لابد من الحقيقة الصارخة ..

تابعنا على:   16:49 2019-01-21

يونس العموري

اعتقد أن من حق الشعب الفلسطيني أن تصارحه زعاماته وقيادته على مختلف توجهاتها ومشاربها الأيدلوجية والسياسية وانتماءاتها الفصائلية الحزبية أن تصارحه بالحقيقة وحقائقها وتفاصيل هذه الحقيقة التي تحول دون انجاز ايا من الاهداف الوطنية الفلسطينية، وتراجع المشروع الوطني، وأقلها تلك المتمثلة بانجاز المصالحة وانهاء الانقسام ، الذي أضحى يوما بعد يوم هدفا بعيد المنال، ذاك الإنجاز الذي من الممكن تلخيصه بتحقيق الحد الأدنى والتفاهمات الوطنية من خلال البرنامج الوطني السياسي المتفق عليه، من قبل الكل الفلسطيني ، إن هذا الشعب الذي أوصل الكل إلى سدة التصرف برقبته والكلام باسمه والحديث نيابة عن وجعه، يجد نفسه اليوم تائها حائرا، ما بين هذه الصراعات بل انه يجد نفسه مغيبا تماما عن الحقيقة ومفاعيلها، وهو المعني المباشر، والكل يدعي انه يحظى بالدعم الجماهيري والشعبي، وأول من يدفع ثمن تغيب الحقيقة هو الشعب.

بل انه وجد نفسه متهما يسكن في كريات اربعة ، ووجد نفسه موصوفا ( بالبين ) ... ووجد نفسه ان حاول ان يعترض او يعاكس وجهة النظر الاخرى صاحب اجندات مشبوهة وقد يكون متوطأ والتوطأ هنا له علاقة بمعاكسة الرأي ووجهة النظر بصرف النظر عن ذاك الرأي او جعججة الكلام.

فباسم الشعب وباسم المقهورين المهمشين من حسابات الكبار أدعى الكلام... وادعي الحديث
فبلا شك أن ما آلت وما ستؤول إليه الأوضاع في الأراضي الفلسطينية تقع في إطار عملية التخريب العبثي لكل انجازات الجماهير لفلسطينية على مدار سني كفاحه ونضاله ضد الاحتلال وممارسته، وبالنهاية يتحول هذا الشعب رويدا رويدا إلى مجرد متسول على أبواب الحكام ليستجدي قوت يومه. والسجال الفلسطيني ضمن قوانين لعبة الكبار يتواصل بشكل عبثي لا طائل منه، ولا منفعة تعود على الناس الغلبانة بالمطلق ، هكذا أضحت هي الحالة الفلسطينية، وكأن هناك طرفان يتصارعان على مغانم السلطة و الواقع أن لا مغانم تذكر ولا سلطة فعلية من الممكن التنازع أو التصارع عليها وهم يعلمون هذا حق العلم ، الكل صار معني بإنقاذ الواقع الفلسطيني من الانهيار، واقصد هنا بالكل (القوى الإقليمية والدولية) ذات المصالح الإستراتيجية في المنطقة على اعتبار أنهم يعون ويعلمون حق العلم ما معنى انهيار السلطة أو معنى تفكيك وحل السلطة وهو البديل الواحد والوحيد المتبقي إذ لم يتم الاتفاق على منظومة المفاهيم السلطوية الحاكمة (إذا ما جاز التعبير) واذا ما اعتبرنا أن السلطة الوطنية الفلسطينية حاكمة بأمرها في الأراضي الفلسطينية.

دعونا نتصارح بالحقيقة ونصارح شعبنا بهذه الحقيقة وان كانت صادمة أو مرة إلا أنها بالنهاية هي الحقيقة ، فهل بالفعل السلطة الوطنية الفلسطينية حاكمها ومتحكمة بكبائر أو حتى صغائر الأمور في فلسطين بشقي السلطة الحاكمة للجغرافيا الفلسطينية المُقسمة والتي باتت منفصلة .. ؟؟؟ وهل تملك هذه السلطة بمختلف أجهزتها ومؤسساتها ودوائرها سلطة اتخاذ القرار الفعلي والمستقل .. ؟؟ أم أنها مجرد وسيط ما بين هذا الطرف وذاك الطرف وتنفذ فقط ما يتم إملائه من قبل الآخرين..؟؟ هل نملك سلطة قادرة على محاكاة قضايا الناس والشعب.. وان يعيشوا بكرامة بحدودها الدنيا ...؟؟ أم إننا نعيش الأكذوبة الكبرى فقط.. ؟؟ نسمي سلطتنا بالوطنية ونحاول أن نسوقها على أنها دولة مالكة لسلطة القرار والواقع عكس ذلك تمام.

