عام الرسائل

تابعنا على:   02:18 2018-10-19

أشرف أبوخصيوان

2018 يُشبه إلى حد كبير عام الرمادة، حيث حل القحط والفقر بالمسلمين في زمن عمر بن الخطاب في السنة الثامنة عشر من الهجرة، ووقتها قرقرت بطن عمر من شده الجوع، وقال لها ليس لكِ إلا الزيت حتى تشبع بطون المسلمين، ولكن المختلف في عام 2018م، أن بطون القادة تُقرقر من الشبع ومواطنيهم تُقرقر بطونهم من الجوع.

في هذا العام تتبادل القيادات الرسائل وتنقلها إلى بعضها البعض وكأننا في عصر عمر بن الخطاب، فتح تُرسل رسائل لمصر، وحماس ترد على تلك الرسائل، إسرائيل تُرسل رسائل لحماس، والأمم المتحدة والوسطاء ينقلونها، وبقيت القضية مُعلقة ما بين النقل والتحفظ على الرد، فمحتوى تلك الرسائل لم يُغير من الواقع الاقتصادي الصعب داخل الأراضي الفلسطينية وخاصة قطاع غزة، لأن مسلسل رسائل العُشاق لم يتوقف لغاية الآن، فلا زالت تلك الفصائل في مرحلة المراهقة السياسية، ولم تستطع على اتخاذ قرار جريء بالجلوس مع بعضها البعض حتى الآن، لمتابعة ورعاية مصالح المواطنين وتوفير لهم الحياة الكريمة.

لم يقتصر جوهر العام 2018م على الرسائل فقط، بل زاد في زيارات مكوكية وتكتيكية ورضائية في بعض الأحيان لبعض الأطراف، لاستيعاب المواقف وتدليل العقبات ومنع الغزوات ومنع وجود انتصارات جديدة، فقد زار ميلادينوف قطاع غزة عدة مرات، وزار الوفد المني المصري قطاع غزة أيضا عدة مرات، وسافر وفد حركة حماس والفصائل للقاهرة عدة زيارات، وكذلك وفود من حركة فتح زارت القاهرة والتقت القيادة المصرية مرات عديدة، وجميع ما سبق يبقى في دائرة الاطلاع والتفاهم والتشاور، بعيداً عن اتخاذ قرار يُبنى علية شيء لإحداث اختراق حقيقي في الأزمة ما بين حركتي فتح وحماس او الوصول لمسودة اتفاق تهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي.

الغريب في الأمر أن تلك الرسائل المشفرة، التي تتبادلها القيادات الفلسطينية وغيرها، لا تحمل أفق سياسي ولا تُغير من الواقع، ورغماً عن الظروف المحيطة، إلا أن لكل طرف من الأطراف أهدافه الخاصة والضيقة من نقل وتلقي تلك الرسائل، فالسلطة الفلسطينية تُريد أن تُسيطر على قطاع غزة وتفرض حكمها من خلال تمكين حكومة الوفاق الوطني، وحركة حماس تُريد تأمين رواتب لموظفيها، وعدم المساس بسلاح المقاومة، وأن يكون التمكين على قواعد الشراكة الوطنية والسياسية، والأمم المتحدة تسعى لعدم اندلاع حرب جديدة في القطاع نتيجة الإجراءات العقابية وتردي الحالة الاقتصادية والفقر المدقع الذي يعيشه المواطن الفلسطيني في القطاع، ومصر تسعى لإتمام المصالحة الفلسطينية مع الحفاظ على شعره معاوية والبقاء على خطوط الاتصال مفتوحة بين الطرفين، وهي تسعى لتكريس دورها التاريخي تجاه القضية الفلسطينية في الحفاظ على وحدته الجغرافية والسياسية من أجل التصدي للتحديات الكبيرة التي تواجه القضية الفلسطينية، أما الاحتلال الإسرائيلي يسعى من وراء ذلك عودة الهدوء على الشريط الحدودي مع قطاع غزة أولاً، ومن ثم البقاء على حالة قطاع غزة كما هو علية دون رفع الحصار عنه، وإقامة مشاريع استيطانية جديدة في أراضي الضفة الغربية، وتهويد مدينة القدس بكل الطرق والوسائل الممكنة.

 

اخر الأخبار