فرح البعض "الغزي" بمرارة سياسية!

تابعنا على:   10:38 2018-11-07

كتب حسن عصفور/ بما يشبه "احتفالات نصر كبير"، سارعت بعض فصائل في قطاع غزة، وفي المقدمة حركة حماس، تعبيرها عن البدء رسميا بتنفيذ الخطوات الأولى لصفقة "التهدئة مقابل المال"، عبر "حزمة تسهيلات مالية"، سيتم العمل بها وفق ترتيبات خاصة.

"فرحة حماس" المبالغ فيها مفهوم تماما، لأنها تبحث عن أي "نصر" او "مكسب" لكسر حصار أصاب أهل القطاع بكل نوبات غير إنسانية، فرحة كشفت ان "المسألة الوطنية" ليست حاضرة بالقوة التي تعكسها شعارات تسود البيانات اليومية، لكنها تراجعت مع أول "مكسب" جزئي، على طريق ما هو "ربح أكثر وفرة".

ربما يحق لحماس ومن يدور في فلكها "المالي" من مسميات فصائلية، أن تفتح مهرجانات "الفرح"، وأن تصدر ما يحلو لها "كلاما"، لكن الجريمة أن تنساق بعض أطراف وطنية للتعبير عن "حزمة التسهيلات"، وكأنها حقا "نصر سياسي"، فرضته الأطراف الفلسطينية.

بلا أي مجاملة، رفع الجريمة الكبرى عن قطاع غزة وكسر الحصار ضرورة وطنية لا بد منها، وأي خطوة يمكن تحقيقها في هذا السياق خطوة مرحب بها، ويجب العمل على مواصلة المزيد الى أن ينتهي كليا، فهذا حق  وليس منحة أو هبة من هذا أو ذاك، لكن ما حدث يوم 6 نوفمبر ليس سوى "شذرات" تحسينية لا يمكن اعتبارها "خطوات لكسر الحصار"، فتحسين رواتب موظفي حماس مسألة "فنية" تتعلق بتوفير "أموال" لها بأي طريقة ممكنة، لكنها تبقى رهينة توافق مع إسرائيل ضمن حسابات تعلمها جيدا قيادة حماس، وما هو المقابل لها، فيما غيرها لا يمكن اعتبارها "ربح يستحق الفرحة المتسرعة" وفق بيانات وكأنها معدة سلفا تم توزيعها في ذات اللحظة.

أن تفرح لأي خطوة ما تكسر بعضا من ظلام، فذلك حق، أن تستمر الكهرباء ساعات أطول مما كان فهي بالتأكيد خطوة تريح بعضا من البعد الكارثي للحياة لأهل القطاع، لكن الكارثة الكبرى، أن تصر حركة حماس وفلكها الفصائلي، أو بعض ممن يبحثون "توافقا" معها، على أن الذي حدث ويحدث ليس له أي ثمن سياسي، وكأننا في عالم أصبحت أخلاقه "ملائكية" دون سابق إنذار، او أن الكيان أصيب بهزة شمولية هددت وجوده ومستقبله.

الجريمة بالإصرار على نشر "ثقافة الإستغباء"، لا تقل عن جرم من يدعي زورا وكذبا بأنه أسقط صفقة ترامب، ويبحث عمن يكتب له أوصافا تمنحه ما ليس به، ولن يكون ابدأ، فمنزله ومكتبه وحركته باتت تخضع عمليا لآلية تنفيذ تلك الصفقة، وما يحدث من قيادة حماس بأن الصفقة ليس لها ثمن سياسي، ليس سوى الوجه الآخر لتلك "الرعونة السياسية".

كيف يمكن الإصرار على تجاهل ما هي الأبعاد السياسية لتلك الصفقة التي تتم وبدأ تنفيذها، كيف يمكن القول ان كل الذي سيكون كسر للحصار بلا أي ثمن سياسي، من يعقل صدور مثل هذا الحكم غير الذكي على واقع أحد أطرافه دولة الكيان الذي تحكمه طغمة فاشية، هل تعتبر قيادة حماس وفلكها الفصائلي بمسمياته المختلفة حقا، أن إسرائيل رفعت "الراية البيضاء" ووقعت على "صك استسلام"، ونفذت الأوامر التي صدرت لها من غزة عبر الدوحة أو القاهرة.

ما سيحدث منذ ما بعد يوم 6 نوفمبر كلها خطوات سياسية لتكريس الأمر الواقع بكيانية سياسية خاصة في قطاع غزة تحت سلطة حماس، ضمن المرحلة الثالثة لصفقة ترامب كـ "فصل مؤقت"، وليس أدل على ما يحدث أن معلني تلك "الحزمة التسهيلية" ليس سوى موظفي سلطة حماس، والراتب لذات الفئة، أي تكريس عملي لواقع "سلطتين في منطقتين".

"الفصل المؤقت" هو الخطوة التي تعمل أمريكا ودولة الكيان لتصبح حقيقة سياسية، ليس مهما كيف تشتري الوهم وكيف لك أن تبيعه لمن يحب أن يشتريه، لكن الحقيقة هي الأصدق، فكل خطوة لكسر حصار قطاع غزة ليس ضمن توافق وطني، هي خطوة عملية لتكريس ما تريده واشنطن وتل ابيب، وليس مهما ما تدعي أو ما تقول.

أن تفرح حق لكسر بعض جرم الحصار، لكنه فرح بمرارة سياسية وطنية، نجحت أطراف النكبة الكبرى، بأن تصنع من الكوارث الوطنية "مكاسب وهمية" لا أكثر.

الحل الإنساني ضرورة، ومن يعارضه دون تقديم بديل ليس وطنيا، لكنه بالقطع ليس مكسبا وطنيا لكنه فرض الضرورة الذي لن يخفي ما يرمي له في نهاية الأمر، من تنفيذ لصفقة يدعي الجميع أنها ليست موجودة!

"فرح نوفمبر" مرارته السياسية لن تزيله بيانات الزفة الحزبية!

ملاحظة: "لا يوجد عقوبات على غزة ونحن الان نفكر في إنهاء سلطة التمرد دون المساس بالمواطنين"، آخر نهفات "الجعجعاني" تكشف أن الهلوسة أصبحت سيدة التفكير للشلة العباسية.

تنويه خاص: صفعة سياسية سيكون لها ما لها تلك التي وجهها الكرملين بأن ألغى لقاء كان مجدولا بين بوتين ونتنياهو، شكله بيبي صار زي جماعتنا مصدق أنه هزم على القيصر!

اخر الأخبار