فقوة عسكرية إسرائيلية احتلالية بإمكانها وبأقل من ساعة أن تعبر وتدخل إلى وسط مدينة رام الله ، المفترض أنها عاصمة السلطة وان تعبث فيها كما تشاء وان تمارس أيا من ممارستها... والمعابر تتحكم فيها سلطات الاحتلال الإسرائيلية بشكل أو بأخر ... والقائمة طويلة ونعلمها ونعرفها.... ولكن أن نكذب على أنفسنا وان نعتبر أن لنا دولة ولنا سلطة ولها الكثير من المغانم وان يندلع الصراع حول هذه المغانم وهذه المكاسب فهذا هو التزوير للحقائق بأم عينها... فلماذا لا يطلع علينا كل أمراء الواقع الراهن ويصارحون الشعب بالحقيقة ويقولوا له أن منظومة القوى والفصائل الفلسطينية قد أخفقت بالتعاطي وشأنكم... وأنها غير قادرة على تحمل مسؤولياتها.. وان تضارب وتناقض المفاهيم ما بين أقطاب ما يسمى بالقوى والفصائل والحركة الوطنية جمعاء يحول دون التوصل إلى تفاهمات وطنية حقيقية... وان ممارسات الاحتلال والمجتمع الدولي على مختلف قواه وأقطابه قد قوضت أركان الحكم الفلسطيني السلطوي ... وان لا أمل ومن خلال هذه المسالك أن نتعاطى بالشأن السلطوي.. وان فلسطين بكاملها من بحرها حتى نهرها بضفتها وقطاعها.

ما زالت تحت مرمى النيران الإسرائيلية وأنها محتلة بالكامل وان السلطة وهي صنيعة اتفاقات السلام ومعاهدات ومواثيق الاتفاقات الإسرائيلية الفلسطينية بطريقها للانهيار جراء فض العهود والاتفاقات وعدم الإلتزم فيها من قبل الجانب الإسرائيلي.. وبالتالي لا بديل عن حل هذه السلطة وتحميل الاحتلال مسؤولياته كاملة اتجاه الإقليم المُحتل والشعب المُحتل... وبالتالي أن تعود القوى الوطنية والإسلامية إلى خنادقها وقواعدها... وان يكون التعاطي مع القضية الفلسطينية وفقا لبرامج هذه القوى والفصائل...
إن الشعب والناس الغلبانة التي تنتظر الفرج بحاجة إلى مصارحة حقيقية والى وقفة ضميرية مع الذات من قبل مسؤولي وقائع الواقع اللحظي الراهن .. ليقال لهم أن لا جدوى من معطيات وقوانين هذه المرحلة ولابد من اعادة التمركز ، وان الكل قد أخفق بالتعاطي وقضاياكم وان المسئول عن هذا الإخفاق هو الاحتلال أولا والمجتمع الدولي وعدم انجاز تفاهماتنا وعلى الشعب حينهما أن يقرر واعتقد انه قادر على التقرير والعودة إلى إمساك زمام المبادرة من جديد واللبيب بالإشارة يفهم.

ولتكن المبادرة بالعودة الى الجذو ومواجهة المخططات الإسرائيلية وارتباطاتها وتحالفاتها الاقليمية والدولية الهادفة لضرب المشروع الوطني وتصفية الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني بالعودة وتقرير المصير والحرية من الاحتلال.

لابد من ان تكون الحقيقة صارخة واضحة بعد فشل المشاريع التفاوضية وتلك المسماة بالاشتباك الدبلوماسي والقانوني في المحافل الدولية ، ولابد هنا من الاعتراف ان ثمة خلل وتشويه قد اصاب مفاهيم المقاومة بمختلف اشكالها واساليبها جراء الكثير من العوامل لعل ابرزها فقدان الثقة ما بين الجماهير وكل التشكيلات التنظيمية والفصائلية على اعتبار ان منهج المقاومة قد عبر فسرا في دهاليز صناعة الانقسام واضحى مادة دسمة للمزاوادة والمزايدة وضرب منهاج الأخر بمختلف تنوعاتها ، وهنا لابد من اعادة ترميم مفاهيم العمل الوطني والاحتكام لقوانين مرحلة التحرر وتداعياتها.

اخر الأخبار