لماذا العودة لدمشق الآن؟

تابعنا على:   19:07 2019-01-07

عماد الدين أديب

 

هناك منهجان للتعامل العربى مع الملف السورى يمكن تحديدهما على النحو التالى:

المنهج الأول هو المنهج السياسى الأخلاقى وهو منهج يقوم على تسييس الحالة السورية إما بالتأييد التام أو المعارضة الكاملة.

الذين يؤيدون يرون أن نظام الرئيس بشار هو نظام علمانى يحارب معارضة تنتمى إلى تيارات الإرهاب التكفيرى، ويرون أن ما حدث منذ بدء أحداث اضطرابات محافظة «درعا» فى البداية هو حلقة من حلقات «مؤامرة الربيع العربى»، التى يرونها «تهدف إلى إسقاط مشروع الدولة الوطنية فى العالم العربى».

ويرى هؤلاء أن المسألة ليست فى دعم حكم ديمقراطى أو حكم استبدادى لكنها مسألة دفاع عن الدولة الوطنية حتى لو كانت استبدادية ضد مشروع التقسيم والفوضى برعاية الإرهاب التكفيري الذي تدعمه قوى دولية شريرة.

أما المنهج الثاني في المسألة السورية فهو يرى المسألة من منظور أن الحكم فى سوريا، غير ديمقراطي، أقلوي، أدى بإفراطه في العنف إلى إسالة دماء آلاف ونزوح الملايين، وخراب شئون البلاد والعباد.

من هنا، ومن هنا فقط، نرى أننا أمام مدرستين من التفكير كل منهما لها منطقها وحساباتها ومواقفها.

الجديد الآن أننا في مرحلة الفصل قبل الأخير في العمليات العسكرية التي كشفت بما لا يدع مجالاً للشك أن الحلف العسكري الروسي، الإيراني، الأسدي، انتصر على كل خصومه المحليين والإقليميين والدوليين بشكل صريح وواضح.

هذا الحسم العسكري على أرض القتال سوف، ولا بد، وحتماً، يكون له تداعيات سورية وإقليمية يمكن تحديدها على النحو التالي:

1- بقاء حكم الرئيس بشار الأسد فى المديين القصير والمتوسط لحين حسم تسوية سياسية شاملة لها علاقة بصفقة إقليمية كبرى برعاية أمريكية روسية.

2- ممارسة أنصار الرئيس الأسد نتائج فائض القوة لانتصاراتهم فى سوريا على مناطق نفوذهم المحلية فى العراق، ولبنان، واليمن، وغزة.هنا يطرح الجميع السؤال الكبير على أنفسهم: «هل نستمر في التزام موقفنا المبدئي من مقاطعة وعداء ومواجهة مع الحكم في دمشق رغم فوزه هو وأنصاره في العمل العسكري.. أم نعترف بتغيير المعادلات على أرض القتال، ونعيد حساباتنا السياسية ونقبل بالواقع المفروض علينا بواقعية وبراجماتية؟».

هناك منهج ثالث اتبعته مصر منذ عام 2012 بشكل واضح وهو أن الصراع في سوريا هو صراع داخلي، لن يتم حسمه، بعد الصراع العسكري، إلا بتسوية سياسية، وحتى تستطيع القاهرة أن يكون لها دور في هذه التسوية عليها أن تكون مقبولة، سلفاً، من طرفي الأزمة.

وما يحدث الآن بين دمشق وعدة عواصم عربية مثل أبوظبي والرياض وتونس والخرطوم والمنامة هو العودة إلى دخول دائرة التأثير فى سوريا عبر بوابة العلاقات حتى يمكن لعب دور مهم وملء فراغ الخروج الأمريكى ومواجهة فائض القوة الروسي الإيراني.

عن الوطن المصرية

اخر الأخبار