26 شخصا يتحكمون في العالم

تابعنا على:   17:42 2019-01-23

صالح عوض

قبل التطرق الى تلك المجموعة المكونة من 26 شخصا التي تمتلك نصف ثروة البشر وكيف توجه الحياة وتصنع مستقبل البشرية وواقعها.. قبل ذلك من المهم القاء نظرة سريعة على واقع الدولة في العالم.
في أوربا تمركزت الدولة وقد نضجت فكرتها وواقعها وأصبحت تمتلك كل شيء بيدها لدرجة يمكن القول بأنها وصلت الى مرحلة ديكتاتورية الدولة وفي محاولة دءوبة تحاول الإجابة على تحدي التطورات السياسية والاقتصادية للمحافظة على نمط الدولة الغربية فتنجح أحيانا وتفشل أحيانا أخرى الأمر الذي قد يتسرب إلى المجتمع فينفر منه وتنفجر كوامن الغضب على النظام كله في مظاهرات كالتي نشاهدها في فرنسا وبعض الدول الأوربية.. ويجد بعض الغربيين ضرورة التحلل من سلطان ديكتاتورية الدولة فنرى مظاهر ذلك في ظواهر اجتماعية وثقافية فوضوية.
ولكن في بلادنا العربية لازلنا دون مستوى الدولة فلا زالت عصبيات تتحكم بدواليب الحياة في البلد من نظام قبلي وعشائري الى نظام أيديولوجي او حزبي الى نظام يعتمد فئة من فئات البلد سياسية او أمنية ولا نزال في معظم البلدان العربية دون مستوى الدولة ونرى ان سلطان الدولة هش ضعيف اذا ما واجه أي حراك داخلي يصبح في محل الخطر بل والانهيار.. فأصبح النظام هو الدولة، بسقوطه تسقط الدولة ومن هنا أصبحت الحياة بكل عناوينها مهددة.
ولكن في أمريكا تبدو الأمور قد تجاوزت مرحلة الدولة .. فالولايات المتحدة الأمريكية أصبحت تسير من قبل قوى رأسمالية ضخمة وأصبحت الدولة مجرد أداة بيد تلك القوى تحقق مصالح تلك القوى على حساب جيب المواطن والضرائب المتصاعدة عليه.. فالدولة قائمة بمؤسساتها الفاعلة جميعا ولكنها مقيدة من خلف ستار بحكومة سرية.
في مرحلة ما بعد الدولة تتركز الثروة بيد مجموعة من البشر يشكلون اليوم الحكومة السرية التي تخطط لكل شيء في العالم للحرب والسلم وتصنع أفكار وتكون جماعات ورأي عام ولها عالمها الخاص.
في ظل هذه النماذج يخشى تماما من بروز نموذج سياسي جديد للدولة والحكم .. والعلاقة هنا لها جذور ثقافية مع الحضارة الرومانية والحضارة الاسلامية وتطوراتهما اللتين عمرتا كثيرا وكان لكل منهما مرجعية ثقافية في بناء الدولة تعتبر الدولة الغربية المعاصرة تطويرا لها في عناوينها الاساسية.. الا ان الحضارة الاسلامية تفقد اليوم النموذج السياسي الجامع للامة في نظام حكم يتوازن بين الدولة والثورة ومن هنا يكون الخوف لاساتراتيجي من احتمال تقديم الامة الاسلامية "1500" مليون مسلم يشكلون اخطر مساحات في الكون يتوسطونه ويمتلكون ثرواته الطبيعية.. من هنا كما يصعب الحديث عن وجود فكرة نظام حكم حضاري للامة مجسدة في واقع عليهاجماع الامة فانه من الصعب كذلك ان يضع دهاقنة الغرب رؤوسهم في الرمال فلا يتحسبون للامر وخطورته.
ا عهد الدولة الغربية في اخر مراحله.. وجاء عهد عصابات المال المتحكمة في حياة البشر ولكن بطريقة سرية وخطيرة ..
وفي تقرير لها قبل يومين قالت مؤسسة أوكسفام الخيرية الدولية إن أغنى 26 شخصاً في العالم يملكون ما يعادل نصف ثروة سكان الكرة الأرضية.
وذكر التقرير الذي أعد بين يدي مؤتمر دافوس أن معدل ارتفاع ثروة هذه المجموعة في سنة 2018 بلغ ما قيمته 2.5 مليار دولار يوميا.. وتتحرك هذه المجموعة والتي يمثل الأمريكان فيها النسبة الأكبر متجاوزة القيم والأعراف و هي تقف وراء كل الأوضاع الكبرى في العالم.. كما انها لا تتقيد في استثماراتها ببقعة معينة فهي تسيطر على دول ومؤسسات ولقد كانت دولة الولايات المتحدة الأمريكية رهينة لمجموعة كبار المليارات في قطاعي النفط والمجمع الصناعي العسكري.
من خلال دراسات لميزانيات كثير من الدول الإفريقية او دول العالم المستضعف نكتشف انها لا تصل الى جزء من ثروات بعض الأشخاص في هذه المجموعة والتي تنعث بالحكومة السرية المتنفذة في العالم فحسب التقرير فإن ثروة أغنى رجل في العالم، وهو الرئيس التنفيذي لشركة أمازون -جيف بيزوس-، ارتفعت إلى 112 مليار دولار العام الماضي، مشيرة إلى أن واحد في المائة فقط من ثروته يعادل الميزانية المخصصة لقطاع الصحة في إثيوبيا، التي يبلغ عدد سكانها 105 مليون نسمة.
الخطورة تكمن في ان الازدياد في معدلات الربح لهذه المجموعة يقابلها انخفاض بنسبة 11 بالمائة العام الفائت من ثروة 3.8 مليار شخص هم من يشكل النصف الأفقر من تعداد البشر.. مما يعني اطراد زيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء والمسألة ذاهبة في مزيد من التمزق الكوني وتهيئة الظروف للاضطرابات الكبرى في العالم.
ومن الواضح ان هذه المجموعة تمارس من خلال نفوذها تهربا ضريبيا وقد سجلت سجلات الضرائب تراجع الجبايات الضريبة برغم ارتفاع المدخولات مما يفتح على المجتمعات أبواب من الاحتياجات التي أصبحت مهددة في إمكانية استمرارها بالجودة نفسها وببساطة يمكن رصد أكثر من 10 آلاف شخص يموتون جراء عدم حصولهم على رعاية صحية بتكلفة معقولة
وأشارت المنظمة إلى أن مطالبة الأغنياء بدفع 0.5 في المائة فقط كضرائب إضافية على ثرواتهم "يمكن أن يجمع أمولا تفوق الأموال المطلوبة لتعليم 262 مليون طفل خارج المدارس وتوفير الرعاية الصحية التي يمكن أن تنقذ حياة 3.3 مليون شخص".
ان هذه المجموعة اليوم هي من يقرر مصير وواقع البشرية ويتحكم في كل شيء من اجل استمرار تدفق الإرباح.. فالنفط والسياحة و صناعة السلاح والدواء وصناعة المعلومات، كل هذا أصبح ضمن ملفات يتوافق عليها أبناء الجماعة الدولية ويتقاسموا الإرباح لكي يستمر تدفق الربح عليهم..

اخر الأخبار