نظرية ترامب: لا أمن بدون دفع!

تابعنا على:   13:33 2018-12-23

عماد الدين أديب

لا بد من الفهم الجيد للرسالة العميقة التي تسعى طهران لإرسالها أمس الأول إلى واشنطن من خلال المناورات البحرية التي تجريها منذ أيام.

بدأت طهران منذ عدة أيام فى إجراء مناورات بحرية قامت بها قوات الحرس الثوري تحت عنوان «الرسول الأعظم رقم 12»، فى جزيرة «قشم» القريبة من مضيق هرمز الاستراتيجي.

تبلغ مساحة جزيرة «قشم» 1200 كيلومتر مربع، أي ما يوازى مساحة العاصمة، وهي أكبر الجزر المطلة على بحر العرب.

ويمر أقل من نصف تصدير نفط المنطقة عبر مضيق هرمز، لذلك فإن كلام الرئيس الإيراني حسن روحاني «إن أي محاولة لمنع إيران من تصدير نفطها عبر هرمز سوف تتم مواجهتها بكل حزم وقوة، وإنه إما أن يمر نفط العالم كله، بما فيه إيران من المضيق، أو لا يمر أي نفط إطلاقاً».

المناورة البحرية لقوات الحرس الثوري الإيراني هي مناورة هجومية تكتيكية تهدف إلى رفع القدرة القتالية للدفاع والتعامل مع أي إمكانية عسكرية أمريكية لمنع تصدير النفط الإيراني.

وتستخدم إيران في هذه المناورة مئات من الزوارق البحرية الصغيرة، السريعة الحركة، التي تصل سرعتها إلى ما بين 140 و160 كم في الساعة، مدعومة بسلاح الغواصات وطائرات الاستطلاع، والطائرات الاستكشافية بدون طيار.

وأهمية الجزيرة التي تجرى عليها وحولها المناورات، هي أن من يسيطر على هذه الجزيرة، هو فعلياً من يتحكم في مضيق هرمز.

هذا كله يتم في وقت قررت فيه الولايات المتحدة، سحب قواتها من سوريا وأفغانستان.

وكان الرئيس دونالد ترامب يريد نفض يده من تكاليف وتبعات أمن هذه المنطقة، وكأنه أيضاً يقول: «أمن هذه المنطقة لأهل هذه المنطقة».

ويبدو أن ترامب يتعامل مع قضايا الأمن القومي والعالمي وأمور التوازن الاستراتيجي بمنطق «شركات الحراسة الخاصة»، أي «ادفع تأمن»، وكأنه «بودى جارد» محترف لا يتحرك قبل أن يحصل على فاتورته.

نحن الآن أمام صيغة جديدة محيرة ومقلقة ومربكة للجميع، بما فيه أقرب الناس إلى ترامب، وآخرهم الجنرال ماتيس وزير دفاعه المخلص، الذي قدم استقالته من منصبه، لأنه غير قادر على استيعاب كيف تريد الولايات المتحدة أن تصبح القوة العالمية الأعظم، وهي تترك طواعية فراغات عظمى في مناطق استراتيجية في العالم لأعدائها وخصومها في موسكو وبكين وطهران وغيرها.

اخر الأخبار