسية من الداخل، بل وتخطط من أجل السيطرة المطلقة على الدولة.

اخر الأخبار