"انتفاضة الخبز اليانيرية" في رام الله وغيرها...صفعة ودروس!

تابعنا على:   10:23 2019-01-16

كتب حسن عصفور/ مشهد لم تره مدينة رام الله، المقر الرسمي للمؤسسة الفلسطينية الحاكمة، بما فيها مقر رئيس سلطة الحكم المحدود في بعض بقايا الضفة، محمود عباس، منذ ان وصل اليها الشهيد الخالد، المؤسس ياسر عرفات، حيث خرج عشرات آلاف من سكانها في مظاهرة مع إضراب تجاري عام، تعلن رفضا صريحا، قاطعا لقانون "الضمان الاجتماعي" أو بالأدق "القهر الاجتماعي"، الذي تراه غالبية الناس جائرا ظالما، وتراه حكومة عباس غير ذلك.

المظاهرة الأوسع منذ سنوات، فرضت حضورها بقوة على المشهد الإعلامي – السياسي، وقبل ساعات من اعتلاء محمود عباس منصب "تاريخيا" لفلسطين برئاسة مجموعة الـ "77" زائد الصين، دون ان يلفت بال الخارجين الى شوارع المدينة، متحدين الأمن المحلي، غير مكترثين لمظاهر الإرهاب التي حاول بثها في المدينة، رغم أنه غاب كليا عن الحضور مع انتشار قوات جيش الاحتلال قبل ساعات لا غير، لكنه عاد ليبرز "عضلات" خالية من الدسم الوطني على بعض من اهل المدينة.

خروج عشرات آلاف هاتفين بشعار أصبح تميمة الفعل الشعبي، "هي هي سلطة حرامية"، وبلا مشاركة حزبية بارزة، رغم الصوت العالي للبعض منها، فالتخطيط والمشاركة كان "نقابيا" بامتياز، وتلك هي المفاجأة الأكبر التي يمكن تسجيلها من دلالات "الانتفاضة الشعبية" التي استخفت بها سلطة رام الله، حكومة وفصيلا "حاكما" وأجهزة أمنية.

أن تتمركز الحركة الشعبية حول ما يمكن اعتباره "لقمة الخبز" المستقبلية، وتجاهل كلي لأي مطلب سياسي، يمثل الدلالة الثانية الهامة جدا لتلك "الانتفاضة"، والتي قد لا تبقى رهنا بما حدث بل يمكنها ان تتطور سريعا خلال الأيام القادمة، ليس لوضع نهاية مشروع قانون مصاب بعوار اجتماعي كبير، بل يمكن لتلك الحركة الشعبية، ان تكون معول هام لإنهاء "فترة رامي" الحكومية، والتي باتت هدفا لبعض من قيادة فتح (م7)، وليس مستغربا ان تكون تلك الشخصيات مشجعا للحركة الشعبية، ليس حبا في مطلبها المحق، بل استغلالا لتحقيق "طموح ذاتي خاص".

أن يخرج عشرات آلاف، ولحظات قبل استلام عباس رئاسة الـ "77 + 1"، دون أن يقف البعض امام قيمة الحدث، يكشف مدى عجز فتح (م7) وإعلامها عن محاولة تأجيل حركة الغضب الشعبي العارمة "يوما" كي لا تنال إعلاميا من الحدث الأممي، وذلك مؤشر هام ان قيادة تلك الحركة لم تعد حاضرة سوى بصوت عال في الحركات العقابية ضد قطاع غزة ومعارضي سياسة عباس التي أنهكت المشروع الوطني، وتلك دلالة ثالثة لقيمة الانتفاضة الشعبية.

التحرك الشعبي الأوسع في رام الله، منذ سنوات، وبعد "غزوة جيش الاحتلال" للمدينة وأحيائها، ومصادرة كل كاميرات نصبت، لاستخدامها لاحقا بملاحقة حركات المواطنين، خدمة للأمن الإسرائيلي، كجزء من خطة فرض السيادة اللاحقة، دون أن يقف المتظاهرون أمام خطر التطورات السياسية – الأمنية المعادية، ليس سوى عجز كامل للفصيل "الحاكم"، مؤسسة وأجهزة أمنية وإعلامية، وذلك دلالة رابعة، يجب ان يقف الجميع امامها، وليس فقط "التيار العباسي".

"انتفاضة الخبز الشعبية"، لن تمر مرورا عابرا، وستترك أثرها في الحياة أعمق كثيرا مما تعتقد "المؤسسة الحاكمة" عنوة في بقايا الضفة، فمن يكسر حاجز "الإرهاب الأمني المشترك" يمكنه ان يكسر كل "حواجز الخوف"، وتلك دلالة خامسة.

ما قبل "انتفاضة 15 يناير" 2019 شيء وما بعدها شيء آخر، وكل محاولات تجميلية لقانون "القهر الاجتماعي"، لن يمثل عربة انقاذ لحكومة باتت في مصاف الخصم الشعبي، والخيار سيكون بين حالتين، "اسقاط قانون القهر الاجتماعي" او "اسقاط حكومة القهر الشعبي"!

شرارة الغضب الاجتماعي انطلقت...ولكنها قد لا تقف عند حدودها العلنية فقط، لمن لا يريد أن يدرك عمق الغضب الشعبي!

ملاحظة: صفعة كبرى وجهتها محكمة فلسطينية بعد رفضها إجراءات تعيين أحمد براك نائبا عاما...بالمعنى العام تلك "فضيحة" كفيلة بمحاسبة المسؤولين عن تلك "الفعلة"، طبعا في بلاد حكم "الأمن المشترك"، اذن من طين وأخرى من عجين...مهلا آل عباس!

تنويه خاص: وقعت حماس في سقطة كبرى، بعد ان قامت بتسريب حصار أمنها لمقر دولي بحثا عن "جاسوس إسرائيلي" دخل مع بعثة ديبلوماسية أجنبية، تسريب هدفه ليس الحفاظ على الأمن الداخلي بقدر استعراض القوة الأمنية...الفرق كبير يا هؤلاء!

اخر الأخبار