"عملية خانيونس" لـ "تحرير معابر غزة"!

تابعنا على:   10:15 2018-11-29

كتب حسن عصفور/ من حيث الشكل نجحت حركة حماس وجناحها العسكري "كتائب القسام"، ان تحيل الحدث الأمني الأخطر منذ سنوات عليها الى "فعالية بطولية"، ومشهد كأنه فعل لا سابق له، وخدمة للأمن القومي العربي، رغم ان هناك عشرات الأسئلة الأمنية – السياسية التي يجب أن تستبق تلك "البهرجة المثيرة"، وهي في أحد جوانبها لها أهداف مختلفة، مع كل التقدير لشهداء العملية من خانيونس، وشرقها.

من حق حماس تسويق ما يمكنها تسويقه للخارج الفلسطيني، وتعمل على أن تعزز مكانتها في الداخل الفلسطيني، في ظل المشهد العام إقليميا وفلسطينيا المصاب بـ "هلاك" نادر وهشاشة سياسية غير مسبوقة، فلم تعد دولة الكيان "عدوا مركزيا" للأمة العربية، بل لم تعد خطرا على غالبيتها، كما يقال من هنا وهناك، بعد أن تغيرت أولويات المواجهة في منطقتنا من محيطها "غير الهادر الى خليجها غير الثائر".

حماس تعمل ومنذ "عملية خانيونس"، ان تصنع منها ما ليس بها، بل وتخفي ما عليها كثيرا، وتمكنت من صناعة حركة مشهديه مثيرة عبر حركة الصور التي سيطرت كثيرا على واقع الخبر المحلي وبعض العربي والدولي، بل انها تمكنت بفضل تلك "الحركة المثيرة"، ان تفرض على إسرائيل نقاشا إجباريا حول صور المجموعة التي وصفتها حماس بأنها وراء عمليات أمنية في القطاع والخارج.

ولكن، الأهم من كل ما عرضته حماس من فعل إثاري، ما قررت تجاهله، مما تبحث عنه ما بعد تلك العملية، ومن راقب تصريحات قادتها وكتائبها وإعلاميها، سيجد أن الرواية القساميه اشارت بتركيز شديد على أن دخول "الخلية" الإسرائيلية كان عبر معابر قطاع غزة، بشكل طبيعي، تلك المعابر التي تسيطر عليها السلطة في رام الله، ولا يوجد حضور أمني للقوات الأمنية الحمساوية.

خيط ناظم للرواية منذ تصريحات القيادي التاريخي في الحركة د. موسى أبو مرزوق، التي أشار فيها الى تلك النقطة الاتهامية، ثم تتالت في كل ما صدر من بيانات وروايات.

لا نعرف كم من أبناء الشعب الفلسطيني يمكنه أن يأخذ تلك الرواية بالجدية التي تسعى حماس الى تكريسها، لكن المؤكد أن غالبية أهل القطاع قبل الضفة يدركون تماما مدى "هزالة" تلك الذريعة التي بنت عليها رواية "الاختراق الأمني".

لو ارادت حماس فعلا أن تؤكد روايتها، عليها أن تتقدم برواية متكاملة لمدى "الاختراق الأمني" الذي حدث، ومسبقا ليس مطلوبا على الإطلاق إعلان نتائج ذلك في وسائل الإعلام، لكن يمكن تقديمها الى لجنة وطنية فلسطينية محددة، ولجنة خاصة من المجلس التشريعي في غزة، تضم نوابا من حماس وغير حماس ممن يقبلون ذلك.

مطلوب تقديم أجوبة، متى بدأت تلك الخلايا عملها، ومكان إقامتها، ومدى الضرر الذي حدث، وهل هناك "متعاونين محليين" معها، وبالتأكيد هناك الكثير من الأسئلة المهنية التي تتعلق بتلك العملية التي اساءت فعليا الى الوضع الأمني في قطاع غزة، رغم كل ما يمكن الادعاء عكسه، دون أن تنسى أن كشفها لم يكن بقدرة أمنية بل بفعل صدفة لا أكثر.

دون القيام بذلك، يصبح الهدف الأساسي من رواية حماس "المثيرة"، ليس سوى "تحرير معابر قطاع غزة" من بيت حانون الى رفح مع كرم أبو سالم وكارني وغيرها من وجود ممثلي سلطة رام الله، وعودة قوات حماس الأمنية بشكل مباشر على تلك المعابر.

ليس صعبا على حماس الإطاحة بممثلي سلطة رام الله، وعمليا يدرك العامة، كم ان أولئك "الممثلون" يصابون بهلع داخلي من جبروت الأمن الحمساوي غير المشارك "نظريا" على تلك المعابر، لكنهم حاضرين بقوة تفوق التواجد المباشر، ينفذون ما يريدون تنفيذه، بإسم جهة أخرى، يجنون مرابح دون دفع ثمن، ومعبر رفح المثال الأكثر وضوحا.

تستطيع حماس أن تعلن "تحرير المعابر" من سيطرة ممثلي سلطة "التنسيق الأمني"، لكن عليها التفكير جيدا وجدا، بأنها بتلك الخطوة تتكامل مع ما يريده بعض أقطاب "تحالف عباس السياسي"، لتكريس الفصل المؤقت لخدمة مشروع ترامب وصفقته الكبرى.

بالتأكيد، حماس لم تعد تولي اهتماما لتهديدات "التحالف العباسي" لفرض مزيد من خطوات غبية، فهي ضمنت جيدا نتائج صفقة المعادلة الذهبية "التهدئة مقابل المال" التي بدأ تنفيذها وبنجاح، لكن الجانب الأهم هو البعد السياسي لذلك "التمثيل الرمزي" لسلطة رام الله على معابر القطاع.

حاذروا القيام بـ "حماقة سياسية" ثمنها يفوق كثيرا سيطرة مظهرية وبحث عن منافع آنية.

ملاحظة: كما اليوم أقرت الأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين عام 47، وبات مع الزمن يوما عالميا للتضامن مع شعبها، تخيلوا كيف حال التضامن عمليا.. بيانات بلغة مكررة خالية من أي روح إنسانية وليست سياسية .. مشهد حالنا هو العار وليس الآخرين!

تنويه خاص: أحسن حزب الشعب برد على تجاهل وزارة تربية عباس تأريخ الحزب الكفاحي، ورموزه التي يتغنى البعض بما كتبوه.. الغضب لا يجب أن يقتصر بيانا لشخصية لا تقيم وزنا لاحتجاج لفظي، هناك سبل عملية قادرة على تصويب الجريمة السياسية أكثر فعلا وأثرا.

اخر الأخبار