قراءة في التحضيرات لمهرجان فتح لإحياء ذكرى الخالد أبو عمار

تابعنا على:   02:12 2018-11-21

عصام حلمي حماد

 لقد مر على حادثة اغتيال الراحل أبو عمار 14 عاماً، فهي ليست حدثاً جديداً ليأخذ كل الأبعاد التي يتم رصدها الآن، وإنما تبدو هذه الذكرى مناسبة جيدة لإبراز صراع القوى داخل حركة فتح ....
حركة فتح التي كانت موحدة على مدار الزمن حتى استشهاده رحمه الله، لم تبدو منقسمة كما هو الواقع اليوم ، فمشروعها الوطني غدا طلاسماً غير مفهومة المعالم في ظل انهيار خيار التسوية، فالمراقب لشأن الحركة يدرك بقليل من التمعن أن حركة فتح أصبحت ثلاث تيارات كل منهما يدعي أنه الأكثر حظوة أمام الجماهير،
أما التيار الرسمي الذي يمثله الرئيس أبو مازن فقد تآكلت شعبيته بمقدار كبير نتيجة لسلوك الرئيس مع مسار السلام الفاشل وتمسكه بالتنسيق الأمني مع دولة الاحتلال في ظل تنكرها للحقوق الفلسطينية واستمرار تغولها في مصادرة أراضي الضفة واعتدائها على القدس واقرارها لقانون القومية ، ولكن ليس هذا وحده ما أفضى لتآكل شعبية هذا الجناح فحسب وإنما سلوك الرئيس في المماطلة بتنفيذ توصيات المجلس الوطني وقرارات المجلس المركزي بالإضافة لإجراءاته العقابية على أهالي قطاع غزة والتي طالت من فتح أكثر مما طالت من غيرها فبدا الرئيس وكأنه يعاقب الفتحاويين في غزة لعدم انقلابهم على حماس واقتلاعها من الحكم، 
 
هذا السلوك أدى إلى هجرة جماعية من الفتحاويين الذين لازالوا يرون أن هذه الحركة لا بد أن تتمسك بدورها التاريخي فبدأت الهجرة منذ اعوام باتجاه التيار الاصلاحي الذي يرعاه النائب محمد دحلان وبعض القادة البارزين في حركة فتح ، إلا أن هذه الهجرة قد اتسع مداها مؤخراً بسبب الضجر الذي خلقه سلوك الرئيس في مسارات القضية الفلسطينية فبدأ الكثير من الفتحاويين يرون في التيار الاصلاحي بديلا عن تيار الرئيس.
في هذه المعركة من الصراع على الهيمنة يبقى تيار أبو عمار الأصيل، ذلك التيار الذي أدرك مبكراً أن "كرزاي فلسطين كما سماه أبو عمار" قد جيء به لمهمة خاصة مفصلة على مقاس الولايات المتحدة واسرائيل، ويدرك هذا التيار خطورة المرحلة وما سيؤدي له هذا التساوق مع الاحتلال والصبر عليه وتعطيل اجراءات تفعيل آليات محاسبته عبر المؤسسات الدولية، كما يدرك هذا التيار مسؤولية محمد دحلان عن الفوضى الذي اجتاحت قطاع غزة ابان الانقسام، وينظر بعين الريبة للدور الذي قد يقوم به لاحقاً في حال استئثاره بحركة فتح، ولكنه مازال يقوم بدور حزب الكنبة، فترى رموزاً فتحاوية أصيلة قد توارت عن الأنظار وكأنها لم تنتمي للحركة العملاقة يوماً ما.
من هنا أتت أهمية المهرجان التأبيني للخالد أبو عمار الذي ربما سيكون آخر اهتمامات القائمين على هذا المهرجان، الذي سيكون مهرجاناً لصراع الهيمنة بامتياز.
لربما حالة الفلسطينيين السياسية مع فصائلهم أنتجت ومازالت آلياتٍ خاصة لتوظيف المال السياسي من أجل إظهار قدرة هذا التنظيم او ذاك على حشد الفقراء والمحتاجين ليبدو قطاع غزة وكأنه في جيب هذا او ذاك، ولكن صندوق الإنتخاب النزيه قد أجاب عن ذلك في عام 2006 عندما قال البعض بأن الأهالي أخذوا المعونات وانتخبوا وفق ارادتهم ....
هذه غزة التي تأبى نخبها أن يكون لهم دور حقيقي في الساحة السياسية، فتتيح المجال لكل القوى على الساحة أن  تتقاذف الجماهير بين هذا وذاك، ذلك أن كافة القوى على الساحة لا تملك رؤية سياسية واضحة ومتفق عليها ويجتمع عليها الجمهور من الصراع مع اسرائيل وهو ما يمكن التعبير عنه بغياب المشروع الوطني المتفق عليه ... فبين ذلك الذي يرتمي في حضن السلام المزعوم ويستمر بالدعوة لمحاربة الارهاب الفلسطيني والدولي وبين أولئك الذين يرون في المقاومة المسلحة طريقاً للوصول، يعجز كلاهما أن يجيبوا عن التساؤل " الوصول إلى ماذا" 
قد تكون الوسائل مشروعة ولكن الهدف يبدو غائباً وقد يكون هذا هو السبب الحقيقي وراء انقسام حركة فتح بالثلاثة.

اخر الأخبار