الأسرى ليسوا مزاداً سهلاً

تابعنا على:   16:44 2019-01-23

عمر حلمي الغول

في خضم معركة الإنتخابات الجاري الإستعداد لها لجأت قوى اليمين واليمين المتطرف الصهيوني الحاكمة لإستباحة الدم الفلسطيني، وإستعماله ورقة رابحة في إستقطاب اصوات الناخبين الإسرائيليين. ففتحت قبل يومين معركة ضد اسرى الحرية، لفرض قيود إضافية عليهم، وممارسة إنتهاكات عنصرية أكثر وحشية ضد الأبطال من أطفال ونساء وشيوخ وشباب في تلك الباستيلات، وقامت قوات خاصة تحت مسميات مختلفة (شمشون، والمتسادا .. إلخ) بإقتحام أقسام سجن عوفر في ساعات الفجر، وإعتدت على الأسرى دون سابق إنذار في معركة غير متوازنة مع فرسان الحرية، وأوقعت بينهم حوالي 150 إصابة، نقل العشرات منهم للمستشفيات، ثم أعيدوا ثانية قبل إتمام علاجهم للأقسام. 

وبدأت العملية الإرهابية الإسرائيلية بالتركيز على سجون نفحة وجلبوع بالإضافة لعوفر. وعلى إثر ذلك أعلن أسرى الحرية الإمتناع عن الأعمال اليومية في السجون، وأعادوا الطعام لإدارة سلطات السجون الصهيونية. ومازالت المعركة في بداياتها، لا سيما وان قادة الإئتلاف الحكومي يراهنوا على حصد أصوات أعلى، كلما تضاعفت جرائمهم ضد المعتقلين الفلسطينيين، لإن إرهابهم الوحشي يستجلب رائحة الدم والجريمة المنظمة، ويفتح شهية العنصريون الصهاينة لمزيد من التغول ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني داخل ساحة السجون وفي السجون العامة الأكبر، اي في المحافظات والمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية. 

ولكن ووفق التجربة التاريخية على مدار ما يزيد على النصف قرن من الإستعمار الإسرائيلي لإراضي دولة فلسطين لم تفلح قوى الإستعمار في كسر شوكة ابطال الحرية، لا بل في كل مرة من المواجهات، كان الأسرى البواسل يخرجوا منتصرين، ويرغموا قادة دولة البغي والإرهاب المنظم على الإستسلام لمطالبهم، ويفرضوا اجندتهم واهدافهم. وهذة المرة لن تكون معركة سهلة، ولن يحقق منها أردان، ولا نتنياهو ولا كل اللصوص القتلة ومصاصي الدماء الصهاينة من أضرابهم اي من النتائج، التي يحلمون بها. لإن ابطال الاسر لهم بالمرصاد، ولإن التجربة الكفاحية صقلتهم، وزادتهم خبرة وحكمة في إدارة المعارك مع سلطات السجون، ومن يقف خلفها من المستويين السياسي والعسكري. ووفق المعطيات الراشحة من داخل السجون، فإن قيادات وممثلي الفصائل الفلسطينية تداعوا لإجتماع عاجل داخل السجون لتدارس مواجهة التحدي المفروض عليهم، ولقطع الطريق على قادة الإئتلاف اليميني المتطرف الحاكم. وبالضرورة سيخلصوا للنتائج والقرارات الكفيلة برد كيد المستعمرين إلى نحورهم.

في السياق، فإن معركة الأسرى ليست معزولة عن معركة الشعب  بكل تجمعاته في الوطن والشتات، الأمر الذي يفرض على الكل الفلسطيني تحمل مسؤولياته للدفاع عن اسرى الحرية من خلال وضع برنامج كفاحي يومي في كل محافظات الوطن الفلسطيني وفي داخل الداخل والشتات، لترتقي الجهود الوطنية مع كفاح ابطال الحرية في باستيلات إسرائيل المارقة والخارجة على القانون، وتشكل إضافة نوعية لمعركتهم الشجاعة. 

وبالإضافة للمعركة الشعبية، هناك المعارك القانونية والسياسية والديبلوماسية على المستويات العربية والإسلامية والأممية، حيث يفترض ان طرح قضية الأسرى  على كل الصعد والمستويات، لا سيما وانها قضية حاضرة بفعل الإنتهاكات الإسرائيلية الخطيرة ضدهم، ويجري نقل تداعياتها من داخل السجون الإستعمارية مباشرة، وهي بالضرورة مطروحة على طاولة الأمين العام للأمم المتحدة، غوتيرش ليتحمل والمنظمة الدولية مسؤوليته في تأمين الحماية الدولية لإبناء الشعب العربي الفلسطيني داخل السجون الصغيرة والكبيرة

معركة الأسرى الأبطال لن تكون مزادا سهلا للصهاينة المجرمين، ولن تمر سياساتهم وإنتهاكاتهم العنصرية مرور الكرام، وسيكون الثمن غاليا وغاليا جدا، والأسرى كفيلون في الساعات والأيام القادمة بتلقين سلطات السجون درسا جديدا في النضال، لن يكون أقل جدارة من الدروس الكفاحية الماضية.

اخر الأخبار