قراءة في مضمون البيان السياسي لتيار الإصلاح الديمقراطي

تابعنا على:   19:23 2019-01-15

د. عزام شعث

يؤسس البيان السياسي لتيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح الصادر في ختام اجتماعات قيادته الموسعة المنعقدة في الفترة من 9-12 يناير 2019، لمرحلة جديدة في العلاقات الوطنية والتنظيمية. لقد أوصى بيان التيار بمجموعة من القرارات التي تعالج قضايا شائكة ومُلحة على المستويين الوطني والتنظيمي، ففي الإطار الوطني نادى بضرورة تحقيق الوحدة، إنهاء الانقسام وإعادة الاعتبار للنظام السياسي الفلسطيني عبر بوابة الانتخابات العامة والشاملة، التي تضمن تحقيق الشراكة السياسية وإنقاذ النظام السياسي من عثرته الراهنة وأزماته المركبة والممتدة. ولا شك في أن الانتخابات تعالج الاختلال الراهن، والفوضى القانونية والتوظيف السياسي، خصوصاً في أعقاب القرارين غير الدستوريين: قرار المحكمة الدستورية حلّ المجلس التشريعي؛ وقرار المجلس التشريعي بنزع الأهلية السياسية والقانونية عن رئيس السلطة الفلسطينية، في وقت ندرك فيه حقيقة أن الشرعيات الفلسطينية- في السلطتين التشريعية والتنفيذية- قد تآكلت وانتهت عامي 2009 و2010، وأن المجلسين الوطني والمركزي تغيب عنهما مظاهر التمثيل السياسي والجغرافي، الأمر الذي يستوجب تجديد الشرعيات الفلسطينية، بالمعنى والمضمون الذي أكده بيان التيار. 

إن قيادة تيار الإصلاح وهم يتطلعون إلى معالجة الهموم الوطنية بكثير من الواقعية، ويضعوا- بكثير من الحكمة والروية- تصوراتهم الجادّة والخلاقّة لتجاوز الأزمات الراهنة فلسطينياً بالشراكة وعبر علاقاتهم الوطنية الممتدّة، لا تغيب عنهم فتحاويتهم.. وهم مؤهلون، في كل الأوقات، للمناداة بتوحيد الحركة وإصلاح أطرها التنظيمية لعديد الأسباب ليس أقلها امتلاك "التيار" القاعدة الجماهيرية- الفتحاوية التي تؤهله لذلك. والواقع، أن النائب محمد دحلان، الذي يترأس التيار، تسامح غير مرة في مسألة الخلاف مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وأعلن أنه يمّد يده لإنهاء القطيعة حرصاً منه على حركة فتح وانتصاراً لها، وهو الذي تجاوب مع مبادرات فض القطيعة، وأهمها المبادرة العربية في سبتمبر 2016، التي كانت تستهدف تحقيق الوئام الداخلي بين الفتحاويين، ومعالجة الترهل التنظيمي وتقوية أطر ومؤسسات الحركة تمهيداً للمصالحة بمعناها الوطني. الذي يبرهن على هذه المواقف أن النائب دحلان ومعه نواب آخرون من كتلة فتح البرلمانية لم يشاركوا في جلسة "نزع الأهلية السياسية والقانونية عن رئيس السلطة الفلسطينية"، وكان ينبغي أن يُلتقط هذا الموقف وأن يبنى عليه، وكان من الواجب أن يقابل فتحاوياً بكثير من التقدير.

اليوم، يلبي تيار الإصلاح طموح القاعدتين الوطنية والفتحاوية؛ فدعوته إلى تنظيم الانتخابات تجد تأييداً واسعاً عند القاعدتين كي يتجاوزوا أزمات الحال الفلسطيني: جمود الطبقة السياسية وهيمنتها على مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني؛ وإنهاء الانقسام مرة وإلى الأبد، وهي دعوة عقلانية لتوحيد صفوف الفتحاويين والاتفاق على قائمة انتخابية واحدة موحدة.

فهل من عاقل يلتقط المبادرة ويهب الحركة الوطنية الفلسطينية طوق النجاة؟   

اخر الأخبار