سقوط "حماس" في اختبار "الشراكة الوطنية"!

تابعنا على:   10:14 2018-10-28

كتب حسن عصفور/ من حيث المبدأ حق الإختلاف حول إطلاق الصواريخ من غزة ضد الكيان الإسرائيلي قضية نقاشية واسعة، وهي لم تعد مسألة شعبية كما يعتقد البعض الفصائلي، ولعل العكس تماما هو الواقع، لكن في لحظات معينة تجد أن هناك "مناشدة فطرية شعبية" تبحث عن تلك الصواريخ التي يتم استعراضها بكثافة في المهرجانات الحزبية، ويتحدثون ليل نهار أنها باتت قادرة أن تلحق ضررا حقيقيا بالكيان وفي قلب عاصمته تل أبيب.

دون البحث في جدوى أو لا جدوى الرد سواء بالعام أو بمنطق "الثأر"، او وفقا لمعادلة الفصائل "القبلية" في عالم السياسة الدم بالدم، فما حدث يوم الجمعة 26 أكتوبر كشف أبعادا لحقيقة حركة حماس، وسلوكها نحو "الآخر"، أي آخر، علماني أم إسلاموي، قريب ام شبه قريب، عندما كان الاتفاق بالرد "المحدود - المحسوب" بين الأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية على جريمة جيش الاحتلال باغتياله خمسة شبان دون أي "ذريعة"، كما عادته، اغتيال من أجل تثبيت المبدأ بالاغتيال، ولكسر هيبة الفلسطيني، بتسجيل نقاطة معنوية في الصراع، ان يقتل دون حساب..

تحركت سرايا القدس جناح حركة الجهاد العسكرية فردت بما رأته مناسبا، محدودا ومحسوبا بإطلاق عدد من الصواريخ والقذائف لم تترك إصابات فعلية، يمكن أن تؤدي الى فتح باب عملية عسكرية واسعة، رد يدخل في حساب منع كسر شوكة الفلسطيني، التي يراد فرضها كي تسود حالة "الخنوع العام" تمهيدا لتنفيذ "صفقة ترامب الكبرى"، بكل سلاسة سياسية.

وفجأة تنصلت حماس عبر تسريبات إعلامية أنها ترفض رد الجهاد العسكري، وليتها توقفت عند ذلك الرفض الغريب، بل أنها سمحت لعدد من "كتبتها"، أو من تصدرهم باسم محلليين، وهم براء من تلك التهمة، ليقولوا في العملية كلاما يكشف سقوطا أخلاقيا قبل السقوط السياسي، أوصافا لولا بعض الحسابات لفاقت أوصاف القيادي الحمساوي الزهار ضد السلطة وحركة فتح، وكل من لا يروق له سياسيا، كتابات تثير القرف الإنساني فما بالك بالسياسي.

وصمتت بعض الأصوات في حماس، التي سارعت بالترحيب بالحدث العسكري، على قاعدة ما أعلنته بالاتفاق مع فصائل أخرى، الدم بالدم والقتل بالقتل، بعد أن اكتشفت أن فصيلها اسقط تلك المعادلة بطلب من قطر، وفقا لحسابات سياسية خاصة، مع قدوم المبعوث الأمريكي غرينبلات، او لمنع أي فصيل كان من كان، أن يفرض موقفا لا ينال موافقة "سي السيد" الأمني - السياسي في القطاع، حماس.

ولن نتوقف كثيرا عند سلوك إعلام حماس خلال الرد الإسرائيلي، حيث تجاهل تقريبا الحدث ومنح أقل تغطية إخبارية، في حين تركت فضائياتها بمسميات مختلفة، عرض مسلسل تركي، او عرض فيلم عن ممارسات السلطة في الضفة والتنسيق الأمني.

كان من الممكن "احتواء" تلك المسلكيات والكتابات الصفراء الحاقدة، واعتبارها أفعال فردية لخدمة تيار ما وفق حسابات ما، لكن المفاجأة الكبرى، أن حركة حماس التي تصرخ ليل نهار بالرد والثأر للدم الفلسطيني، وأن المعادلة العسكرية تغيرت و"العدو" يعلم ذلك تماما، ولم تعد يداه حرة دون أن تدفع الثمن، صمتت كليا حتى عن الأخذ بالثأر لما أصاب معسكراتها ومقارها من قصف وتدمير، التي أذرف أحدهم الدموع الحارة على تدميرها، وكاد أن يصرخ "يا ويلاه". ولم تعتذر عما فعلت وفعل كتبتها "الحاقدين" على "الآخر".

الخطورة في السلوك الحمساوي، ليس في انها تنصلت من عمل مشترك للرد على الجريمة، والتنصل من المتفق، وليس ما كتبه  بعضا منهم بحقد وكراهية، وتلك ليست بظاهرة جديدة أبدا، لكن حماس بهذا أكدت أنها لا تؤمن بمبدأ "الشراكة الوطنية"، وأنها ليست فصيلا مؤهلا للعمل الموحد، وكشفت كم أنها لا تزال بعيدة عن مفاهيم العمل المشترك، والعلاقات الوطنية السوية، وهي ليست سوى حركة تبحث عن "تابعين" ينفذون ما تأمر به، وأنها ليست قائد المسار بل حاكم المسار وناظمه، ولا يحق لأي طرف مهما كان حضوره أن يفعل غير ما تراه..

درس يوم الجمعة وصباح السبت، 26، 27 أكتوبر أهم رسالة سياسية أرسلتها حماس للقوى التي تبحث عقد مؤتمر شعبي ضد مركزي المقاطعة، وهي التي عليها أن تعيد التفكير بالعلاقات مع حماس، قبل أن يتم وضع أسس حقيقية للتعاون المشترك أو للشراكة الوطنية المنتظرة.

درس لو مر مرورا دون مراجعة، فنحن أمام فرض تبعية سياسية غير مسبوقة، وعلى الفصائل كافة، عدا تحالف عباس، أن تقف لتعيد النظر في العلاقة معها قبل الذهاب الى طريق جهنم السياسي.

قيادة حماس، داخل وخارج، أمام الاختبار الوطني والوقت لها ليس بكثير، وعليها التفكير دون التسلح بغرور أو غطرسة مستندة لقوة عسكرية قد تسقط سريعا أمام هبة شعب!

ملاحظة: ما نسب الي قائد حماس في غزة يحيى السنوار عن معادلة "المال مقابل الهدوء" يحتاج توضيحا وليس صمتا، فذلك لو صدق مصيبة سياسية كبرى!

تنويه خاص: وكأن "دم اليهودي" مختلف، سلوك بعض الدول والساسة العالميين يتباكون مع أي جرح ليهودي في العالم، كان فعل جنائيا أو غير جنائي، لكنهم يصمتون على قيام يهود بارتكاب مجازر وجرائم حرب ضد الفلسطيني، سلوككم هو المشجع الأول لمعاداة اليهود!

اخر الأخبار