"عنصرية" لامونت و"جريمة" جمال و"ديمقراطية" سي أن أن

تابعنا على:   10:11 2018-12-01

كتب حسن عصفور/ ربما تناسى الكثيرون الدور "القذر" لشبكة سي أن أن الإخبارية، خلال الحرب الأمريكية على المنطقة عام 1991 مستغلة الغزوة العراقية للكويت، قناة لعبت دورا تضليلا نادرا لـ "تبيض" الحرب العدوانية، وكأنها حرب "تحريرية"، متجاهلة البعد الاستعماري للولايات المتحدة، وأهدافها في إعادة سرقة الثروة ولفرض معادلة سياسية جديدة في المنطقة، مهدت لما عرف بـ "مؤتمر مدريد للسلام"، حيث فتح الباب لتقديم دولة الكيان وكأنها أحد ثوابت المنطقة.

منذ جريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، لعبت المحطة الإخبارية الأمريكية دورا توازى مع دور المحطة القطرية، في مطاردة كل صغيرة وكبيرة تتعلق بتلك الجريمة، وباتت القضية الأولى لها، كما اعلام أردوغان وبعض وسائل الإعلام الأمريكي (واشنطن بوست، نيويورك تايمز)، وغالبه يعرف تاريخيا بأنه السند الأبرز لتمرير الروايات الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، وتشكل البوق الأهم عالميا لتبرير جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل ولا تزال، كما تفعل القطرية مع فتح بابها للرواية الإسرائيلية.

المحطة الإخبارية الأمريكية، لم تنتظر مرور 24 ساعة على خطاب لأحد محلليها السياسيين البارزين، القاه في الأمم المتحدة، تحدث فيما تحدث عن الصراع في الشرق الأوسط، وأشار الى، "لدينا الفرصة للتعبير عن دعم الشعب الفلسطيني، وليس بالأقوال فقط، وإنما بالأفعال أيضا. علينا أن نقوم بعمل سياسي، محلي ودولي، يمنحنا العدالة، ويحرر فلسطين".

وأضاف أن ".. إذا أردنا دعم الشعب الفلسطيني حقا، علينا أن نوفر له نفس الفرص والإمكانيات السياسية. وإذا كنا نقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، فعلينا أن نعترف بحق الشعب الواقع تحت الاحتلال في الدفاع عن نفسه"، ودعا الى ضرورة مقاطعة إسرائيل نتيجة لذلك.

كلمات تعلن انحيازها للحق السياسي ضد العنصرية الإسرائيلية، لم تحتملها الشبكة الإخبارية الأهم مع القطرية، التي تحمل راية قضية السعودي الأمريكي جمال خاشقجي، وكادت أن تضعها جريمة العصر، ومسبقا هي جريمة يجب محاسبة مرتكبيها لكونهم قاموا بعملية إعدام خارج القانون.

القناة التي تدعي ليل نهار، انها حاملة راية الحرية والتحرر والدفاع عن التنوير، لم تستطع الصبر 48 ساعة لمساءلة المحلل الأمريكي حول موقفه، لم تنتظر لسماع رأيه فيما قال، أصدرت "حكما غيابيا" بـ"إعدامه إعلاميا"، دون أن تمنحه حق التوضيح وليس الدفاع، قررت فصله فورا بعد أو وصل اليها مقتطف إخباري يشير الى ان مارك لامونت هيل، تجرأ على المساس بـ"البقرة المقدسة" للفكر الاستعماري، وأداته التي لا بد منها سلاحا ساما في جسد المنطقة العربية.

فصل محلل لمجرد أن أعلن دعما لحق الشعب الفلسطيني، خلال دقائق معدودة، قد تكون أبرز سابقة طرد موظف من عمله لموقف سياسي، دون أي تحقيق او جلسة استماع، طرد وفصل على "خبر عاجل"، لأنه تجاهل رسالة المحطة الإخبارية في حماية الجرائم الإسرائيلية.

من حق البعض العربي ان يستخدم تلك القناة مصدرا لا غبار عليه فيما تنقله، وأنها المحطة الأكثر "ليبرالية"، والنموذج الأهم للإعلام "الحر"، ولذا فحملتها من أجل "جمال خاشقجي" هي جزء من "رسالتها التحريرية التنويرية"، لكن ليتهم يجدوا تفسيرا واحدا للخطوة التي تعيد إنتاج عنصرية فكرية سياسية لحماية دولة سجلها من جرائم الحرب والاحتلال وتشريد شعب يفوق سجل غالبية أعضاء الأمم المتحدة.

مارك لامونت إنسان قبل أن يكون موظف في قناة، أعرب عن رأيه ضمن الاعتقاد أن ذلك حق له، باعتبار أمريكا وإعلامها رافعي شعار "حرية الرأي والاعلام"، لكنه وقع في المحرم بأن تطاول على "مقدسهم السياسي".

سقوط مدو ليس لقناة كانت، ولا تزال، أداة عدوان ضد بلادنا شعوبا وامة وأهدافا تحررية، بل للفئة الإعلامية التي تختف خلف منتجات تلك القناة لتمرير أرذل روايات العمل الإعلامي.

السؤال، هل سنجد حملة عربية وقبلها فلسطينية للتضامن مع مارك لامونت، ومقاطعة تلك القناة الاستعمارية، أم يراها البعض "سقطة" والسلام.. الكرامة الوطنية ليست احرفا بل هي حياة ومبدأ.

ملاحظة: لقطة بوتين وبن سلمان في قمة العشرين كسرت كل أشكال الرسميات في اللقاءات الدولية، لكنها قبل ذلك أظهرت أن لبوتين شخصية مختلفة كثيرا عما تراه.. حركة كأنها رسالة تفوق كثيرا تلك الضحكات العجيبة!

تنويه خاص: اقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 30 نوفمبر 2018، 5 قرارات لصالح فلسطين وآخر حول الجولان، ليت مكتب رئيس المقاطعة وخارجيته يدرسون أرقام التصويت، فما كان منها سياسي كان دون المائة صوت، فكروا قبل الاحتفال الشكلي.

اخر الأخبار